إعلان
إعلان

مفهوم السعادة وكيف نكون سعداء بالحياة .؟!.

سفيربرس ـ غالية اسعيد

إعلان

لا زال يبحث الإنسان منذ القدم عن السّعادة، ويتحرّى طرقها وكيفيّة تحقيقها، ويبذل كلّ وسعه في ذلك، ساعياً بكلّ ما لديه من عقلٍ وفكرٍ ومادّة لإيجادها، لكنّها تبقى سرّاً لم يدرك ماهيّته إلّا القليل ، إذاً فلنقل أنها ذاك الشُعورٌ الداخليّ الذي يشعرُ به الإنسان ليمنحه راحة النفس، والضمير، وإنشراح الصدر، وطمأنينة القلب .
من مشكلة الإنسان الأساسيّة مع السعادة التي يُعانيها منذ الأزل بكونه لا يعلم أدوات تحقيقها، فيُحاول أن يجرّب الأمور الماديّة الملموسة ليصل للسعادة فتجده لا يصل،…..
فما هي السعادة؟ وأين تكمن؟ وهل هي قرارٌ أم قدرٌ محتوم؟ …..

اهتم علم النفس بدراسة السعادة وأثرها على النفس البشرية حيث عمل على رفع مستوى أداء الفرد الوظيفي النفسي بشكل أعمق وأبعد من معنى الصحة النفسية ، وعرّف السعادة من خلال محدداتها، والعوامل التي تسير بالفرد إلى العيش بسعادة وسرور، كالرضا العام عن الحياة، وإشباع الرغبات، والتمكُّن من تحقيق الأهداف المرجو تحقيقها، والوصول إلى الطموحات التي يسعى الفرد إليها، بالإضافة إلى القدرة على توظيف القدرات والإستعدادات للوصول إلى مرحلة الرضا عن الذات وعن الآخرين،……

ومما لا شك أن إلتماس السعادة في الحياة هو غاية ما يطمح إليها الإنسان، وما الأعمال اليومية التي يزاولها الإنسان في هذه الدنيا، إلا مظاهر جلية للبحث عن السعادة .
وما الحروب والقلاقل والفتن الحادثة بين البشر إلا وسائل ينتهجها الناس بحثًا عن الرقي والسعادة واللذاذة بالحياة.
ولقد اختلفت نظرات الناس للسعادة، وغابت عن كثير منهم سبل تحقيقها ونيلها، فالسعادة.. أن تسمع كُل شيء يتحدث من حولك حتى الجمادات، تخبرك أنّك تستحق الحياة.. أن تؤمن أنّك بطيبتك تستطيع تغيير أصعب الأشياء،

أن لا تتعب من عد النجوم.. وأنت ترسم على وجهك ابتسامة لا يقتلها شحوب الليل أبداً، وتتلمس التجاعيد التي تغزوك كُل يوم دون أن تشعر أنك كبرت.. تكتفي بالتحدث إلى نفسك ساعات دون الشعور بالوحدة.. تستمع إلى أغنية حزينة جميلة دون أن تورثك غصة تطرق على جرحك المنسي بعنفْ….
السعادة.. أن تُحب بعفوية، دون أن تتخذ من الحبّ وجبة.. يجبّ أن تنالها كما ينالها الآخرين، وتتذوقها كما يتذوقها الآخرين.. أن تُحب بدون مخططات، وضمانات وخَوفْ…
السعادة.. أن تضحّك دون حواجز، وأن تحررّ الطفل الذي بداخلك.. الذي لا يدعي المثالية التي يرتديها الكبار أن لا تخجل من حزنك.. أن تطبطب عليه بحنان، متفهّماً بشريتك التي تدعوك للبكاء أحياناً.. محتوياً ضعفك الذي يجعلكَ تشتاق إلى قوتك أحياناً…
السعادة.. أن تُفرحك، ضحكة طفل أو طعم قطعة حلوى صغيرة أو كوب قهوة ساخن مع كتاب يبحر فيك إلى العالم.. حتى لو كنتَ تملكُ مالاً أقل من الآخرين أن تحلق بك دعوة أو كلمة، أن يتلاشى هذَا الكبرياء الذي يمنعك من الاستماع للآخرين، والكبر الذي يمنعك من تفهم أخطائهم. السعادة.. أن لا تعيش أنانياً من أجل نفسك ولا مُضحياً من أجل الآخرين.. بل أن تعيش إنسانيتك من خلال الآخرين.

إنّ بذور السّعادة وأساسها يكمنُ في دواخل البشر جميعاً، إلّا أنهم دائمُو البحثِ عنها خارج روحهم وأنفسهم، ممّا يستنزف طاقاتهم للأسف …
في حديثنا عن السعادة يمكن أن ننطلق من أسئلة كثيرة ندعي القدرة على الإجابة عليها، لكن لانصل دائماً إلى الجواب المقنع لعقولنا والمرضي لقلوبنا بل هي فقط محركات للغوص في هذا الموضوع الشائك ….
طبعا يمكننا الإتفاق حول الطابع الخلافي لمفهوم السعادة، الذي يمكن مقاربته إنطلاقاً من وجهات النظر متعددة، فسعادة الناسك المتصوف مثلا لن تكون بالطبع هي سعادة الفيلسوف أو الأديب، وكلتاهما حتماً مختلفتان عن سعادة التاجر والإنسان العادي ….
قد تتجلى السعادة عند الإنسان بإنبساط النفس، وقد تعبر عن نفسها بابتسامة تستلقي على الشفتين وبريق فرح يلمع في العينين، وما إلى ذلك من التعابير المعروفة كانفراج الأسارير …. .
أما السبيل إلى تحقيق السعادة، فأعتقد أن الأمر يتوفق على طبيعة الشخص المستهدف بهذا الإحساس، فما يحقق السعادة للمتصوف مثلا لا يمكن أن يحققه لمن ينغمس في اللذات المادية المعروفة، لكن يمكن القول بكثير من التجاوز بأن النجاح في الوصول إلى هدف من الأهداف يساهم بشكل كبير في تحقيق السعادة، ويمكن تصنيف هذا النجاح ضمن الإشباع المعنوي، ولا يخفى أن الإشباع المادي كذلك يحق هذه السعادة، خاصةً عندما يأخذ الجسد كفايته من الغذاء والراحة مثلاً .
و إذا كان هذا الإشباع يتميز بطابعه الوقتي الزائل، فإن السعادة التي يحققها لا تدوم طويلا، إذ سرعان ما تتبدد آثارها وتزول، لذا إن التعويل في هذا المجال يجب أن ينصب على التوازن النفسي، الذي يتعين على المرء أن يناضل من أجل تحقيقه، وهو لا يتأتى إلا بعد خبرة في الحياة وتشذيب للنفس والاشتغال على الذات، بحيث تصبح ذات متوازنة، بعيدة عن الإسراف في العواطف الإيجابية أو السلبية، محاولة أن تتخذ بين ذلك سبيلاً وسطاً،
أما على المستوى الفردي، فأظن أن قبول الذات كما هي خطوة أولى نحو تحقيق السعادة، يلي ذلك طبعاً التعامل معها بنوع من التسامح، من خلال استثمار أخطائها وهفواتها لتحقيق انطلاقةً جديدة وقوية نحو المستقبل، كما أن الإعتراف بغرائزنا باعتبارها جزءاً منا، بعيداً عن شيطنتها يساهم في هذا القبول بالذات، وهذا لا يعني الإستسلام لها كلياً بدون قيد أو شرط ، بل فقط التعامل معها كجزء من كينونتنا، بحيث لا يمكن إلغائها وكأنها والعدم سواء.
إنّ السعادة الحقيقية قرارٌ يتّخذهُ الإنسان بإراداته وصبره ورغبته، فإذا عزمَ الإنسان على أن يكون سعيداً سيفرحُ بأبسط الأشياء وأصغرها ويحفلُ بها، وينظرُ لها بعين الرِّضا والحب، لا السخط والكره، وسيركُل كلّ ما يُنغّص عليه فرح وسعادة يومه حيث لن يستطيع الإنسان أن يمنع الهموم والمتاعب من التحلّق حوله، لكنّه بالطّبع يستطيع أن يمنعها من دخول عقله، فوسائل التّنغيص وطُرقه كثيرة، لا تنتهي إلّا بإتخاذ المرء قراراً يمنحُ به نفسه السّعادة
قد تكون الحقيقة بأنه يوجد جانب مظلم بشكل قليل في كل شخص منا، كون الشخص سعيداً لا يعني بأن حياته مثالية …
أخيراً بصدق القول ضُم السعادة للسعادة وابتسم ما حرك الحُزن مصيراً قد قُسم ….

سفيريرس ـ غالية اسعيد

إعلان
إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *