إعلان
إعلان

الإفلاس السياسي..وتشوُّهات الإقتصاد _بقلم: محمد فياض

#سفيربرس _ القاهرة

إعلان

من يجد لديه رفاهية ممارسة الإستمتاع بالملل والقدرة على مداعبة الأوجاع الجمّة نتيجة مٱلات فلسفة الإدارة المصرية وهي تدفع المجتمع بقسوة إلى الإختيار بين كارثتين..كارثة الإستجابة لتطوير الغضب وماراكمته السياسات الإقتصادية المنحازة في الجانب الخطأ.وكارثة إنتظار الذبح الأسري والإجتماعي على شرعة لم تُقِرها الأديان السماوية..
وأنا لم أعتَد تغليف الرأي بعباءة الأديان.
لقناعتي أن الدين مُعْطَى سماوي مُقَدّس كُلِّي الصحة.والرأي مُعْطَى بشري نسبي الصحة..
لكن ماجعلني الٱن أُسَطّر هذه الكتابة في تماس مع مظلة من التدين هو أن المصريين..في مجموعهم لاتتوقف ألسنتهم عن ذكر الله والإستغفار..والتضرّع إلى الخالق سبحانه وتعالى تارةً بالدعاء بتفريج الكروب….وأخرى بالدعاء للخلاص.
وعندما أقول هنا أن هذا هو حال المصريين فأنا أعني كل المصريين..ومن يصطف خارج السرب مشكوكٌ في مصريته أو على أقل تقدير في إنتمائه ومشروعه الذي لايمكن تحقيقه إلا على جثة المشروع الوطني الذي ينشده المصريون..وينتظرون.
فمن يجد لديه جرأة الإفلات من الكارثتين ويملك وقتاً للتدقيق والمتابعة يستخلص بسهولة أننا في بلادنا لسنا بخير..
إننا لانستطيع أن نقرأ المشهد بضبابيته المفتعلة..والمقصودة للتعمية على من يتجرأ على مجرد القراءة.
لا يمكننا الإمساك بمحدّدين غاية في الأهمية في بناء الأمم.لا شكل من أشكال الإقتصاد..ولا نموذج من نماذج السياسة.
إن التلاميذ في المدارس الإقتصادية والتخطيط لا تجد صعوبة في فهم أشكال الإقتصاد ولا تحتاج إلى بذل الجهد للتعرف على البيئة الإجتماعية والثقافية التي تساهم في إستيعاب نموذج إقتصادي دون غيره ومعطيات هضمه ومؤشر النجاحات والإخفاقات..ودونما الإعتماد على ماحققه هذا الشكل الإقتصادي أو غيره في بيئة مغايرة لمجتمع مغاير يملك من المعطيات مايكفي لتحقيق الإنزياحات الكبرى..المبدئية والمتوارثة..والمستقرة وتحقيق طفرات نهضوية تُسَلّم مجتمعها لمستوى معيشي منشود..وهؤلاء التلاميذ فطٍنوا منذ عقود طويلة مضت أن صرف خطة الإقتصاد لهذا البلد ليس بالضرورة أن يكون صالحا للصرف في بلد ٱخر مهما تشابهت أو حتى تطابقت الظروف والديانات والعادات والتقاليد.
فينبغي أن نرتقي بوعينا أننا نتعامل مع البشر وليس مع الحجر.
ولم أعد أعرف عدد المرات التي تم إستيراد النماذج الإقتصادية لبلادي منذ أيام الأستاذ أنور السادات حتى الٱن.لتجريبها..رغم ديمومة فشلها في حالنا المصري الذي لا يمكن إختبار النظرية الإقتصادية والتخطيط المستورد دونما اعتبار للموقع الجغرافي والإرتباك الإقليمي بصراعاته وتحالفاته الشاذة التي تثبت هشاشتها كل بضع سنوات وتغيُّرها بتغيّر فصول السنة.
من تفكيك الصداقات وتشرزمها وحالات التشظي التي تصنع منها تحالفات للإحتراب..لاغرابة في ذلك كله _ في تقديري _ ولم تفاجؤني .
هل يملك عبقري مصري واحد أن يُصَنّف ويضع محددات واضحة للإقتصاد الرسمي لمدة عام واحد..؟!
واضعاً في اعتباره دون نسيانٍ أو تناسي ماهو الغرض المرجو وهل نصل إليه..ومٱلاته على خبز وصحة وتعليم ومسكن المصريين..المصريون الذين مولوا بناء مصر من ٱلاف السنين..؟!
أم أنه إقتصادٌ وحسب..نظرية وقالوا لنا أن نتعاطاها كعلاج..ولعشرات السنين نتجرع مرارتها…ففقعَت نهائياً مرارتنا..!!
ونتساءل هل هذا هو الأنموذج الرأسمالي..؟! .ألا تكفي نصف قرن من الفشل..!!
أهي تعليمات صندوق النقد الدولي للدولة أن تتخارج وتترك شعبها لرجال المال دونما أن تجهد أجهزتها في صياغة محددات واضحة لرجال المال لتدفعهم إلى التحول إلى رجال أعمال..ولماذا تترك لهم الحبل على الغارب وتكتفي الدولة الرسمية بتخارجها من كل أدوات الإقتصاد ومالازم ذلك لتتولى دور السمسار ( توفق راسين في حلال أو حرام.المهم الثمن المدفوع.) ..
أليس هذا خطراً خطيراً بالدولة القُطرية .؟! يسهم في تقزيمها وتفتيتها لتتجرأ عليها القوى الإقليمية والدولية.ويضاعف عشرات المرات من المسؤولية الأمنية المنوط بها جيش مصر ويضاعف من حجم المخاطر وكُلفة الحفاظ على البلاد..؟؟!
ثم من أفهَمَكُم أن أمن مصر يحميه الجيش وعتاده العسكري وتدريباته واستيعابه للأجيال المتطورة من الأسلحة..وحده الجيش منوط به ذلك..
ألم تصادفكم ( الذي أطعمهم من جوعٍ و ٱمنهم من خوف) .؟!
هل يدخل الجيش في بلادي معاركه العسكرية بمعزل عن ظهيره ورديفه وبيئته الحاضنة وعقيدته القتالية الراسخة ضد….ومن أجل…
ضد عدو…ومن أجل شعب..!!
إن الهجمة الشرسة والمنظمة على غذاء المصريين بقيادة السماسرة وقوافل الفساد وتخلي الدولة ولأول مرة في التاريخ سيضع الجميع أمام الحائط..
الشعوب التي تكابد لديها حلم تسعى لتحقيقه.وأمل تنشد الوصول إليه..وشيء تنتظره لبعد العسر..وإن افتقدت الحالة هذا المشروع..وبالتالي لاقناعة جمعية بثمة ثمار سوى في أرصدة الفاسدين…هل هناك ثمة تصوُر عن ثمة مستقبل..؟ وماهي أماراته..وهل قرأتم تجربة تاريخية في العالم يرى فيها ثلة الحكم وحدهم..مستقبل..ومشرق..وأمل..وثمار تنمية..وأمارات على كل ذلك لايراها مبصر واحد من الشعب المحكوم.؟!
لم أعتد الهجوم ولم أهاجم..لكن لي ولأولادي حزمة حقوق في هذا الوطن جديرة بالدفاع عنها..إن تجارب الشعوب في الإمساك بقوة على أسباب الحياة واضحة جلية وليست باللوغاريتم أو طلاسم تحضير الجان..خاصة الشعوب التي سقطت في بئر تعليمات الأدوات التخريبية الدولية مثل صندوق النقد..ولم تسلم دولة واحدة اقترضت منه وتعليمات الصهيونية ومخططات البيلدلبيرغ.حتى وإن صدرت في حقها بعد كل مرحلة من السقوط إشادات المنظمات ذات الصلة.وكل الدول التي فلتت من المخطط هي وفقط التي اعتمدت على إمكاناتها وشعبها..بشروط أعظمها أن وجد الشعب قيادة وطنية رفضت الإنصياع..والشعب يُصَدقُها..قيادة صدقتها الجماهير وانحازت وخططت لتصنع بالعجينة الوطنية حُلماً تبذل جهودا جبارة في سبيل تحقيقه.وحققته .وسدّت كل الٱذان والأبواب عن الإستماع لعبارات وبيانات الإطراء الأجنبية وحشدت ذخيرتها الوطنية للتطوير الجاد ولم ترتعد أوصالها لبيانات حقوق الإنسان وحريات الشواذ وقوانين المثلية…هنا نجحت الشعوب مع قائد صدّقته وصنعت المعجزات.وأمامنا ناصر وداسيلفا..
ودائما مايلزم التخطيط للإقتصاد الوطني القضاء على الرجعية في الداخل والتي تعمل لصالح المشروع غير الوطني..لا أن نمنحها الإمتيازات لتستقوي على الدولة وتتٱكل مظاهر وجود الأخيرة وتضع الشعب في المواجهة دونما أي إعتبار لنظرية العقد الإجتماعي وغاياته..
في بلادي لا شكل للإقتصاد.لنحاسبه أو لنحاكمه نظرياً..لا هذه هي الرأسمالية.ولا هذه غيرها..نظرية جديدة وإجراءات مشوّهة تفتقر إلى العقول والتخطيط وربط ذلك بمجتمعها وحاجاته الملّحة والدور المنوط بالدولة الرسمية القيام به في الإقليم..ولا تعطي هذه التشوهات الإقتصادية مساحة لائقة بشعبنا لتقديم إسهاماته في تطوير مناحي الحياة في عالمنا العربي والإفريقي.. والإسلامي.وبقدر تنازلاتنا احتلت بلدان أخرى ما تم الإنسحاب منه.في سباقات القوى الناعمة..
كثيرة هي تشوهاتنا الإقتصادية التي تُراكم لدى المصريين حالة من النكد العام والهزائم الأسرية بما يهدد مايعتقده نظام الحكم ٱمناً ومستقراً..
ولم يكن في تقديري حال تخبط إدارة الإقتصاد إلا كناتج طبيعي لاختزال المجتمع بقسوة في ثلة من الشخوص دونما أي إعتبار للفروق الذهنية..وقد أوصلتنا الأخيرة إلى حالة من الإفلاس السياسي لم تشهده الحالة المصرية.
فجميعنا يعتقد أن المعتقد السياسي له منطلقات وغايات ويبتدع أساليبه وفق محددات وقوانين تكفي لتشخيصه جزءًا من نظام الحكم..
وبين المُعتقَد والٱخر تتجلى الفروق الإبداعية لذات الغاية التي يذهب إليها معتقَدٌ ٱخر ..والغاية دائماً الوطن بماهيته الواسعة الجامعة.
وفي التجربة البشرية تتألف المعتقدات السياسية من برامج وتتجمع في صياغات نسميها الأحزاب السياسية..ومنذ بداية التجربة إلى الٱن تشهد بلادي تراجعاً يوجب المحاكمة الجنائية على سلوكياته ضد من أتَوا هذه السلوكيات.
نشاهد بأم أعيننا وتحت مظلة الدولة الرسمية أناس..بشر..ينتقلون أو يُنقَلون..من حزب إلى حزب..موجات من السياقات يتم نحتها والقضاء عليها في ذات الوقت..مامعنى أن تكتب عضوية حزب سياسي وأنت لاعلاقة لك بأبجديات الأمر وإن كنتَ أستاذاً أكاديمياً أو جنرالاً لتأتي لقيادة تنظيم حزبي _ من المفترض له كتاب يسمونه البرنامج ونسميه المُعتقَد _ لم تقرأ فيه سطراً واحداً ولم تشارك في صياغته..؟! .ولم يسهم هو في صياغتك..
ثم تصدر الأوامر بالانتقال من حزب إلى حزب..من معتقد فكري إلى ٱخر مغاير..ودونما أي إعتبار لما نسميه اللائحة أو القانون الداخلي للحزب.
ثم مامعنى أن تتجرأ بعض الأحزاب على دور الدولة الرسمية وتنتزع صلاحياتها وتمارسها علانية وتصطدم بقوانين تمنع ذلك ودون حسيب او رقيب..؟!
كثيرة هي المتاجر والمولات التي انتشرت في بلادي عنوانها لافتة حزب..وفي شوارع كبرى في العاصمة..وكثيرة هي تدخل الأحزاب بالتعامل مع دول أجنبية لاستيراد الغذاء وغيره وتتولى في بروباجندا غير لائقة بالموروث المصري الشعبي بيعها في الميادين..وكثيرة باتت سخافة الاستهزاء بالمصريين بأن يتم الإعلان أن حزب ما سياراته في الطريق لبيع الغذاء للشعب في أماكن وشوارع يتم الإعلان عنها ويقف سدنة الحزب السياسي لتنظيم الفقراء وإعطائهم أرقام لتفادي التزاحم وتأتي سيارات البيع لتبيع لشخص واحد ويتم تصويرها عليها لافتة الحزب وحشود الجماهير ثم تنصرف بالبضائع لتمارس ذات السخافة والاستهزاء في أماكن أخرى..
لماذا تسكت الدولة..ومن يتحمل غضبة الشعب حال يفكر في الانتقام لكرامته..ومن سمح لتفعيل حالات الغضب والقضاء على حالة الرضا العام بالجملة والقطّاعي ..ومن أدخل قوانين الدولة التي لاتجيز للحزب السياسي الاشتغال بالتجارة سراً..ليُجاهر الحزب بها الآن..؟
ومن يدفع التجربة الحزبية إلى الفعل خارج القانون ومن جمع أوراق القانون ووضعها ثلاجة العَمَى الوطني..وكم سيُكلّف مصر إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح..وكم من كلفة ذلك من حيث الزمن وكم جيل من أبنائنا سيستغرق الإصلاح السياسي وترجمة المفاهيم..؟!
وكيف تنتقل السلطة..أي سلطة..وماهي أمارات الخيار بين مشروع سياسي لمصر وٱخر..
ومن يدفع بالوطن إلى البحث عن وسائل غير سياسية للتغيير..؟!!
تشوّه الإقتصاد فلم نعد بمكنتنا التعرف على شكله وقواعده لنتابعه بما يلزم للمعالجة أو حتى لنباغته بالإلغاء واستبداله..ويقدم لنا القادة أسباباً لأزماتنا غير مقبولة بالمطلق ولاتحترم عقولنا..
ونرى أن كل ذلك طبيعياً..لماذا..؟!
الإجابة أننا أفلسنا سياسياً واعتمدنا مباديء شرعنة الإعتداءات الفجة على القانون الذي ينظم عمل الأحزاب السياسية في البلاد..
اللهم إلا إذا كنا نؤسس لنقل السلطة في القادم بدون قواعد وبدون مشروع سياسي حقيقي أو مشروعات سياسية ناضجة وحقيقية تنحاز ويختار الشعب وفق الإنحيازات مايعوذه وليملك أدوات الرقابة والمحاسبة.
دون معالجة الكوارث السياسية والاقتصادية هذه..لا أعتقد أننا بخير.ولا أظن.-والظن في بلادنا إثمٌ عظيم -أن القادم لنا.
#سفيربرس __بقلم: محمد فياض _ القاهرة 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *