إعلان
إعلان

الخلطُ وعدمُ المعرفة يؤدي إلى التخوّفِ والتحارب ” التحالف العلمانيّ السوري ” مابين التأييد والرفض . بقلم : بيانكا ماضيّة

سفيريرس

إعلان

لا أعرفُ لماذا يتمُّ الخلطُ بين العَلمانيّةِ وبين الأديانِ الأخرى وكأنها (دينٌ)، أو وكأنها (كفرٌ أو إلحاد)!! هذا هو الخطأ في تعريفِها أوفي فهمِها، فما إن تمَّ إطلاقُ (التحالف السوريّ العلمانيّ) الذي نادى به عضو مجلسِ الشعبِ الأستاذ نبيل صالح، حتى بدأ التخوّفُ وبدأ التشكيكُ وبدأت المحاربةُ والحربُ ضدَّه، وكأنَّ هذا التحالفَ يحملُ في مضمونِ بيانِه محاربةَ الدين، مع العلم بأن أهدافَه واضحةٌ، ولا مجالَ للتشكيكِ في وطنيّتِها، وبالتالي الطعن بها.. فمن حاربَ التحالفَ، أو تخوّفَ منه، يتذرّع بأن التحالفَ يتخذ موقفاً عدائيّاً من الدّين، وهو على خلافِ ذلك بالتأكيدِ، و(البيانُ دليلٌ) فبمجرّدِ الإشارةِ إلى أنَّه سيخرج علينا، فيما بعد، تيارٌ أو تحالفٌ تحت اسمٍ (إسلاميّ) أو (مسيحيّ)، فهذا خطأ معرفيٌّ جسيم، لأنَّ العلمانيّةَ ليست ديناً كي يكونَ الإسلامُ أو المسيحيةُ أو حتى اليهوديةُ في مقابلِها، هي اصطلاحٌ ومفهومٌ وجد في أوروبا وجاء كردةِ فعلٍ على الحلفِ الذي كان بين سلطةِ الكنيسةِ وسلطةِ الدولة، وكان في أولى مطالبِها فصلُ الدينِ (الكنيسة) عن الدولة. وهي، أي العلمانيّة، ليست فكرةً ثابتةً مكتملة، بل هي في تحولٍ مستمرٍ مرتبطٍ بديناميكيّة المجتمع.

وللعلم فإنَّ العلمانيّةَ ليست بغريبةٍ عن العالم العربيّ، فلماذا يحصرُها (المتخوّفون، المحاربونَ لها) بالدولِ الأوروبيّةِ، ويجعلُ العالمَ العربيَّ في منأى عنها، وكأنَّ هذا الأخيرَ، لم يمرّ بها سابقاً، وكأنَّه ليس بحاجة إليها اليوم؟! علماً بأنَّها – حسب أحّدِ المفكرين- (لا تُختزل في التعريفِ الساذجِ الذي يجعلُ منها فصلاً للدينِ عن الدنيا، بل هي واقعٌ تاريخيٌّ، في تاريخٍ فعليٍّ) وبالتالي لابدَّ من ربطِها بالتحولاتِ المركّبة، وتعدادِ وجوهِها المعرفيّةِ والمؤسسيةِ والسياسيّةِ والأخلاقيّة.
في القرنِ التاسعِ عشر نشأت فكرةُ العلمانيّةِ في الفكرِ العربيّ، (حينما تمَّ التنازلُ عن الاحتكامِ للشرع في أمورِ الدنيا، ومسايرةً لتداعياتِ الحداثة لصالحِ الإنسان) ويقول أحّدُ المفكرين عن هذا النشوء: (حصل هذا لدينا عندما استبدلنا الفقهاءَ وقضاةَ الشرعِ، بالمحامين والقضاةِ المدنيين، والشيوخَ بالأساتذةِ، والمدارسَ الشرعيّةَ والكتاتيبَ بالمكاتبِ الرشدية ثم المدارس والجامعات. وعندما اعتمدنا أسساً لمعارفِنا العقليّة العلومَ الطبيعيّةَ والتاريخيّةَ والجغرافيّةَ بدلاً من الركونِ إلى المعرفةِ بالجنِّ والعفاريتِ والزقوم، ويأجوج ومأجوج، وموقع جبل قاف والتداوي بالرقى والطلاسمِ والأسماء الحسنى)!!
واليوم، وبما أننا نرى هذا التحالفَ العميقِ والوطيد بين سلطةِ الدينِ وسلطةِ الدولة، فلذلك يتمُّ المناداةُ بهذه العَلمانيّة؛ ليكونَ للدينِ شأنُه الخاصّ بعيداً عن الدولةِ ومؤسساتِها، وليكونَ للدولةِ شأنُها الخاصُّ المنعزلُ عن الدين، فلا يتمُّ الخلطُ بينهما، فلماذا هذا التخوّف؟! وإذا كانت العلمانيّةُ، كما أشار البعضُ، ثقافةٌ مجتمعيّةٌ تأتي عبرَ التراكمِ المعرفيّ، فليكنْ هذا التحالفُ بدايةً لهذه الثقافةِ المطروحة، ما المانعُ يا أيُّها المتخوّفون؟!.

سفيربرس _بيانكا ماضيّة

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *