انسيابية الأنثى في لوحات عدنان سمعان و كارمن جبور فنانان من صافيتا
# سفيربرس _ ألوان ابراهيم عبد الهادي

عندما يغرف المرء من نبع الطييعة والجمال تتلألأ أمام عينيه صور الخيال الخصب وتترافع بين يديه وأنامله أزاهير من فصول الخصوبة وهذا مانلمسه عند فنانينا المبدعين وخاصة أنهما ترعرعا في أحضان الجمال من طبيعة خلابة تجذب الناظرين إليها بشتى الأحاسيس من صافيتا وبرجها الشاهق والناظر إلى الأبد انبجس من نبعها هذا الإبداع.
فقد متعت لوحات الفنان عدنان سمعان في معارضه الكثيرة عيون محبي الجمال والحياة فتفاعلوا معها ومن خلالها تدخل إلى عالمه الغني والشيق في مدارسه الفنية المتعددة من انطباعية وواقعية وتشكيل وسوريالية وهي المدرسة التي طغت على أغلب لوحاته والتي حملها مشروعه الفني الذي أسسه ولقنه على طلابه في مركزه اورنينا للفنون مع زوجته الفنانة كارمن ما أثار السؤال عندنا عن مسيرته الفنية ومتى بدأت موهبة الرسم تظهر لديه وكيف تعامل معها وماهي اللوحة التي تركت أثر في نفسه وحول ماذا كانت؟. يرد قائلا بدأت موهبتي من عمر الست سنوات. رسمت لوحة معمودية السيد المسيح .ومنذ ذلك الوقت وأنا أتابع موهبتي وأكثر لوحة أثرت فيّ هي لوحة المتسول رسمتها قديما وهي احدى مقتنيات الفنانة سماهر دلا.
=نعرف من خلال معارضك أنك اتجهت إلى المدرسة السوريالية في أغلب لوحاتك ماذا تحدثنا عنها؟.
وماهي المدارس التي خضتها وأين تجد نفسك؟.
_خضت جميع المدارس وأتقنتها جميعا أما أين وجدت نفسي في السوريالية بشكل خاص لأنها الواقعية البحتة بنظري أنا فهي ترسم واقع الفنان بما لها من داخل الفنان وصراعاته الداخلية والخارجية فالواقعية هي السوريالية وليست الكلاسيكية وكما نعرف أن الفنان سيلفادور دالي لقب بأبو السوريالية أما أنا سأكمل الطريق الذي عبده لنا هذا الفنان لأسمى بعدها حفيد السوريالية.
=ماذا تحدثنا عن مشاركتك بالمعارض والتكريمات التي نلتها ؟ ومن هو الفنان الذي ترك أثر في نفسك؟.
_المعارض التي شاركتها هي تعريف ذاتي عني وعن أعمالي أما التكريمات التي نلتها هي نجاح طلابي ونظركم أنتم فيّا بغض النظر عن الدروع والتكريمات .. والفنان الذي أثر في هو سيلفادور دالي والسريالية هي المحرك والمحرض الأول والأخير.
الفنان سمعان حكمة ترى فيها نصيحة للفن ولمن يريد الدخول إليه؟
حكمتي من أقوال سيلفادور دالي القول الاول : ذكاء بدون طموح كالطائر بدون أجنحة والثاني : لكي ترسم يجب أن تكون مجنونا. والثالث: الغيرة من الرسامين الآخرين كانت دائما مقياس نجاحي.
ومن لوحاته التي وقعت تحت نظري لوحة المعطف والحذاء المعرى من الانسان وكأنه اختفى وبقي ثوبه كما هو في هيكله فارغا حزينا على صاحبه الذي غادره منذ زمن هذا الثوب الذي يحكي قصة الانسان المعذب المفرغ من قيمه وروحه ووجوده شكل بلا مضمون بلا معنى بلا لون لوحة جمعت عدة مدارس فنية لتقول انتفض أيها الجمال فأنت هو إن أردت. وحذاء ينتظر الخطو بفارغ الصبر غير أنه سمر في مكانه يشير الى إنساننا المشلول. وليس غريبا على فناننا هذا الابداع فهو من صافيتا الغناء .
وتجد في لوحاته الكثيرة هذه الطفرات المميزة كما في لوحة الانثى التي تنتظر في يوم ماطر لقاء أمطرها الشوق بعبثة الانتظار تحاكي مظلتها الواهنة وكذلك الانثى التي يلفها حبيبها تحت المظلة يتحدا مع حبيبات المطر هذه السوريالية المنغمسة في روحيهما تنتظر ولادة الفصول وقدوم الربيع في درب الحياة المجدول بخطوات الانثى المسربلة في كينونة الوجود وترى الشتاء في لوحة الانثى يرمز الى خصوبتها المعهودة في بناء جدار الوجود والامل والطموح. لوحات واقعية تجذبك ظلالها وهممها في الاقبال للقادم من الايام.
= وبسؤالنا الفنانة كارمن جبور ماذا عن بدايتك في الرسم وماهي اللوحة الأولى التي أثرت بك وكيف ترسخت موهبة الرسم في عالمك وماهي المدرسة التي ظهرت في لوحاتك وتنتمي إليها؟.
_ أجابت بداياتي في الرسم هي خطي الجميل حيث نلت تشجيعا من الأستاذ عدنان سمعان زوجي. اما عن اللوحة الأولى التي أثرت بي فأنا أعتبر أن كل لوحة أرسمها لها حيز مني ومن نفسي وذاتي وكل لوحة أرسمها هي أنا بكل شخصيتي وهدوئي وتواضعي .. والمدرسة التعبيرية هي ذاتي الضائعة.
= ماذا تحدثنا جبور عن المعارض التي شاركت بها والتكريمات التي نلتها؟. وماذا تخبرنا عن الأعمال اليدوية كيف ظهرت بدايتها لديك وما تركته من أثر ؟. اما المعارض فلي حيز كبير من المشاركات بطرطوس ومهرجانات بعمرة وأم الربيعين ومعارض مركزنا أورنينا الذي احتضن المواهب وشجعها.
_ بالنسبة للاعمال اليدوية فقد أخذت حيزا من شخصيتي ولي لقاءات على الإذاعة والتلفزيون تناولت أشغالي الميلاديات والتي تعج بفرح العيد والتكريمات التي نلتها بغض النظر عن الدروع وما إلى ذلك فهي طلابي صغار وكبار وأجواء المحبة والفرح لنجاحهم وتفوقهم.
وبالوقوف أمام لوحات الفنانة كارمن جبور تجد نفسك تقف أمام ذات النبع من التدفق الفني ففي لوحتها
الفتاة الملتفتة إلى الحياة مؤكدة تجذرها فيها وتأصلها في تكوينها بجمال خلاق مبدع فقد اعتمدت على مدلولات سيالة العمق والمعنى والمغنى وآخاذة الجمال فترى في تقاطيعها انسيابية العنق مع الكتفين والظهر لتشكل قلب يخفق وسهما كوتد شجرة يمتد في عمق الأرض ساهمة في ضخ الحياة لتلفها الأرض بوشاح ثوبها المرشوش بدوائر حمراء كشقائق النعمان وبخصرها تحيط طيات ثوبها كالوردة الحمراء وبتلات الشقائق تضج بالعشق السرمد فقد برعت الفنانة جبور في تشكيل لوحتها الانثى الى درجة بالغة الخيال وكأنها تقول إن هذه الإنسانة قد انبثقت من سطوع الفجر ودبيب شروقه مانطقت به خلفية اللوحة بتناغم الضوء والحركة وكأنك تستمع إلى موسيقا كونية تهمس في أذنك بدلالة مثيرة وشيقة أرسلتها نظرتها المخفية و المحيرة وتؤكد أنها أصل هذا الوجود وكينونة هذا الكون كل حركة في الوجه لها دلالتها الجذابة والقابضة. شعرها الاسود كالليل وحركة الربطة فيه الوردة الحمراء والربطة البيضاء التي تفصل قسم الشعر الأعلى عن الأسفل بين الكتف والعنق مشكلة الالتفاتة الساحرة تربطها بأفق ناصع البياض وتشير إلى الانفلاق
بين الليل والنهار أما اصبعها الذي يرفل فوق طيات فستانها المعتق بالأحمر القاني فتغرق بين طياته وتنغرس كما الجذور في التراب.. فستانها العاري الظهر هو فسحة ورحم كوني للتجذر في الحياة التي أبدعتها هذه الأنثى. بكل تفاصيلها تسريحة شعرها، قرطها الدائري وخصلة شعرها المنسدلة عليه تجعلك تسبح في دائرتها المحبوكة بمهارة سبحانية الخلق .. وكأنها أرض تفور بالشقائق وتضج بالعشق إلى تقاسيم الحياة ورقتها.
أما القيثارة وما أبدته من جو موسيقي يغطي ما تكسر بدواخلنا من ألم وما تجمع من حطام الواقع للخروج من قبحه إلى عالم أكثر دفئا وشمولية فتجد في القيثارة الخطوط الطولية والعرضية لتشكل زندها المتصل بنافذة بطنها الدائرية وكأنها نوافذ تطل على الكرة الأرضية تعطيك مساحة شاسعة من التأمل العذب ومن قاعدتها تجد زاوية قائمة وكانها شاشة تلفزيون تملك به مفاتيح الأسرار بلون أبيض واسع المدى قيثارة تحكي قصة متعبة تعزف تفاصيلها بخطوط مستقيمة ودائرية وبكل ما توحي هذه الخطوط من حزم وقسوة وصرامة ولين وعطف ورقة وعذوبة هذا التضاد الذي أعطى هذه اللوحة بعدها الموسيقي بتناغم الحركة والظل وانسلال الضوء بمفازاتٍ ترنّم فيها مسيرة حياة. يتممها اللون الذي اختلط بلون الشروق والغروب ولون تأملي مشدود الوتر وعالي النغم.
أما لوحة الوجوه المحطمة فهي تعبيرية تحاول الفنانة جبور أن تضع يدها على الجرح وما يحصل للناس في المجتمع من معاناة وتخبط يلحق به الكثير من الألم والحزن تدل عليه العيون الحائرة والمندهشة والبارزة من عظمة المصاب وكأن العيون بدائريتها تشير الى زوبعة الواقع المزري وطولانية الوجه الى أمد الأسى القابع في الأرواح. والشفاه الزرقاء العطشى إلى بر الأمان ورياض الحب والحنان هذا الإنسان المنكسر في نفسه والمتأرجح في أحلامه إلى أين ترنو هذه العيون وأين الخيط الذي يمسك به لتخطو على درب الحب الذي تنشده.
في حين ترى بريق الحب والعشق المتأصل والثائر والمتأجج في لوحة رأس الفرس خلفية حمراء وكأنك في صالة كرنفال العشق الضاج والصارخ في حين الرأس ملتفت بشموخ العاشق المتمرد والصاعق كأنها فتاة متمردة بعشقها وحيويتها وصدرها المشرئب على الحياة وشعرها المتماوج والمسترسل في الهواء فتاة أخذ عنفوان الشباب وبالتفاتة عزم وتصميم لمبتغاها ومرادها هذا العشق السامي فتجد في عين الفرس تحدي حرون وثبات جأش في تحطيم القيود. لوحة ثائرة على المجتمع وقيوده المكبلة للأحلام والعشق للحياة الفرس هي الأنثى الأصيلة المقدامة في تحقيق أحلامها وصنع المعجزات التي منها بدأت مجاري الأنهار تتدفق وتخصب الأرض والوجود.
وفنانينا لهما بصمتهما البيضاء في دعم الفن وبناء وتعليم جيل من الأطفال الذين أصبحوا فنانين ونالوا جوائز .
الفنانة كارمن كلمة أخيرة تحبين أن تصل للجميع ؟. أحب أن أقول: كل إنسان في هذه الدنيا عنده طموح ويتمنى أن يتحقق أما بالفن الطموح يكون عطاء من الروح للروح يعني أن الفنان يرسم بروحه لتكون اللوحة حلوة ومعبرة.
كما تركا أثرا كبيرا في المعارض الجماعية والفردية ولمشاركتهما في مهرجاني السنابل وأم الربيعين الثقافي العريقين في صافيتا أثرا عميقا وكرم مهرجان أم الربيعين الفنان عدنان سمعان في المهرجان الثامن عشر بشهادة تقدير ودرع المهرجان وكرمت الفنانة كارمن جبور والفنان عدنان سمعان في مهرجان السنابل بدرع المهرجان لقاء فنهما المميز. وما لمسناه من فنانينا أن الفن رسالة انسانية تعكس واقع الحياة بأسلوب الفنان ودرجة تأثره وتظهر في مستوى لوحاته التي تحاكي ما حولها من ظواهر متعددة وتحدثها بلسان حالها فيبدو الفنان هذا الخلاق المبدع قد لبس أحاسيس الناس وطبعها على اللوحة الناطقة باسمه كيفما يريد الوصول إليه بالحوار الذي يجريه بريشته ويسجل مشهدية الواقع بألوانه وظلاله وضوئه وحركاته ومفاتيحه ومفاصل دربه حتى يحلق به إلى الأعلى ويحمل راية الطموح في تحقيق الهدف المنشود.
تعريف الفنان عدنان سمعان فنان تشكيلي مواليد ١٩٧٨ متزوج من الفنانة التشكيلية كارمن جبور موظف في المركز الثقافي لديه مركز أورنينا للفنون صافيتا.
الفنانة كارمن جبور زوجة الفنان التشكيلي عدنان سمعان موظفة في المركز الثقافي ومديرة مركز أورنينا للفنون صافيتا .
# سفيربرس _ ألوان ابراهيم عبد الهادي