إعلان
إعلان

عراة فكرياً…! بقلم : سعاد زاهر

#سفيربرس

إعلان

كل من جمع الكتب يدرك متعة فقدان الذات وسط منطق شائك، تقدمه لك الكتب المتنافرة، فقدان يتيح لك التحالف مع الزمن علك تنتزع حروفك الخاصة، حروف تنقش في مكتبة حياتك غير آيلة للنسيان…
تابعنا حتى فترة قريبة العمل على مكتباتنا الخاصة، لكن منذ عدة سنوات… بدأنا نفقد اهتمامنا بها… ليست ظروف الحياة وحدها، أو غلاء الكتب السبب الرئيسي.. بل طبيعة العصر، التغيرات التي تهاجمنا بلا توقف، ومع فقدان شغفنا بمكتباتنا، بدأت تتراخى حركة الكتاب الورقي…
ولم تعد أقدامنا تقودنا إلى تلك المكتبات العامة لنلتقط في أوقات متقاربة كنوزها…
لا أذكر المرة الأخيرة التي ذهبت خصيصاً لأزور تلك المكتبات المتناثرة وسط دمشق، ولم أدر عن مصيرها، إلا حين أعلنت مكتبة نوبل العريقة، قبل بضعة أيام إغلاق أبوابها أمام قرائها إلى الأبد…
وقع الصدمة كان كبيرأ..وكأننا اعتقدنا أن أصحاب تلك المكتبات قادرون على الوقوف وحدهم في وجه كل هذا الدفق التكنولوجي، حتى لو لم يبيعوا كتبهم، تلك الكتب التي تخفق يوماً إثر آخر في جذب زوار جدد.. بدا وكأن الأقلام استفاقت فجأة لترثي أفول زمن لن يعود مرة أخرى…
نوبل اليوم.. إلى مصير مجهول…!.
وقبلها.. ميسلون تحولت إلى مركز صرافة، واليقظة إلى محل لبيع الأحذية ومكتبة العائلة إلى صيدلية، بينما مكتبة “الزهراء” اقتسمت مكانها مع مقهى إنترنت.
على وقع هذا الإغلاق الصارخ…على وقع الابتعاد عن الورقي صوب شاشاتنا الذكية اللامعة، هل نفقد شيئا، أم إننا نساير التحديث؟.
على وقع عالم يتغير… ألا نفقد تلك الأوراق الغنية، التي علمتنا يوماً الحكمة، التأني …التفريق بين المزيف والحقيقي، بين الأنا الناقصة والنحن المتعاونة، بالابتعاد عن كل هذا التعربش الفكري الممتلئ…ألا ندخل عراة فكريا، إلا من ورقة التوت….؟.
ما الذي سيحدث بعد…؟.
أي الأمكنة سيبقى وأيها سيغلق..
ونحن هل سنبقى أنفسنا..أو سنشعر أننا زائلون بالمعنى الروحي والفكري…لا المعنى الفيزيائي…
لست أدري إن كان هذا الزمن اللامتناهي في تراخيه، سيجعل لحضورنا البشري خصوصية، ونحن لم نشهد أواناً يحتفي بالتسطيح كما يفعل وقتنا الحالي…
هل علينا أن نراقب بصمت…أو نستسلم أو نعارك…؟.
نحن الذين عشنا عمراً لا يستهان به في زمن احتفى بمعانٍ وقيم مغايرة…ولكننا اليوم نشهد أفوله..هل هذا يعني أن وقتنا قد ولى..؟.
أو أننا سنشبه شخصاً هجيناً يتأرجح بين زمنين دون أن يتخلص من عباءة الماضي أو يلتحف خيوط المستقبل.

#سفيربرس _ بقلم : سعاد زاهر 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *