كتبت نور الهدى الزاير :منطق الطير رحلة ممسرحة لأبيات روحانية في أيام قرطاج المسرحية.

“منطق الطير” واحدٌ من أهم النصوص التي يعود إليها المسرحيون في زمننا بالرغم من كثافة الروحانيات التي شككت في إمكانية مسرحت نحو أربعة آلاف وخمس مئة بيت شعر للمتصوف الفارسي فريد الدين العطار, ولكن جاءت التجارب لتثبت العكس, لتكون أشهرها أولها وهو إقتباس المخرج البريطاني بيتر بروك سنة 1979، يليه المخرج الفرنسي غي بيير كولو، في سنة 2018، أما عن النسخة التونسية فكان لجمهور أيام قرطاج المسرحية في دورته الثانية والعشرين معها موعد, حيث عرضت في إطار المسابقة الرسمية يوم الأحد الخامس من ديسمبر بمسرح الفن الرابع بالعاصمة تونس.

ورغم شدة البرد وتأخر ساعة العرض إلا أن العمل شهد إقبالا جماهريا مكثف بحضور الصحفيين والنقاد وبعض الوفود العربية المشاركة كالوفد العراقي الذي أهدى فريق العمل باقة من الورود مصحوبة بتصفيق الحاضرين المشيدين بنجاح العرض.

رحلة تراوحت بين ضخامة العرض وكثافة الروحانيات المجسدة من قبل شخصيات العمل, آمال العويني، وثريا بوغانمي، ومراد دريدي، وإسكندر براهم، وسفيان بوعجيلة، إضافة إلى المخرج نوفل عزارة.

تأخذنا الخشبة معها في رحلة طويلة, قطعتها الطيور باحثة عن ملكها السيمورغ هذا الطائر الأسطوري، المقيم في جبل قاف.
تجتمع الطيور ويتقدمها الهدهد لتقرر البحث عن ملكها، فكان عليها أن تقطع سبعة أودية غاية إدراك الجبل الأسطوري وتنصيب السيمورغ ملكا عليهم.

بدت جميع الطيور في البداية متحمسة للرحلة، لكن بعد فترة يشعر بعضها بالتعب والإجهاد فيقرر عدم مواصلة الطريق، و يتعلل البعض الآخر بعدم جدوى البحث ليقوم الهدهد في كل مرة بدعوتهم إلى الإستماتة والصبر.

هي رحلة لا تنتهي في البحث عن الآخر ظاهريا ولكنها رحلة للبحث عن الذات بالأساس عبر الأودية السبعة و هي المقامات السبعة عند الصوفية وبين الطلب، و العشق، المعرفة و الاستغناء، التوحيد، و الحيرة، الفقر والفناء يدرك الإنسان الترقي الروحي والسلام الوجدي.

منطق الطير رحلة لا نهاية لها يمرّرها عزارة من خلال مجموعة لوحات بصرية يعتمد فيها على عنصري الإضاءة واللعب الكوريغرافي، مع تقشّف في التعبير اللفظي, ذهاب وإياب بين مقولات العرض وخيال الحاضرين باحثين عن مفهوم الذائقة الروحية عوضا عن السيمورغ الذي فشلت الطيور في الوصول إليه.

#سفيربرس _ بقلم:  نور الهدى الزاير _تونس