إلى ” م ” ـ بقـــــلم . د : أحمد حافــــــــظ
سفيربرس
مَنَّيْتِني باللقاء《 هناك》، خالَطَ بحَّتَكِ لهاثٌ كخفقان اللَّهب، وربّما أَتْبَعْتِ الكلمةَ بإيماءةٍ للأعلى مثلما يلوّح الطفل لغيمةٍ ارتدَتْ وجهَ أُمِّهِ قبل أن تتمزّق.
تقولين:《 هناك》، كأننا محمولون على أجنحةٍ لا ملفوفون بسلاسل، كأنّ السَّفَر أغنيةٌ لا انسلاخ، كأنّ مطارق الوقت تصير حريراً في بعض الأمكنة.
وحَقِّكِ ما سبحتُ في نهرٍ إلّا جفَّ، ما استندتُ إلى شجرة إلّا أُحرقَتْ، ما سامرتُ كتاباً إلّا دِيْسَ.
لا أعرف غير《 هناك》 واحدة، وكلُّ ما《 هنا》 كَدْحٌ لها وخوفٌ منها وصراعٌ عليها. تلك التي تُنسَج أفياؤها من حسراتنا، وتُرفَع قِبابُها من ارتجافات الرُّكَب، وتنبثق ينابيعها من نيران الشفاه.
إنّ في يأسي قوّةً لا تتقنها إلا الموسيقى، وقد عهدتُ إليها رفعَ قواعدِ غدي. فكثيرٌ ممّا قُدِّرَ عليّ يَمُوج الآن تحت الجلد، يهدر في دمي، ويرنّ في العظام.
سفيربرس بقلم : د . أحمد حافظ