إعلان
إعلان

الذكاء في تجاوز الابتلاء.. بقلم: د. إلهام التهامي

#سفيربرس _ الكويت

إعلان

قال تعالى “إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ” (49) القمر

لم يخلق الله سبحانه وتعالى شيئاً إلا لحكمة يعلمها، وما يصيبنا من ابتلاءات فهي في باطنها حكمة تكمن فيها الرحمة و قد يعي البعض منا ذلك وقد يجهل البعض الآخر هذا المعنى.

إن ما يوقن به صاحب الفطنة الوجدانية المرتفعة أن المصائب ما هي إلا من ألطاف الله تعالى بنا، فكم من مقصر يبتليه الله ليكون سبباً في توبته وسرعة رجوعه لخالقه، وكم من ألمٍ كان سبباً للنجاة من ألمٍ أكبر.

إنه الإيمان بأن جالب النفع هو الله ودافع الضر هو الله وأن رحمته سبقت غضبه وأنه تعالى أرحم بنا من أمهاتنا، بل أرحم بنا من أنفسنا. فالابتلاء سنة الله في كونه وطبيعة ملازمة لكل مخلوق وخاصة الانسان قال تعالى: “الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم احسن عملا وهو العزيز الغفور ” ٢ الملك.

جميعنا يعلم هذه الحقيقة وكثير منا يجيد التحدث عن الابتلاءات والشدائد والمحن والأزمات والأوبئة والأمراض.. ونقدم النصح والإرشاد والخطط المنضبطة والمدروسة لمن يبتلى، وهذا لا شك أمر طيب من باب التراحم والتناصح والإحساس بالآخر ومشاركته، ولكن الأصلح أنه عند تعرضنا نحن بالفعل للشدائد والمحن والابتلاءات أن تصبح أقوالنا -التي طالما نصحنا بها غيرنا- أفعالاً على أرض الواقع.

كثير منا يتعرض لهذا الاختبار القاسي فيرسب فيه، والسبب أن معرفة هؤلاء لهذه الحقائق كانت معرفة سطحية لا تتجاوز حد المعلومة ولم تتغلغل الى القلب والعقل معاً؛ فنرى منهم من يقابل الابتلاء بالانتحار وآخر يصاب بالرعب والهلع وثالث تستولي عليه الهموم وتجثم على صدره ومنهم من يصاب بالأمراض النفسية ورابع يستسلم وخامس تستولي عليه عقدة التشاؤم ويرى الحياة من خلف نظارة سوداء (مع أن الحياة حلوة، قالها لي معلمي).

وبالمقابل هنالك من يتعامل مع هذه الابتلاءات بوعي كامل وذكاء وحكمة وفطنة وتقبل للأحداث أيا كان نوعها، بل إنه يستقبلها بطريقة تخفف من وطأتها وأثرها فهؤلاء هم من سلموا بأن كل ما يقدره لنا الله هو خير . وضعوا لأنفسهم قناعات ثابتة لمواجهة الابتلاءات بشتى أنواعها والتغلب عليها وتجاوزها والخروج منها بسلام .

القناعة ١: الجميع مبتلى
فلست وحدك من تعرض للابتلاء ولست أفضل من الأنبياء عليهم السلام ولنا فيهم خير قدوة.

القناعة ٢: لا يوجد ابتلاء إلا ويوجد من أصيب بأعظم منه. سأرضى وأصبر ولي الأجر.

القناعة ٣: المحنة هي منحة من الله والمصيبة هي لطف منه سبحانه. فقد تكون محنتك سبباً في رجوعك إلى الحق “ولكن اكثر الناس لا يعلمون”.

القناعة ٤: تعلق القلب بالله وحده، ترجوه ..تخبت له.. تنطرح بين يديه.

القناعة ٥: الرضا بقدر الله وعدم الجزع (قولاً وعملاً)
ماذا جلب الجزع والسخط على أهله؟ ما زادهم إلا خسارة والعياذ بالله.

القناعة ٦: الدنيا عند الله أهون من جناح بعوضة، فلم الهلع عليها أو من أجلها؟

القناعة ٧: الأخذ بالأسباب والتوكل على الله.
الأخذ بجميع التدابير الممكنة لمواجهة الابتلاء وتجاوزه (اعقلها وتوكل)

القناعة ٨: الفرج بعد الكرب سنة ماضية وقضية مسلمة.
وكل الحادثات إذا تناهت
فموضوع بها الفرج القريب

القناعة ٩: لا تفكر بكيفية الفرج فقط كما ذكرنا خذ بالأسباب، فإن الله إذا أراد شيئاً يسر أسبابه بشيء لا يخطر على البال أحياناً.

القناعة ١٠: تجمل بالصبر ، وتحل بالرضا، واحتسب الأجر وتذكر ما أعده الله لأهل البلاء وفي الأثر: “يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلاَءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ”.

القناعة ١١: الدعاء الدعاء الدعاء، فسهمه صائب بإذنه تعالى.
فإذا ضاقتْ عليك الأرضُ بما رحُبتْ وضاقتْ عليك نفسُك بما حملتْ، فاهتفْ: يا الله.(اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ).

والآن أتساءل ما نتيجة اختبارنا هل اجتزناه وبها ونعمت، أم أخفقنا ولا زال بالعمر بقية لندرك ما فاتنا ونجتاز ما تعثرنا به من قبل؟

أبشر في كلا الحالتين فما زالت الفرصة قائمة وكما قال رسولنا الحبيب:
ﷺ: عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ. رواه مسلم.

#سفيربرس _ بقلم: د.إلهام التهامي
#الفطنة_الوجدانية

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *