إعلان
إعلان

في رحلة البحث عن العزة.. بقلم: محمد عفيف القرفان

#سفير_برس _ الكويت

إعلان

سمعت والدي رحمه الله غير مرة يذكر أصول قبيلته العربية العريقة باعتزاز، وكنت طفلاً صغيراً يستكشف المعاني والدلالات لما يسمع ويشاهد ويقرأ، حتى تشكلت لدي صورة ذهنية تربط مفهوم العزة بالقبيلة واتساع نطاقها الجغرافي وعمق جذورها في التاريخ وسطوع أعلامها، وقد ساهم في تعزيز هذا المفهوم الموروث الثقافي الموجود في العقل الجمعي، حتى قرأت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال جملة شهيرة في غزوة حُنين عندما كانت الغلبة للمشركين في بداية القتال، ففر نفر كثير من المسلمين نتيجة الكمائن التي صنعها المشركون للمسلمين، إلا أنه صلى الله عليه وسلم نزل من على بغلته ولم يفر، بل كر قائلاً: “أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب”. ثم أدركت فيما بعد أن سياق الجملة لم يكن من باب الاعتزاز بالنسب بل من باب التدليل على صدق النبوة والنسب.

أدركت مفهوماً آخر للعزة، عندما قرأت قول الإمام علي:
كن ابن من شئت واكتسب أدباً
يغنيك محموده عن النسب
إن الفتى من يقول ها أنا ذا
ليس الفتى من يقول كان أبي
فما يقدمه الإنسان من إنجازات وأفعال حميدة هو ما يدعو للعزة والفخر.

في مرحلة أكثر عمقاً، أدركت أن للعزة مفهوم أكبر من الإنسان وإنجازاته وقبيلته وصيتها، وأيقنت أن الأمر لا يمكن اختزاله بمفاهيم بشرية ضيقة، إذ لا بد أن للشعور بالعزة سبب أكبر من تصورنا المحدود. وجدت الإجابة في سورة المنافقون: “يقولون لأن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون” الآية ٨

يبدأ مشوار العزة عندما تؤمن بالله وبقدرته المطلقة، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليك من نفسك ثم ما تقدم من إنجازات لأمتك وللعالم أجمع؛ عندها تكون العزة قد وصلت أبعد مدى يمكنها الوصول إليه.

إذا قرأت في سير المنجزين سواء كان إنجازاً مالياً أو علمياً أو رياضياً أو فنياً، ستجد أن ذلك الإنجاز يّسقط صاحبه إذا لم يكن مرتبطاً بالإيمان بالله. يقول الإمام علي:

إذا لم يكن عون من الله للفتى
فأول ما يقضي عليه اجتهاده

مراحل العزة:
١- الاعتزاز بالله يصاحبه الإنجاز .
٢- الاعتزاز بالرسول صلى الله عليه وسلم يصاحبه الإنجاز .
٣- الاعتزاز بالإيمان والعبادة مع الإنجاز .
٤- الاعتزاز بالإنجاز بعد كل ذلك.

وليس أبلغ من صور الصامدين في أرض الرباط في فلسطين عموماً وغزة على وجه الخصوص، إذ تتجلى العزة في مواضع كثيرة جداً؛ فالقوم عرفوا قيمة العزة بالله أولاً وبالرسول ثانياً وبالإيمان الراسخ الذي لا يتزعزع ثالثاً، ثم بأني بعد ذلك كل ما نشاهده من صور العزة والصمود. فالنصر العسكري عزة، ونيل الشهادة عزة، وفقدان الأحبة عزة، وفقدان البيت والمأوى عزة، ونقص المواد الأساسية للعيش عزة، والسكنى في البيوت المهدمة عزة، والنزوح عزة، وكل ما نراه من ثبات وصمود وصبر ورباط هو مدعاة للعرة والكرامة.

#سفير_برس _ بقلم: محمد عفيف القرفان

#المدرب_المايسترو
#العزة

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *