إعلان
إعلان

كيف أرسى الإقتصاد المصري القديم الأساس لبناء الأهرامات ـ تأليف الدكتور أندرياس وينكلر

#سفيربرس ـ ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو

إعلان

يقع في ظلال إهرامات الجيزة أضرحة المسؤولين ورجال الحاشية الملكية المتوددة للملوك المدفونين في الأبنية العظيمة. تولى هؤلاء الرجال والنساء المسؤولية عن بناء الأهرامات وشملت المهندسين المعماريين والعسكريين والكهنة والموظفين الحكوميين من ذوي المرتبة الرفيعة. وقد تولى أولئك الموظفين إدارة إمور البلاد والتأكد من سلامة أمورها المالية لبناء هذه المدافن الملكية العملاقة يحدوهم الأمل ببقاءها إلى الأبد.
إرتكز الإقتصاد في المملكة القديمة التي إمتدت على مدى 500 سنة ما بين عامي 2686 و 2181 قبل الميلاد على الزراعة واعتمد بشكل كبير على النيل. غمر نهر النيل الحقول المتاخمة لضفافه ووفر لها الطمي الخصب ومكن من نقل السلع عبر البلاد.

تقترح الأبحاث أن معظم الأراضي الزراعية كانت جزءً من ملكيات ضخمة تقع تحت سيطرة التاج والمعابد المتنوعة وملاك العقارات الأثرياء والذين كانوا غالباً من المسؤوليين الملكيين.
ضريح أحد المسؤولين في المملكة القديمة يظهر القرابين الزراعية لمالك الضريح.
لا يمكن إعتبار مثل تلك الملكيات وحدات مستقلة كلياً ولكنها كانت متداخلة. وكانت طرفاً من شبكة إعادة التوزيع ذاتها وانصاعت بالتالي للملك وكانت إلى حد ما مستندة إلى الإدارة الحكومية المركزية. وربما شمل هذا النظام أيضاً شبكات رسمية وغير رسمية لإعادة التوزيع والعطايا. وارتبط هذا المجتمع في تلك الفترة بنظام إقطاعي على غرار النظام الذي تواجد في أوروبا في القرون الوسطى.

نظام ضريبي معقد
كانت الإقطاعات والبلدات هي الوحدات الأساسية للمنظومة الإقتصادية والإجتماعية. وتقترح المصادر البحثية أن التاج لم يفرض الضرائب على الأفراد مثل المزارعين لعدم إمتلاك الإدارة المقدرة على معالجة دقائق مثل تلك المهمة على مستوى البلاد برمتها. وبدلاً عن ذلك قامت بتكليف رؤساء هذه الإقطاعات الذين تحملوا عبئ إيصال العائدات إلى خزائن التاج والتأكد من أن القطاع الذي يخضع لإشرافهم قدم الفائض المتوقع. وربما أدى الفشل في القيام بذلك إلى العقاب الجسدي.
قام التاج بإجراء إحصائيات دورية لحساب الإيرادات وبالتالي مقدار الضرائب المستحقة للإدارة الملكية. لم يتم إحصاء الأفراد بل السلع الخاضعة للضريبة مثل قطعان الأبقار والأغنام والماعز. ولم يتضح جمع منتجات أخرى مثل المنسوجات وأنواع أخرى من الأعمال اليدوية.
تجمعت الضرائب المتحصلة في صوامع الحبوب(الأهراءات) والخزائن وأعُيد توزيعها على الإقطاعات أو مشاريع البناء من كافة الأنواع.

بقايا أهرامات أبو صير ومقبرة المدينة القديمة.

وقد يكون ذلك بناء ضريح ملكي والحفاظ على طائفة التحنيط. عُثر على أدلة لطوائف التحنيط تلك في أبو صير خارج مدينة القاهرة الحديثة. وفرت هذه النصوص إنارات للمؤرخين حول الأعمال اليومية وتعاملات الكهنة وكيفية إرتباط عبادة الملوك الراحلين بالإدارة الملكية والعديد من إقطاعات المعابد الأخرى.
الأداء السلس
كان رؤساء الإقطاعات على قدر من الثراء المكتسب بكد وعمل. تولوا مسؤولية سير عمل إقطاعاتهم بسلاسة وقاموا بإطعام وإكساء وإيواء عمال السخرة لديهم.
وفي بلدات الأهرام في الجيزة تناولوا طعاماً من اللحم البقري الفاخر والسمك والجعة. وكانت تلك إحدى منافع قوة عمل السخرة تلك والتي جُمعت من العديد من الإقطاعات عبر البلاد لبناء الصروح الملكية.
يذكر رقيم من أبيدوس في مصر العليا يعود لويني وهو قاض وقائد عسكري أنه تم تجنيد الجنود من نفس المجموعة البشرية التي حضر منه عمال السخرة. وانخرطوا في العديد من الحملات الممولة حكومياً نحو الأراضي الغنية بالمعادن والمتاخمة لمصر القديمة. وأحُضرت المواد الأولية مثل النحاس والخشب القاسي( اللازم لمشاريع البناء الكبرى) إلى مصر. وجُلبت المواد الفارهة إلى وادي النيل بما في ذلك الحيوانات الغريبة والنباتات والأفراد لتسلية البلاط الملكي.
عُثر في وادي الجرف بمحاذاة شاطئ البحر الأحمر والذي استخدم كميناء خلال عصر المملكة القديمة على وثائق من ورق البردي من عهد خوفو. احتوت تلك النصوص على سجل لربان يدعى ميرير وثق نشاطاته في نقل الرجال والسلع من مصر وإلى خارج مصر. وتخبرنا أوراق البردي أيضاً كيف اشترك مع 40 من رجاله في بناء الهرم عن طريق شحن الحجارة من المقالع إلى موقع البناء الهرم الأكبر في الجيزة.

أوراق البردي من وادي الجرف.

ويُفترض أن هذه المشاريع قامت بتنقية الجهاز الإداري وغذت الإقتصاد المصري. عمل ميرير والمسؤولين الحكوميين لصالح وزارة البناء الملكية والتي أنيط بها مسؤولية تشييد كافة أعمال البناء في البلاد وربما تشييد الأهرامات الكبرى في الجيزة وسقارة في الجنوب.
قدمت قوة العمل سواء كانت مدير ملكي أو عامل يدوي في موقع العمل خدمات للتاج. وبادل التاج العمل عبر تقديم الطعام والسلع الأخرى لزعماء العمل الذين قاموا بتدويرها نحو الأدنى عبر السلم الإجتماعي. ولكن لم يحصل سوى الأفراد في أعلى التسلسل الإجتماعي على طائفة تحنيط ممولة حكومياً قرب ضريح الملك.

#سفيربرس ـ ترجمة: إبراهيم عبدالله العلو

تأليف الدكتور أندرياس وينكلر. محاضر في علم المصريات بجامعة أوكسفورد.

المصدر:
https://theconversation.com/how-the-ancient-egyptian-economy-laid-the-groundwork-for-building-the-pyramids-107026

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *