إعلان
إعلان

ثلج سُكر مُر .._ بقلم : فاتن بركات

#سفيربرس

إعلان

صباحاً كان شوقي لشرب كأس من الشاي الخمير، لا يعادله شوق.
صقيعٌ بردٌ وضبابُ ليلةٍ مثلجةٍ مضت، يلفُّ جبال قريتي بصمتٍ مهيبٍ، عصافيرُ أبو حِن الحمراءِ اللطيفةِ، راحت تنقر شباكَ نافذتي:
– هيا يا كسولة هيا يا حلوة يا جميلة، استيقظي لنلعبَ بالثلج ولتحضري معك فتات الطعام، كذلك فعلتِ الكلابُ والقطط في بحثٍ مضنٍ،عن فأرٍ أحمقٍ أو عصفورِ دوري فقد ذاكرتَهُ، لكنّ شوقي لكأس من الشاي الخمير، شوقٌ لا يطفئه إلا كأسُ الشاي نفسه، شايٌ أحمرُ اللونِ غامقُ وحلوٌ، حلوٌ كدبس العنب، تنهدتُ:
– آآآ يا سلام.
بخفة الفراشة قفزتُ من سريري الوسيم، رتبتُه وبأصابعٍ ماهرةٍ ضفرتُ شَعري، وإلى المطبخ بوضعية الأمام سِر، سِرتُ، وضعت إبريق الشاي على الغاز، أردتُ سماعَ فيروزَ، وأغاني الصباح المنعشة، كان صوتُ المُذيع، يرحبُّ بيوم جديد:
– (مرحباً ياصباح)
رقص قلبي فرحا، وأنا أدندن: بقطف لك بس هلمرة، تذكرت إبريق الشاي، خِفت أن يكون قد وصل إلى درجَةَ الغليان، لكن لكن…!!! ما مِن غازٍ ولا نارٍ، يبدو أن اسطوانةَ الغاز فرغت أو ربما تجمدت..ابتسمتُ غيظاً.. زاد عِنادي.. قررتُ:
– مع هذا سأشربُ الشاي، نعم الشاي الأحمرِ الحلوِ اللذيذِ الساخنِ،لذا أوقدت مدفأة الحطبِ،وأنا أفرك يديَّ بحماسٍ:
– سأشربُ الشاي كما تخيلتُ.
غلى ماء الإبريق،أضفتُ الشاي، رفعته عن المدفأة، وضعته جانباً، بعدها بحثت كثيراً عن السُكر، بحثتُ بين خزائن المطبخ، والنمّلية،وأعلى البّراد، حتى بيوت النمل، حزمتُ أمري:
– ولو عصرتُ الحجرَ سآتي بالسُكر.
على الهاتف سألتُ جيراني / حنان، ونهاد،وشادية،وجاري فيصل، والكل لا يوجدُ لديه سُكر، قال مقطوع مثله مثل الغاز، قلتُّ بحزن:
– أريدُ كأسَ شايٍ لونه خمريٌ عنابيٌ توتيٌ حلوٌ، هي أمنيتي لهذا الصباح المُثلجِ القارص.
تخيلتُ أنني (جريتل وأخيها هانسل) في تلك الغابة البعيدة الموحشة،ومنزل معزول مصنوع من الحلويات يطفحُ بالسُكر، ونارٌ عظيمةٌ أوقدها الأقزامُ احتفالاٌ ببياضِ الثلجِ،وأنني أوزعُ السُكرَ بسخاء على شاربي الشاي،وأنثرُ الثلجَ فيتحولُ إلى تلالٍ من السُكر،أعادني من شرودي برد أصابعي وخبرٌ عاجلٌ عن غرقِ باخرةٍ وحمولتِها من السُكر والفيول والناس، طفرت دمعة تبعتها أخرى بعدها غرقت مع الناس والسكر والفيول.
تركت الإبريق يُرغي ويُزبد، بينما كان بخاره الساخر يتلوى ببطء، غير آبه بصقيع البيوت الغارقة بالعتمة ولا سُكرحياتنا المُر.

#سفيربرس . .بقلم : فاتن بركات  

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *