إعلان
إعلان

في حرب الصين وأمريكا …لمن الغلبة؟. بقلم: فراس علي

#سفيربرس

إعلان

في جولته الآسيوية ومن اليابان، هدد الرئيس الأمريكي جو بايدن بالتدخل العسكري والحرب إذا فعلت الصين لتايوان ما فعله الروس بأوكرانيا، وقالت الصين إن قضية تايوان مسألة داخلية بحتة وليس لأمريكا حق التدخل فيها، وهددت بتدمير الأقمار الصناعية لـ إيلون ماسك. والسؤال المطروح من سينتصر في حال اندلعت الحرب بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية؟ وهذا سؤال عبثي فنحن نتحدث هنا عن أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، في حالة نشوب حرب بين الطرفين ليس من السهل تحديد المنتصر وإن كان الخاسر واضحاً، فهو ليس أحدهما أو كلاهما بل أكثر من ذلك بكثير.

إن طول مدة الحرب بين روسيا حليفة الصين وأوكرانيا حليفة الغرب هو ما اعتبرته واشنطن انتصاراً لها، وبينما كان الجميع ينتظر حسم العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بأسرع ما يمكن بسبب قوتها العسكرية، أحدثت المقاومة الأوكرانية مفاجأة بتصميم غير متوقع وتأخير في أهداف الروس، وتحولت الحرب إلى حرب استنزاف كانت واشنطن سعيدة بها للغاية على أمل إرهاق موسكو في هذه الحرب.

إذا كان انتصار روسيا تعطل أو تأخر وهي ثاني أقوى جيش في العالم فكيف بالصين ثالث أكبر جيش في العالم؟ خلصت كاثرين هيكس نائبة وزير الدفاع الحالية وأعضاء آخرون في لجنة مراجعة استراتيجية الدفاع الوطني، عند فحص هذا السؤال في عام 2018، إلى أن الولايات المتحدة ستخسر هذا النوع من الحرب وذلك بحسب تقرير نشر في مجلة ناشيونال انترست بعنوان “هل تخسر أمريكا حرباً ضد الصين بسبب تايوان”، كما أعلن النائب السابق لهيئة الأركان المشتركة جيمس وينفيلد ومدير وكالة المخابرات المركزية السابق مايكل مورال في عام 2021 بأنه قبل أن تتمكن واشنطن من تحديد كيفية الرد على أي تصعيد محتمل فإن الصين لديها القدرة على فرض أمر واقع في تايوان، مما يعني أن بكين ستغزو تايوان قبل أن يتمكن الأمريكيون من التفكير في كيفية الرد. علاوة على ذلك، كان نائب وزير الدفاع السابق بوب وورك أكثر تحديداً حول هذا الموضوع، موضحاً أنه في أكثر السيناريوهات الواقعية التي وضعها البنتاغون لمحاكاة حرب محتملة على تايوان، كانت النتيجة 18 صفر. وهذا يعني أنه في 18 سيناريو لحرب صينية ضد تايوان بمساندة أمريكا لتايوان، انتصرت الصين في تلك السيناريوهات.

وليست الحرب العسكرية فقط هي التي يمكن أن تخسرها أمريكا بل إنها حرب من نوع آخر. وقالت مجلة فوربس الأمريكية إن كل ما يحتاجه المواطن الأمريكي يأتي من الصين وهذا مقدمة للحديث عن الحرب الاقتصادية التي قد تندلع بين البلدين، وأن وضع الصين لن يكون مثل روسيا أي لن تتمكن واشنطن من فرض عقوبات على الصين كما فعلت مع موسكو فذلك سيكون كمن يطلق النار على قدمه، لأن الاقتصاد الأمريكي مرتبط بشكل وثيق بالاقتصاد الصيني وليس من السهل فصلهما أو الانقلاب على بعضهما البعض. لأن الصين هي أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة في السلع وثالث أكبر سوق تصدير لواردات الولايات المتحدة، ونهاية الاعتماد على أحدهما الآخر يعني فقدان ملايين العمال في البلدين وظائفهم. وستفرغ الأسواق في كلا البلدين وخاصة الولايات المتحدة من السلع الأساسية، لذا إذا انقلبت واشنطن ضد بكين سيعاني الدولار وستعاني العديد من الشركات الأمريكية من الانهيار بما في ذلك بعض المؤسسات الحكومية، فالصين هي أكبر مالك أجنبي لسندات الحكومة الأمريكية، التي تزيد قيمتها عن 1 تريليون دولار، أي ما يعادل 15٪ من الدين العام للولايات المتحدة. ومن ناحية أخرى، ستخسر الولايات المتحدة 190 مليار دولار سنوياً في قطاع التجارة، كما أنها إذا خفضت استثماراتها في الصين إلى النصف ستكون خسائرها نصف تريليون دولار، وستخسر قطاعات مثل السياحة والتعليم نحو 30 مليار دولار في السنة. قطاعات أخرى، مثل صناعة الطيران ستقترب خسائرها من 900 مليار دولار في عام 2038 إذا تم فصل الاقتصادين الآن، بالإضافة إلى ملايين الوظائف التي سيتم فقدها وطرق الشحن والتجارة التي سيتم إغلاقها بوجه أمريكا. وهذا يعني أن أي حرب اقتصادية بين الجانبين هي بمثابة انتحار للولايات المتحدة وخسائرها قد تكون أكبر من الحرب العسكرية، لذلك قد يبدو تهديد الرئيس بايدن فارغاً من معناه. لذلك لا يمكن للولايات المتحدة أن تهدد الصين بعد. ولكن على العكس من ذلك، فإن بكين هي التي تهدد واشنطن. في الآونة الأخيرة، صدرت تصريحات صينية مفادها أن الصواريخ الصينية قد تستعد لمهاجمة أقمار إيلون ماسك الصناعية، والتي يزعم الملياردير الأمريكي أنها ستبث الإنترنت للعالم مجاناً، لأن الصين تعتبر هذه الأقمار الصناعية تهديداً لأمنها القومي، وإذا فعلت الصين ذلك ونفذت تهديدها هذا يعني أن على واشنطن الرد، لكن ذلك الرد هي عاجزة حتى الآن في إثبات قدرتها على القيام به. الصين ليست روسيا وهذا معروف للأمريكيين، وهذا ما دفع بايدن للسفر إلى شرق آسيا لتعزيز تحالفه ضد بكين، كما دفع واشنطن إلى تحسين العلاقات مع السعودية والإمارات التي اتجهت شرقاً وإعادة هذه الدول إلى المدار الأمريكي. فأمريكا تعلم ما هو مقبل عليه العالم من جراء استفحال القوة الصينية وقدراتها، وقد يرى العالم لاعباً آسيوياً عملاقاً آخر، الهند، يأتي إلى الساحة الدولية بسبب توسع قدرات الصين وقوتها.

# سفيربرس _ بقلم: فراس علي _ باحث سياسي

إعلان
إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *