إعلان
إعلان

كيدزانيا والهوية المهنية.. بقلم : د.محمد عفيف القرفان

#سفيربرس

إعلان

كيدزانيا هي فكرة مدينة الملاهي الخاصة بالأطفال التي جمعت بين الترفيه الطفولي ومحاولة اكتشاف الهوية المهنية مبكراً، حيث تستقطب سنويا ملايين الأطفال لكي يلعبوا مستخدمين مهن الكبار في محاكاة تقرب المسافة بين عقل الطفل وطبيعة المهنة التي يرغب بها مستقبلاً. الجميل في هذه الفكرة أنها تضع الطفل في أجواء المهنة التي يختارها وتمكّنه من جميع وسائلها وأدواتها، ابتداء من الأزياء الخاصة بالمهنة مرورا بالأجهزة والمعدات اللازمة حسب كل مهنة وصولاً إلى تمثيل الحالات العملية والنقود والكوبونات وكل ما من شأنه أن يضع الطفل في مقاربة تحاكي الواقع.

هذه التجربة تضع الطفل مبكراً أمام الاختيار المهني، الأمر الذي سيساعده على استشراف ذلك المستقبل “البعيد”. ليس ذلك وحسب، إنها تجربة ثرية ومليئة بالمتعة إذ يعمد العاملون في هذه الملاهي وضع الطفل على مسار مهني طفولي يبدأ بعملية اتخاذ قرار اختيار المهنة ثم يخضع الطفل لتحديات عادة ما يواجهها أصحاب المهنة الحقيقيون. سيكتشف الطفل الذي اختار مهنة الاطفائي بأن طبيعة ذلك العمل تنطوي على صعوبة من خلال التعامل مع المخاطر والحرائق وغيرها وربما يكتشف بذات اللحظة الرسالة السامية لهذه الوظيفة. أما الطفلة التي اختارت أن تصبح ممرضة ستقوم بحقن الإبرة لمجسَّم أعد خصيصا لهذا الغرض ومن الممكن أن تكتشف بأن هذا الأمر ليس ما كانت تفكر به عندما اتخذت القرار المهني “الكيدزاني”.

إنها محاولة رائعة لصناعة هوية مهنية للأطفال في سن مبكرة، ومن الممكن أن تنتقل هذه المحاولة إلى غرس حب تلك المهنة لدى الأطفال الذين قد يشكلون صورة مشرقة عن ذلك التخصص المهني. ليس الأمر بهذه البساطة فقد ذكرتُ في مقالات سابقة أن التعلق بهوية مهنية يتأثر بحسب طبيعة المرحلة العمرية التي يمر بها الطالب؛ ففي مرحلة الطفولة يمكن أن تتشكل هوية مهنية ثم تتغير في المرحلة الثانوية وكذلك الأمر في المرحلة الجامعية وهكذا.. لكن تبقى حقيقة أن تشكُّل الهوية المهنية مهم في البداية ولا بأس من التغيير فيما بعد لأن ذلك يعطي نضجاً للقرار الذي سيتم اتخاذه لاحقاً.

يمكننا أن نحدد العاملين الحاسمين في تحديد الهوية المهنية مبكراً، فذلك يساعد الطالب على اتخاذ قرار التخصص الجامعي بثقة:

العامل الأول
الميل الفطري
عندما يجد الطالب نفسه يميل إلى تخصص دون غيره ودون أن يعرف السبب في ذلك، حيث يميل طالب إلى الميكانيك وآخر إلى الصحة وثالث إلى الأدب ورابع إلى العلوم الإنسانية، إذ يعود ذلك إلى جينات وراثية في العائلة تجاه ذلك التخصص.

العامل الثاني
الاكتساب
يعيش الطالب في بيئة تشجع على تخصص دون غيره، كأن يكون الوسط الاجتماعي الذي يعيش به يمارس مهنة معينة فينتقل ذلك إلى الطالب من خلال الاكتساب؛ فإذا وجد الطفل نفسه بين محلات بيع المجوهرات سيزيد اهتمامه بهذا التخصص، وإذا كان يعيش في مجتمع سائقي الشاحنات سيتأثر بهذا التخصص بطبيعة الحال وهكذا..

إن تحديد الهوية المهنية مبكراً أو على الأقل رسم ملامحها سيساعد الطالب على أن يكون حاسما في قراره عندما يتعلق الأمر باختيار التخصص الدراسي الجامعي، الذي بدوره ينعكس على الهوية المهنية لاحقا. هنا ندرك أهمية توجيه الطفل لما يرغب أن يكون حاله عليه مهنياً، وما فكرة “كيدزانيا” إلا محاولة معتبرة في هذا الاتجاه.

# سفيربرس بقلم : المدرب المايسترو الدكتور محمد عفيف القرفان _ الكويت
#حدد_تخصصك_الجامعي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *