إعلان
إعلان

” الليلة الأخيرّة ” وَهــم الحُــبْ .بقلم : غادّة النحلاوّي

سفيربرس _واشنطن

إعلان

قد نستيقظْ من وهم الحبِ متأخرين جداً بعد سباتٍ عميق في عسلهِ ثمّ نغلقُ أبوابهُ ونلملمُ أشلائهُ ونفضُ عن رياشهُ دموعَ الانتظار ونرحل عنهُ .
ما الذي يجعلك تعيشُ بوهمِ الحبِ وتخطو فوق أشواك الوهم عاري القدمين جريا” وراء قلبك الذي يتبعكَ في خطواتك
قد يصيبك الحبُ وأنتَ في أشّدِ لحظاتِ الحياةِ قسوة فتتمسكُ به وكأنهُ الأملُ الوحيد لجلب السعادة لحياتك َ الرتيبة والمملة والحزينة ؟.
فالحبُ الوهمي ..كالسراب الذي يبهر خضار عيوننا فتراهُ فجأةً يعّدُ حقائب السفر والإقلاع في مركب الشمس ويرحل ليمنح أيامنا التي مضت شعاعاً من الذكرياتِ المؤلمة، فنمدُ له أنامل الفرحة ،لنقطف منها باقات من السعادةِالوهمية
والتي سرعان ما تتلاشى وتغيب وتترك في داخلنا أمواجُ الصدى
الحبُّ الوهمي كالحمل الوهمي ،يتحركُ داخلنا ،ولكنه غير حقيقي ونكتشف أنه ليس من لحمٍ ،ودم ٍ،وروح .فنستفيقُ مذهولينَ وكأنَّ كابوساً قد راودنا ونتسمرُ مكاننا ونحدقُ في الفراغ
فدموع الهجرِ في الحبِ المستحيل ،أو الحب الوهمي عند الرحيل قد تنهمر دون توقف لأنَّنا ندرك أنّهُ سيرحلُ بلا رجوع وأنَّ لحظات اللقاء ستبقى ذكرى نحكيها لكل عابر سبيل يسأل عن حزننا ودموعنا !
فالذي يحب شخصُ يتوهمُ أنه يبادله ذات الشعور وهو يدركُ في قرارةِ نفسهُ أنه يعيشُ بوهمِ وكل شيء بينهما لم يكنْ حقيقياً
فمهما كتبَ من الرسائلِ عن غيابِ الحبيب لنْ يصله رد ومهما تملكه ُالحزن ،والبكاء ،في خلوتهِ لنْ يسمع صوته أحد ،
فتصمتُ كلّ َ الكلمات ويجفُ اليراع ويلوح الحبيبُ من بعيدٍ بيديه بالوداع ويعلنها نهاية حب لم يولدْ أصلاً ولا مكان له على خارطةِ الحبِ ولمْ يكتبْ أحدُ عنه في دفاتر الشعراء وكل ما دونته مشاعرنا صار بارداً كالثلج تتالتْ أحداثهُ جزءُ من عمرنا ولم تملأ فراغه بشيء نشعر ُ أنها غريبة عنا وخطانا تتردد في المضي إليها
مهما سرنا في طريقٍ مستقيم رسمناه لحياتنا عبثا” منذُ طفولتنا قد تبدل الأيام دروبنا وتغيرُ خريطتها وربماملامحها .. .وتستبدلها بأحداث أخرى وتعطيها ألواناً من صنعِ الزمن جميعنا نسير في طريق الحُب ولا نعرف ماذا أُعدَّ لنا قبل المسير !!
ثم نعود ونعترف بهزيمتنا ونرحل تاركين ورائنا ذكريات وكلمات جميلة ورائعة ومشاعر تمنينا لو أننا عشناها في الحقيقة لنمرَّ بسلام بجانب ذلك الحب
الذي أجهض في أول حملهِ ،قبلَ أن ينمو ويكبر ويسمعُ ضربات قلب جنينهُ ،
فنكون كمروحةُ صيفية للطرف الآخر في أشد الليالي حرارة !! …
ويدخل القلبُ في صراعٍ بينه وبين العقل لينتصرَ أحدهما على الآخر لنعود من سرابُ وحبٌ عشناه وحدنا ونتدحرج كدمعةٍ حائرةٍ على وجنتين مصخمتين بطيبِ العشق و الانتظار ،والوهم
ففي الحب الوهمي يختلق الحبيب أو الطرف الأخر حججُ غير مقنعة في إنهاء الحكاية ،والغياب ،وتدرك هي أنها الليلة الأخيرة وأن صوته وهو يكلمها عن النهاية وعذوبة كلماته ، التي تعشق تخزنها في ذاكرتها ،علّهُا تعينها على ليال القحطِ الطويلة في غيابهِ القسري والمحتمْ
وربما تدخلُ للوهلةِ الأولى في نوبةِ بكاءٍ شديدة تسعفها في تقبل النهاية في حين بعض الكلماتِ القديمة منه ،قد تبقى معلقة في ذاكرتها للأبد
كلمات كتبها على لوحٍ من ثلج ٍ ذابت قبل أوانها، فتبقى هناك في ذات المكان الحزين في بوابةٍ مغلقة على الأحلام فلا باب يفتح ولا نافذة تطل عليها كل صباح
لتدركُ أخيرا” أنها كانت ْتعيشُ بوهمٍ و كتبتْ كلمات بلا معنى ولم تصلْ أبداً للمتلقي الوحيد
فتصحو من حلماوكأن يدا” خشنة قد صفعتها لتبرد تلك المشاعر كالثلج وتعتبره ُ في قرارةِ نفسها صديق على هيئةِ حبيب وكانت عابدةُ في محرابِ عينيهِ ولم يشأ لهما القدر بالاقتراب أكثر ْ ولمْ يلتقيا ويكسر أحدهما ضلع الآخر بالاحتضان كما كسره بالغياب
الحبُّ الوهمي هو حب لا يشبه أي حب ,حب لا تسجنه حدود الزمن وافتراضات الفصول والايام كعشُ نبنيهِ في روحنا ونسكنهُ فيه ليدفئ قلوبنا الحزينة ،ثمَّ نستعدُ لشتاء الغياب القاسي.
وهي يكفيها انه عاد لتلكَ البعيدة و أمسكَ يدها
وتركها هي هنا تلمحُ طيفها الغادر وهما لا يزالان يعيشان في أدراجِ الغيابِ وبقايا الحب الوهمي الذي أسدلَ ستارهُ
هو في الليلة الأخيرة وكان صوته آخر ما حملته معها في رحلةِ الغيابِ القاسية وذرفتْ الدموع بغزارة وهي آخر ما تحتفظ فيه من ذكرياتِ حبها الوهمي
وانتهت قصتهما عند رصيف الانتظار وأهدتهُ قيثارةَ حزنٍ يتآسى فيها الشجن ويرفض دوام الإحتراق وتنسحبْ هي إلى قوقعةْ من الوجود الداخلي وتلوذُ بما فيها من عزلةٍ وصمتْ

سفيربرس ـ بقلم غادة النحلاوي ـ واشنطن

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *