هزيمة الغرب بين METO و الرِدة السياسيةبقلم..: محمد فياض
#سفيربرس

يخطيء من يعتقد أن الحرب العالمية الثالثة لم تبدأ بعد..ومردنا في ذلك أن الغايات التي تسعى إلى تحقيقها الدول بعد أن تضع الحرب أوزارها هي دائما إعادة تنظيم القوة الدولية وإنتاج شركاء متنافسون على سيادة العالم ووضع محددات توزيع مناطق النفوذ واحترامها ووضع قواعد للبطش والسيطرة الإقليمية والدولية..ومادامت قد تحققت الآن إزاحة القطب الأوحد وفرض روسيا وحلفها قواعد مغايرة للإشتباك والسيطرة على مناطق المصالح فقد اندلعت الحرب العالمية الثالثة.
ليس من المهم لإعتبارها كذلك أن يتم نسف الكوكب الأرضي بالإستخدام الإستراتيجي النووي.
ولهذا أسبابه ربما على الأقل حتى الآن.. إذ أن العواصم التي امتلكت وطورت أسلحتها النووية قد تعددت بين المعسكرين.وامتلاك روسيا والصين وحدهما مايردع الناتو في المجمل من الذهاب إلى ذلك السلاح المدمر..ومايردع أوروبا الغربية وأمريكا ليس لكونهم لايمتلكون أسلحة نووية.بل لأن من يقف على الطرف الآخر من المعركة حاز العديد من الأسلحة ومنها الوقود والغذاء..ليس هذا في حد ذاته يحقق الردع بل القدرة الفائقة من الإستعداد لترجمة سلوكيات المواجهة إلى حتمية باردة عند إتخاذ القرار وإن كان قرار نسف عواصم الناتو التي يخرج منها القرار في المواجهة.ونضيف إلى ذلك فاجعة أجهزة الإستخبارات الغربية والأمريكية في عصف السيد بوتين بحزمة توقعاتهم. وصلف نشوتهم بتدمير هنا أو هناك حققته الآلة العسكرية الأمريكية الغربية ضد هذا الشعب أو ذاك عبر سنوات انفرادهم بالعالم بعد تفكك الإتحاد السوفييتي.
لكن السيد بوتين الذي قام بالتحضير الكلي لإستعادة التوازن الدولي ودفع الناتو إلى المربع اللائق لعودة التعدد القطبي راهن على جودة الضعف الأوروبي وهشاشة الحضارة الغربية ووهم القوة لديهم.
ومن أجل هذا لم يصلح مع موسكو أكثر من سبعة آلاف عقوبة إقتصادية.بل أحالها بوتين إلى ميزة في أوراق اللعبة واستفاد منها الإقتصاد الروسي بالمقارنة بالإنعكاسات السلبية على اقتصاديات الدول فارضة العقوبات.
ويخطيء من يظن أن المواجهة الكونية بدأت يوم 24 فبراير الماضي..لأن حقيقة الأمر أن المواجهة الكونية بدأت في 30 سبتمبر من العام 2015..ولم تكن المواجهة رد فعل من موسكو على التدخل الأمريكي الغربي لتغيير الحكم في كييف والذي دفع بوتين إلى ضم جزيرة القرم كخطوة أولى لإعلان عودة الدب الروسي.الرسالة التي لم تقرؤها واشنطن وحلفها.لينتقل بوتين إلى المواجهة الكونية الكبرى على الجغرافيا العربية السورية لنصرة الميثاق وقواعد القانون الدولي ضد قوات التحالف المؤلفة من 65 دولة بينهم جيوش الناتو بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والتي قررت التدخل العسكري المباشر وخارج قواعد القانون الدولي أيضاً لنجدة الأدوات الإرهابية التي تشغّلها ضد الجيش العربي السوري لجهة إسقاط سورية من أجل تل أبيب.
وهنا ذهب بوتين بقواته إلى الساحة العسكرية السورية بدعوة شرعية من الرئيس الأسد.
وكانت أمريكا قد أيقنت فشلها وفشل أدواتها في سورية وانكسار مشروعها لصالح مشروع المصالح الجيواستيراتيجية الروسية العائدة
..وبينما تواجه موسكو الناتو وتفرض على التجبر والصلف والعنجهية الغربية الأمريكية موقفاً غاية في الأهمية لمن يجيدون قراءة المشهد..فقد حدد لهم بوتين خطوطاً حمراء وكشف عوراتهم ومدى ضعفهم أمام العالم..العالم العربي تحديداً..وهذا ما أقصد.رأينا للمرة الأولى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفها الغربي يشجب ويدين.!! مارس بذل ما كانت تمارسه العواصم العربية في شأن الإعتداء على كل مصالحها.. أرضها وسيادتها..ليذهب الملك الأردني في مقابلته مع محطة سي إن بي سي الأمريكية يوم الجمعة 24 يونية المنصرم واستجابة لإملاء واشنطن الجريحة إلى الدعوة لتكوين حلف ناتو الشرق الأوسط واقترح تسميته METO ..يسعى عبد الله بن حسين لترميم الخجل الصهيوأمريكي وقبيل زيارة بايدن إلى المنطقة.. إلى الرياض بعد زيارته إلى تل أبيب..نشهد وتشهد معنا كل الشعوب العربية بل وتتضامن مع موسكو في مواجهتها وفي شرعية بوتين القيام بالعمل العسكري لأجل الأمن القومي لبلاده..والذي بتأييدنا لموقفه تنسحب شرعية عمله العسكري إلى مايمكن أن نقوم به إذا لزم الأمر في الحفاظ على أمننا القومي العربي.وكان من الأحرى أن يدعو بن حسين ملك الأردن لإحياء إتفاقية الدفاع العربي المشترك والسعي لتعديلها وتفعيلها إن لزم الأمر..لكن السعي لتضميد جراح العنجهية الأمريكية التي أصابها بوتين لتجريدها من سعارها الذي اكتوينا منه..إنما هو مسعى لتجسيد العمالة وتجديد عقود التبعية لواشنطن ومحاولة أخرى لتجديد الولاءات بعد فشله في خدمه أسياده في الحرب الكونية على سورية..وماغرفة الموك إلا حرف من حروف الخيانة والتي ماكان لها أن تنهزم إلا تحت أقدام الجندي العربي في جيشنا الأول.
لم يقرأ الملك بن حسين المشهد قراءة براجماتية عربية بل براجماتية صهيونية كانت قراءاته.ولا نراهن كثيراً على الحكام الذين اعتقدوا أنهم قد أفلتتهم واشنطن من مشروع الفوضى الخلاقة..
هل يفهم القادة الدرس الثاني من كتاب الربيع العربي المزعوم..؟!
هل تبحث العواصم عن مصالحها في منتدى آخر خلاف التبعية لواشنطن.؟!
هل تدرك الذهنية الرسمية في بلادنا أن واشنطن جريحة حرب لم يبدأ بعد التصويب على جسدها المنهك.وأن مشروعها الإمبريالي أصبح يقع خلف يوم 24 فبراير..؟؟
وهل نستوعب أن العالم يتشكل الآن فمن يأتي متأخرا لن يجد موضع قدم له على الطرقات المؤدية إلى الطاولة..وسيظل المرعوبون خارج التاريخ ولايستحقون في القادم ثمة حق في البقاء على هذه الجغرافيا..؟؟
هل ينجح العرب في الإمتحان الذي يدخله بايدن وهو يلملم خرائط فشله.أم سيرممون جراحه ويغدقون عليه بالعطايا..زيادة الإنتاج للوقود وضخ فوائض أموالهم إلى أبناء العم سام في أزمتهم..؟ . والإنصياع..صَفَا..ثم انتباه.في الطابور العسكري لحلف الشرق الأوسط للدفاع عن إسرائيل العظمى.؟!
يبدو في الإجابة الشافية على هذه التساؤلات أننا في غاية القلق .ومرجع قلقنا إختياراتنا الإستراتيجية الخاطئة لأكثر من نصف قرن وقد أوصلتنا إلى هشاشة مواقفنا وضعفنا غير المبرر..
وليس أمامنا إلا محاولة قراءة التاريخ..ففي حياة أمتنا تتكرر المواقف والإعتداءات على أرضنا وسيادتنا..ثرواتنا وكرامتنا ولم نفرض حضورنا إلا عندما قررنا بشجاعة أن نواجه..فلنواجه الآن.
وبضياع فرصة المواجهة والتي باتت مبررة لدى عدونا..إنما ستكون الهزائم متوالية..فلتكن الردة السياسية إلى ما حاربته واشنطن لأكثر من نصف قرن لدفعنا إلى طريق العمالة.
إن هزيمة الغرب باتت مؤكدة وتفكك الناتو بات على المحك..ووعي الشعوب الغربية أصبح بقدرة الإحتجاجات النامية ضد حكامها وضد واشنطن.
والعرب يستطيعون إنجاز هزيمة ساحقة للمستعمرين بالبندقية الروسية وحجز مقعدهم على الطاولة..
هل يأتي بايدن ليرى بأم عينيه وعينٓي جورج بن واشنطن مايتوقعه وتوقعته أجهزة ومراكز صناعة القرار لديه أن ردة سياسية إستعادها العرب وقرر القادة رفض إقامة ميتو..ليسقط النيتو وينهزم الغرب..؟.
#سفيربرس _ بقلم..: محمد فياض