إعلان
إعلان

عن منشآتنا الصغيرة!. بقلم : زياد غصن

#سفيربرس

إعلان

كما هو الحال مع كل قانون أو مرسوم يصدر، يستنفر الإعلام المحلي لأسابيع في الحديث عن مضمون التشريع الجديد وأهميته، ثم تعود الأمور بعد فترة إلى سياقها المعتاد.

طبعاً هذا الاستنفار ينجح في أماكن معينة وهي قليلة للأسف، ويفشل في أخرى بسبب سطحية التناول، الشخصيات المختارة، الطابع النظري الذي يغلب على الحديث دوماً، عدم واقعية الطروحات والأفكار، والأهم هامش الحرية المتاح في تناول الملف.

وهذا ربما ما ينطبق على المقاربة الإعلامية للقانون رقم 8 الصادر مؤخراً، و الذي يسمح بإحداث مؤسسات مصرفية متكاملة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

أعتقد، وقد يتفق معي البعض في ذلك، أن الغاية من فتح حوار حول القانون الجديد ليس هدفه الإشادة بمضمون القانون الجديد، ولا التعريف بأهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة للاقتصاد الوطني، ولا رسم صورة “تجميلية” للواقع بعد صدور القانون… وإنما المطلوب شيء آخر تماماً.

فتنفيذ القانون المذكور والوصول إلى تحقيق الأهداف التي صدر من أجلها يحتاج إلى أمرين:

-معرفة البيئة التي سيعمل بها، وهنا تكمن إسهامات الحوار والنقاش في تسليط الضوء على التحديات والصعوبات التي تحتاج إلى معالجة حكومية سريعة بالتوازي مع دخول القانون حيز التنفيذ، وهناك تجارب سابقة يمكن الاستفادة من نتائجها بدءاً من تجربة هيئة مكافحة البطالة مطلع العقد الأول من القرن الحالي إلى هيئة تنمية المشروعات الصغيرة، فعمل المؤسسات والجهات الأهلية وبعض الجمعيات الخيرية.

وما يدعم هذا التوجه هو النتائج الأولية التي خلص إليها مسح المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الذي أجراه المكتب المركزي للإحصاء بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، فقد أشارت النتائج غير المنشورة إلى أن 60.4% فقط من المنشآت الصغيرة والمتوسطة العاملة في ثلاث محافظات (حلب، حماة، وحمص) تعمل بشكل كامل، والأهم أن نسبة المنشآت التي تعمل من دون ترخيص تصل نسبتها في تلك المحافظات إلى حوالي 34.5%.

وتظهر النتائج الأولية كذلك أن 70.3% من المنشآت الصغيرة والمتوسطة الموجودة في خمس محافظات أخرى (دمشق، ريف دمشق، اللاذقية، طرطوس، والسويداء) ليس لديها مكان مستقل للعمل، وأن 58.2% فقط من المنشآت تعمل بشكل دائم…!

-الأمر الثاني يتمثل في ماهية المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تحتاجها البلاد في هذه المرحلة. فمثلاً هل الأفضل أن ننتقل إلى تجربة التعاونيات الصغيرة المناطقية بشكل يكمل ويدعم خطط التنمية على مستوى الإقليم، أو أن الأفضل هو الاستمرار بتجربة المشروعات الأسرية الصغيرة التقليدية من تربية الثروة الحيوانية إلى افتتاح مهن حرفية وتعليمها؟ وفي أي القطاعات يفترض أن يتوجه الاهتمام والتشجيع؟…. وغير ذلك من التساؤلات.

بحسب البيانات الأولية للمسح المذكور، فإن 60.54% من المنشآت الموجودة في المحافظات الخمس المذكورة سابقاً هي منشآت تجارة جملة ومفرق، 23.6% أنشطة خدمية، 11.43% صناعة وطاقة، 1.15% زراعة وصيد، 1.03 % نقل، و0.85% بناء وتشييد… فهل هذه تركيبة قطاعية مناسبة في مثل الظروف الاقتصادية الحالية؟ وفي حال كانت الرغبة التركيز على المنشآت الإنتاجية في جميع القطاعات فما هي الخطوات المطلوبة لتحقيق ذلك؟

ولا ننسى أيضاً أن الوقوف على الفشل بأهمية استعراض النجاح، فمقابل تسليط الضوء على بعض النماذج الناجحة من المشروعات الصغيرة في العديد من المحافظات، علينا أن نبحث في الوقت نفسه عن الأسباب الحقيقية لفشل مشروعات أخرى وتعثرها كي لا يتكرر الفشل مرة أخرى هنا أوهناك، أو نسمح للعوامل والظروف بعرقلة مرحلة جديدة في مسيرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

نعم… ليس الأمر بتلك السهولة التي يصورها البعض في إطلالاته الإعلامية، فالنجاح في الوصول إلى الشريحة المستهدفة ومساعدتها على اختيار مشروع مجد اقتصادي وتنفيذه يحتاجان إلى جهود شخصية ومؤسساتية غير معتادة، كما أن إقناع الوحدات الإدارية والمجتمعية بأهمية مساعدة ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وحمايتها من الروتين والإجراءات البيروقراطية يشكل ضمانة أكيدة لنجاح المشروع.

#سفيربرس _ بقلم  : زياد غصن  _ فيكنس

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *