إعلان
إعلان

علمانية العميان و عقيدة الوجدان.بقلم : د. سناء شامي

#سفيربرس _ روما

إعلان

لماذا صرنا نخاف من كلمة الدين و كأنها تهمة؟؟؟ و لماذا الأغلبية تحب هذه الكلمة بعصبية و تعصب و جهل و كأنها عقد ملكية لشيئ مادي؟ لماذا بعض المثقفون العرب يهاجمون الدين و يحملونه أعباء فشل حكوماتهم و خبث السياسة الدولية؟ هل بمهاجمتهم للدين تتحقق العلمانية؟ لماذا يطالبون بفصل الدين عن الدولة بروح الإتهام، دون أن يوضحوا معنى الفصل، و كيفيته و آلية تطبيقه؟ هل حقا المجتمعات العربية يحتاجون لهذا الفصل؟ و ما علاقة الدين بالإيمان؟ و ما علاقة الفرد بالدولة إن كان من غير إيمان، هل ستكون علاقته بها متوازنه و مسؤلة؟ وهل ينفع دين أين كان، من غير إيمان؟ الإيمان هو المستهدف، بغض النظر عن اسم الديانة. الآيه القرآنية( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) تؤكد على أهمية العقل و بأن التقوى بالدرجة الأولى هي صحة الفكر و صلاح الفعل… و الرسول الكريم قال لا فرق بين عربي و أعجمي إلا بالتقوى، و لم يذكر كلمة مسلم أو مسيحي. يجب أن نتحدث بمنطق العقل عندما نتحدث عن العقيدة و أيضا عندما نتحدث عن العلمانية: فالأولى أي العقيدة توحد الأديان، والثانية، أي العلمانية تفرق بين الأديان لتفتيتها و تفرق بين الدولة و القوانين الإلهية و تجعل الفرد عبد لآلية قوانين لا روح فيها و مليئة بالثغرات التي يستطيع استغلالها محترفين القانون و تشريعه… قراءة ما بين السطور، جدا ضروري في هذه المرحلة، هذا أولا…أما ثانيا: إذا نظرنا إلى فهم العلمانية تحت ضوء التاريخ المعاصر للعرب سنكتشف الفخ العميق الذي يستهدف هويتهم، عقيدتهم و حتى سياسات دولهم : 1895 بناء أول دولة عربية حديثة مع محمد علي باشا، في 1820 ضم السودان لمصر، أيضا بنفس العام تمت الحماية البريطانية على ساحل الإمارات، في عام 1830 استعمار الجزائر، في عام 1860 الحرب الأهلية اللبنانية الأولى، في 1880 الحماية البريطانية على البحرين، في عام 1881 احتلال تونس، و في 1882 احتلال مصر، أما في عام 1899 تمت الحماية البريطانية على الكويت، في عام 1911 احتلال ليبيا، و في عام 1912 تقسيم المغرب بين الاستعمار الفرنسي و الإسباني، أما في عام 1916 حدثت الحماية البريطانية على قطر، و اتفاقية سايكس بيكو. في عام 1917 تم احتلال العراق، و وعد بلفور ثم في عام 1920 كان الانتداب البريطاني الفرنسي على سوريا و لبنان و العراق و فلسطين، و في عام 1924 تم سقوط الدولة العثمانية… في عام 1932 قيام مملكة السعودية و معها تأسس الفكر الوهابي برعاية انكليزية، و في عام 1939 ضم لواء اسكندرون السوري إلى تركيا، بينما في عام 1941 ثورة الكيلاني في العراق، و في 1946 استقلال سوريا و لبنان و تبعه إعلان الإحتلال الصهيوني لفلسطين في 1948، و في عام 1951 سقط الحكم السنوسي الملكي في ليبيا… منذ هذا التاريخ و حتى بدايات السبعينات توالت عمليات الإستقلال الشكلي عن الإستعمار، و قد كان أغلب عمليات هذا الاستقلال بإدارة إنكليزيه أو فرنسيه أو من خلال موالين لهم… تلت هذا الإستقلال فورا ثورات في زنجبار و اليمن و حربي1967 و اكتوبر 1973 ضد اسرائيل… في عام 1975 نشئت حرب أهلية لبنانية ثانية و مفتعلة، و في عام 1979 كانت اتفاقية كامب ديفيد، و أيضا حرب الخليج الأولى بين العراق و ايران قامت في عام 1980، أما في عام 1982 حدث غزو اسرائيل ضد لبنان، وفي عام 1989 أنشئوا حرب أهلية ثالثة في لبنان… أما في 1990 دفعوا العراق إلى غزو الكويت، و حصل في عام 2003 الغزو الأمريكي للعراق، غزو سريع آخر في 2006 على لبنان. في عام ٢٠١١ انفصال جنوب السودان عن شماله، و بذات العام انقلاب مدروس في تونس، أسموه ثورة الياسمين، و بنفس العام بدأت الحرب على سوريا و مازالت… إذا، قبل سقوط الدولة العثمانية و ما بعد سقوطها شغلوا المنطقة بأسرها بالحروب و الانقسامات ، و أدخلوا ضمن الفكر العربي المتعب من الحروب و المذهول من التغيرات الجذرية في المنطقة، فكرة العلمانيه الغريبة في ماهيتها عن ثقافة العالم العربي و عاداته. و للآسف الكثير من المثقفين العرب انخدعوا بها دون أن يفهموا عمقها و خفاياها و غاياتها، و البعض باع نفسه وحولها لسكين مخرب… نعم نحن نحتاج للحداثة، لكن منظوم الحداثة يجب أن يكون شامل و مدروس و غير هدام لجذور ثقافة المنطقة بما فيه الحفاظ على الجانب العقيدي الأخلاقي و على الابتعاد عن استعمال الدين كسلاح سياسي، فالإيمان لا علاقة له بشكل الدين، و أول خطوات الحداثة تكمن في قمعع الفكر الطائفي الهدام، فجميع الأديان مضمونها واحد، ألا و هو الحياة الكريمة للإنسان… الطامة الكبرى اليوم هي أن الأغلبية تنادي بالعلمانية و بفصل الدين عن الدولة، دون معرفة جيدة و شاملة بدور الاثنين في قيادة مجتمع سليم و متصالح مع نفسه و مع تراثه. الحياة مزيج متماسك من كل مكوناته: الحضارات العظمى السابقة مرورا باليونانية و الرومانية كانت الدولة مبنية على مفهوم الآلهة كرمز للسلطة، و لربط المجتمع و علاقته بالسلطة كان يتم من مفاهيم و طقوس دينية… ولكن كما يقول الشاعر الدمشقي نزار قباني ” يا شعبي الطيب يا شعبي، قتلتك سكاكين الكلمات”.

#سفيربرس _ روما _ د. سناء شامي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *