إعلان
إعلان

كتبت سعاد زاهر: رصيد بشري

#سفير برس

إعلان

في الأيام الأخيرة لعام يمضي تشعر أن كل شيء أصبح مغبراً، وأنك تحتاج لانتقال سريع كي تتمكن من نفض الغبار والبحث عن معنى لبدايات جديدة، سرعان ما تأتي لحظة الانتقال وينتهي رصيد ” 2022″ لنستقبل عام “2023” محملاً برصيد متخم نصرّ في الأيام الأولى على صرفه جيداً، سرعان ما تنسينا عجلة الأيام الاعتيادية حذرنا، ونندمج في متاهة تضييع الوقت مجدداً، وكأن روزنامة الأيام مجرد وقت يمضي بتثاقل.
مع أولى الأيام وبدايات جديدة تتمسك بالأولويات، ولكن مع مرور الوقت تكتشف أن لا معنى لها، هناك تيار مختلف خاصة إذا كنت من جيل مضى، لم تشهد فيه بدايات رأس السنة سو ى قلم وورقة، لتكتب بضعة أسطر تشبه تقريراً توجهه إلى ذاتك تحثها على فعل شيء ما، له معنى يجعل لأيامك قيمة، بعيداً عن الاعتيادية.
اليوم مع النهاية او البداية لم تعد تتذكر تلك الأوراق، وأنت تحملق في شاشاتك الصغيرة، راحلاً من ( فيديو إلى آخر) ناسياً أن لحظات ثمينة هدرت وأنت قانع بوضعية المتفرج، لكل ما من شأنه أن يجرك إلى حالة استرخاء فكري مع مرور الوقت تعتاد الحالة ويصبح الخروج منها صعباً.
تلك الألعاب النارية التي ترفع في كل مكان، وتحول بعض الأمكنة في العالم إلى كتل نارية، ولا تهدأ قبل انتهاء الاحتفالات…
نراها في بلدنا ثقيلة ومرة ولزجة، ونحاول القفز فوقها دون أن نتماهى مع اللحظة حسياً، وننسى أي انسياق تحليلي أو فكري، لا خوفاً من الألم فقد اعتدناه، ولكن لأن لا وقت لدينا لاقتصاص ذاتي، فبعد كل ما مررنا به من عبر ودروس لا ينفع أن يمر الوقت إلا محملاً بسعيك لتحقيق أمنية ما.
لم نعد نكتفي بتحقيق الأمنيات، بل اعتنقنا فلسفة خاصة بنا، أن نفقد من رصيدنا الاستهلاكي كل عام، وأن نوزع تلك التراكمات المادية حولنا، لكل من يحتاج…
نتخلى عن الكثير من الأشياء، إلا الرصيد الروحي والإنساني والفكري، فإننا كلما دورناه نحصل على حالة جمعية يمكنها أن تصبح في القادم من الأيام هي التي تضيء أبداً ليالي الأعوام بدلاً من كل تلك الانفجارات التي مهما بلغ ثمنها لا تبقى سوى لحظات.

#سفير برس- سعاد زاهر- الثورة 

إعلان
إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *