إعلان
إعلان

كتب الإعلامي والمخرج نورس برّو : تونُس.. نحبّك كما عهدناك خضراء

#سفيربرس

إعلان

“يا أرض خضراء، تفاحة تتموج في الضوء والماء، خضراء.

ليلك أخضر، فجرك أخضر، فلتزرعيني برفقٍ، برفق يد الأم في حفنة من هواء.”
ما كتبه محمود درويش يوماً في مديح من يهوى “فلسطين” أخت “تونس” في العروبة والفداء، لا يستثني الخضراء..
كيف ذلك وهو من قال فيها:
شكراً لتونس. أَرْجَعَتنْي سالماً من
حبها، فبكيتُ بين نسائها في المسرح
البلديِّ حين تملِّصَ المعنى من الكلمات.

كُنْتُ أودِّعُ الصيفَ الأخيرَ كما يودِّعُ
شاعرٌ أُغنيةً غَزَلِيَّةً: ماذا سأكتبُ
بعدها لحبيبةٍ أُخرى …. إذا أَحببتُ؟

ونحن نعلم أيضاً بأن المدن الفقيرة إذ ترتكِ على عشاقها، فتونس الخضراء ترتكِ على أوراقها، وإن حاولت رياح الإسلام السياسي العصف بجذورها..
فشمال افريقيا ويدها اليمنى، دمغة البربر على جبين المدنية، سكانها اللذين لا يحصون بالنسمة، بل يسربون مع كل هبة رياح حضرية ألف نسمة، لا يقولون بأن الإنسان كتاب مغلق، بل يقولون: افتح قلبك.. وكن لجيل قادم جسر معلّق…!

في “قفصة” التونسية أكتشف الإنسان الأول، وإليها وفد البربر، وعليها وقفت إمبراطورية قرطاج التي ورثت أمجاد الإمبراطورية الفينيقية، حتى جاءها “يوليوس قيصر”…
أتاها “الواندال” أتباع الفرقة الأريانية، واللذين رملّوا على يد الممالك البربرية، حتى الفترة البيزنطية، ثم الإسلامية، فدول الأغلبية والفاطمية والصنهاجية فالفترة الموحدية ودولتها الحفصية، الى الحقبة الإسبانية، فالحكم العثماني، فالحماية الفرنسية ومن ثم دولة الاستقلال في عهدة الحبيب بورقيبة، فكيف بهذا التاريخ أن ينساق وراء جماعات الإخوان الإسلامية؟!

لا بدّ أن يعود الفرع الى كلّه، والأصيل الى أصله، ولا بد ل “قيس سعيّد” أن ينفذ رغبة الشعب في العودة الى أصل الدولة المدنية، “تونس.. الجمهورية” كما وصفتها لي صديقة أندلسية: دولة حداثة ودولة علمانية..

الاشتباكات التي بدأها “حزب النهضة-الوجه العائم لحركة الإخوان” ومحاولة “الغنوشي” في الوصول الى البرلمان، جوبهت بإرادة الشعب المتحضر وبجيشٍ رفض مصطلح “الانقلاب” وردد مع شعبه: “هو تصحيح مسار”, ليسارع في المقابل “اللص اردوغان” بالشجب والإدانة لإرادة الشعب في مقابل امتداد هذ الدكتاتور التركي الصغير هناك “كما يصفه شعبه” من خلال الإخوان…
قبل هذا الأمر بأشهر قليلات و في الحادي والعشرين من آذار من العام الحالي, وقع 23 أستاذاً جامعياً في تونس بياناً مشتركاً كشفوا فيه عن موقفهم من الإخوان هناك, أتى ذلك بعد تمدد للأخيرين فاق التسع سنوات, وقالوا يومها بأن فرع تونس للاتحاد العالمي للإخوان هو جناح دعوي، وظيفته التعبئة الإيديولوجية التي يقتضيها تقسيم العالم إلى “فسطاط سلام” و “فسطاط جهاد” و”دار الحرب” و”دار الإسلام”، وتقسيم البشرية إلى مسلمين وكفار بما في ذلك البلدان العربية التي تصبح بهذا المنطق “ديار حرب” توجب “فتوحات جديدة”.
وجهة نظر تقول: أوليس هذا ما أراده الأمريكان؟!
وجهة نظر ثانية تقول: “قيس سعيّد” ليس وحيداً، بل هو جزء من حراك الإقليم، وهذا الحراك يريد ملئ فراغ “الربيع العربي” المشؤوم، “الإخوان” لم يعودوا جزءاً من المشروع الأمريكي بل أضحوا عالة عليه، وما حصل في “تونس” هزيمة ساحقة لمشروع “الإخوان” ولكن برضى أمريكي، وصكوك غفران..

ونحن لا زلنا نقول: تونس.. أنتِ منارة هذه الشعوب المقهورة في الحضارة والحداثة والمدنية والديمقراطية وحقوق الإنسان، نحبّك خضراء، فلتبقي خضراء..

#سفيربرس _ بقلم  :الإعلامي والمخرج نورس برّو

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *