إعلان
إعلان

دور التعليم الرقمي في مواجهة الأزمات والتحديات الراهنةـ إعداد :أ. عبدالله بدارنة

#سفيربرس ـ القاهرة

إعلان

إن التطور التكنولوجي الحاصل أدخل قفزة نوعية إيجابية كبيرة في بيئة العملية التعليمية بمختلف أنواعها، وساعد على إيصال المعلومات والبيانات: العلمية، التربوية وحتى السلوكية للمتعلم، والذي أدى بدوره إلى تحقيق الأهداف، وذلك من خلال اعتماد أسلوب التعلم الرقمي أو الإلكتروني الذي يعتبر من بين نتائج هذا التطور التكنولوجي، حيث يعتبر التعلم الرقمي من أهم الأساليب الحيوية المعتمدة في عملية التعلم خاصة في ظل الانفجار المعرفي والتطور التكنولوجي الحاصل في مختلف المجتمعات.

ولقد ساهمت التطورات التقنية في عصر الثورة التكنولوجية إلى ظهور هذا النمط التعليمي ليحفّز عملية توطيد العملية التعليمية لدى الفرد؛ إذ يمكن للمتعلّم أن يواصل تعليمه وفقاً لما يمتلكه من طاقة وقدرة على الاستيعاب والتعلم، بالإضافة إلى أنّ الخبرات والمهارات السابقة تساهم في تعزيز هذا النوع من التعلم، ويمكن اعتبار التعليم الإلكتروني أنه بمثابة أحد أشكال التعلّم عن بعد، ويجدر الإشارة إلى أن الحاسوب وشبكات الإنترنت جزءٌ لا يتجزّأ من عملية التعليم الإلكتروني لتحفيز عملية نقل المعارف والمهارات

مفهوم التعلم الرقمي

هناك تعريفات كثيرة للتعلم الرقمي منها:

التعليم الرقمي(Digital Learning): هو تقديم محتوى تعليمي إلكتروني عبر الوسائط المعتمدة على الكمبيوتر، وشبكاته، إلى المتعلم بشكل يتيح له إمكانية التفاعل النشط مع هذا المحتوى، ومع المعلم، ومع أقرانه، سواء كان ذلك بصورة متزامنة أم غير متزامنة، وكذلك إمكانية إتمام هذا التعلم في الوقت والمكان وبالسرعة التي تناسب ظروفه وقدراته، فضلاً عن إمكانية إدارة هذا التعلم أيضاً من خلال تلك الوسائط.

 

أنماط التعليم الرقمي:

1- التعليم الرقمي المباشر: والذي يتمثل في تلك الأساليب والتقنيات التعليمية المعتمدة على الشبكة العالمية للمعلومات بقصد إيصال مضامين تعليمية للمتعلم في الوقت الفعلي والممارس للتعليم أو التدريب.

2- التعليم الرقمي غير المباشر: وهو الذي يتمثل في عملية التعلم من خلال مجموعة الدورات التدريبية والحصص المنظمة، ويعتمد هذا النوع من التعلم الرقمي بالنسبة لحالة وجود ظروف متعددة لا تسمح بالحضور الفعلي للمتعلم.

3- التعليم الرقمي المختلط: ويجمع هذا النوع ما بين النوعين السابقين؛ حيث يمكن للجميع التواجد في الوقت نفسه أمام الشبكة وجهاز الحاسوب والمشاركة فعلياً فيها، وفي حال التغيب عن ذلك يمكن الرّجوع للمادة العلمية أو المقرر في أي وقت.

أهداف التعليم الرقمي:

لقد استندت المنظومة التربوية في المجتمع المعاصر إلى التعليم الرقمي؛ لما تنعكس عليه من آثار إيجابية في تحقيق أهداف العملية التعليمية التعلمية، ولذلك نجد أن من أهدافه:

  • القدرة على تلبية حاجات ورغبات المتعلمين المعرفية والعلمية.
  • تحسين عملية الاحتفاظ بالمعلومات المكتسبة والوصول إليها في الوقت المناسب.
  • سرعة تجديد المعلومات والمعارف وترتيبها حسب أهميتها والموقف المعاش.
  • تحسين التفاعل والتعامل بين طرفي العملية التعليمية (المعلم والمتعلم).

خصائص التعليم الرقمي:

حسب الاتحاد الأمريكي للتعليم عن بعد نجد من خصائص التعليم الرقمي ما يلي:

  • تدعيم عملية تكوين الفرد وتوفير الاتصال والتفاعل المتبادل.
  • الانتقال من نموذج نقل المعرفة إلى النموذج التعليم الموجه.
  • تشجيع المشاركة الديناميكية والحيوية للمتعلم.
  • الاعتماد على المهارات وبالخصوص مهارات التفكير العليا.
  • توفير مستويات متعددة من التفاعل وتشجيع التعليم النشط.
  • التركيز في عملية التعليم على مناقشة ودراسة مشكلات كمن الواقع المعاش للمتعلمين.

فوائد التعلم الرقمي:

أشارت الدراسات والبحوث في مجال تكنولوجيا التعليم إلى أن استخدام التعليم الرقمي يزيد من كفاءة الموقف التعليمي؛ لأنه يوفر ظروفا بيئية أكثر ملائمة للمتعلمين على اختلاف مستوياتهم العقلية والعمرية ومراحل تعلمهم، وأن استخدام تقنيات التعلم الرقمي في العملية التعليمية له أهمية كبيرة في زيادة مستوى تحصيل المتعلمين، وتعزيز جوانب التفاعل الصفي، وجعل الخبرة التعليمية أكثر واقعية وقبولا للتطبيق، وجعل التعليم عملية مستمرة ويمكن توضيح فوائد التعليم الرقمي كالتالي:

  • يساعد على مواجهة تحديات المدارس في زيادة نسبة غياب الطلاب والتسرب الدراسي.
  • يسهم في تقليل الهدر من الموارد ويوفر نظام متابعة دقيقة لمستوى تقدم الطلبة.
  • ينمي مهارات الطلاب في التعلم للمستقل والتعلم الذاتي ويكسبهم مهارات شخصية.
  • ينمي مهارات التواصل ويسهل عملية التواصل مع جميع المعنيين بتعلم الطلاب.
  • يخلق منظومة تعليمية متطورة تتماشى مع التقدم المتسارع في العالم.
  • يستشرف المستقبل في حقبة العصر الرقمي من أجل التصدي للأزمات بالذكاء الرقمي.
  • يعطي الفائدة للطلاب في صورة مفيدة وممتعة وسريعة وسهلة الاستيعاب.
  • يساعد على اكتشاف البراعة الرقمية للطلاب في مرحلة الطفولة المبكرة.
  • يضمن إيصال المعلومة للمتعلم بأقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة.
  • يجعل الطالب أكثر اهتماماً عند استخدام تقنيات جديدة في التعليم.

أثر التعليم الرقمي باستخدام التكنولوجيا الحديثة

نتيجة للتطور السريع والكبير في تكنولوجيا التعليم في العقديين الماضيين فقد ظهر عنه إنتاج وسائط حديثة للتواصل الاجتماعي، عملت على تغيير أنماط حياة الأفراد اليومية، وعلاقاتهم الاجتماعية، وطرق تفاعلهم المعروفة، وطالت أيضا جوانب حياتهم السياسية والنفسية والاقتصادية والتربوية والصحية، كما عملت في الوقت نفسه على تغيير واضح في طبيعة أنماط الاتصال التقليدية التي تعودوا عليها في المجتمع، وعلى الرغم من أن الأنترنت يعد أبرز ما أسفر عنه توظيف تكنولوجيا التعليم في خدمة البشرية، إلا أن ظهور التكنولوجيا الرقمية الحديثة أو ما يعرف بالتعليم الرقمي  تعد بحق الثمرة الأهم.

إن القيمة التي يضيفها التعليم الرقمي باستخدام الشبكات والحواسيب الذكية على العملية التعليمية تشمل جانبين: الجانب المعرفي(المتمثل في اتقان مهارات القراءة والكتابة والحساب ومهارات البحث) والجانب التربوي( المتمثل في تغيير السلوك واكساب مهارات الحياة وتنمية الحافز للتعلم)، فهو في مجملة ترجمة حقيقية وعملية لفلسفه التعليم عن بعد التي تقوم على توسيع قاعدة الفرص التعليمية أمام الأفراد، وتخفيض كلفتها بالمقارنة مع نظم التعلم التقليدية، باعتبارها فلسفة تؤكد حق الأفراد في اغتنام الفرص التعليمية المتاحة، وغير المقيدة بوقت أو مكان ولا بفئة من المتعلمين، وغير المقتصرة على مستوى أو نوع معين من التعليم.

ونتيجة للدور المهم للتكنولوجيا الرقمية أصبحنا نعيش اليوم عصر تفجر المعرفة والتطور الهائل للوسائل التكنولوجية، فنتج عن هذا التطور تغيراً في جميع مجالات الحياة، فأوجدت التكنولوجيا الحديثة تغيرات في مجال التعليم، حيث تغيرت أهدافه ومجالاته وطرقه وأساليبه وظهرت مصطلحات ومسميات جديدة لطرق التعلم منها: التعلم الالكتروني والتعلم المباشر والتعلم عن بعد وغيرها، وجميعها تبحث في توظيف التكنولوجيا الرقمية في عملية التعليم والتعلم، والتعليم الرقمي يكون فعال إذا توفر شرطان أساسيان هما:

  • التعرف على تكنولوجيا التعليم والمهارات التقنية والتكنولوجية.
  • توفير بيئة تعليمية جديدة من التعلم عن طريق التعلم الذاتي.

هل يمكن للتكنولوجيا الرقمية أن تعزز فرص التعليم في ظل الأزمات والتحديات الراهنة؟

يظهر الحديث دائما عن أهمية التعليم الرقمي في العالم، كحل في ظل الظروف الحالية لمواجهة التحديات والأزمات، حيث تركز أغلب الدول وخصوصا المتقدمة منها إضافة إلى بعض الدول العربية مثل الإمارات على النهوض بهذا القطاع وتطويره عبر إدخال آليات جديدة في التدريس معتمدة على الأجهزة التكنولوجية المتطورة.

ونظرا لأن التنافس العالمي أضحى قائما على المعرفة والابتكار، فإن العديد من البلدان تركز أهدافها التعليمية على هذا الاتجاه وتؤكد العديد من الدراسات على أهمية التكنولوجيا الرقمية في توفير فرص تعلم أفضل للطلبة، في المقابل أكدت أنه رغم التطور الذي يمكن أن تحدثه هذه التكنولوجيا الرقمية، فإن المهمّة التي يقوم بها المعلم تظل أساسية لجهة الدور الموكول له في الإرشاد ومتابعة الطلاب وتنمية مهاراتهم.

ويقر الباحثون بأن المهارات الرقمية أضحت متوفرة بشكل متزايد في التعليم، ويقدمون مثالاً على ذلك أن بعض الدول في العالم العربي والتي أدمجت الإلمام بالتعليم الرقمي، كما هو واضح في دولة الإمارات حيث دخلت سباق التحدي في هذا المجال، من خلال توفير كل الظروف والإمكانيات للنهوض بقطاع التعليم وتعميم تجربة التعليم الرقمي على كافة المؤسسات، ويوصف التعليم الرقمي في الكثير من الأحيان بأنه طريقة جذابة للوصول إلى المزيد من الناس بشكل أسرع وأكثر شمولا، وتعتبر جائحة أزمة كورونا الحالية مثالاً حياً على الطرق التي تكون فيها الوسائل الرقمية قناة تواصل مهمة بين الجميع وخاصة الطلبة، وتسهل في هذه الحالة طرق الاندماج بالنسبة إلى مجموعات كبيرة، حيث يُنظر إلى تكنولوجيات التعليم على أنها الوسيلة الوحيدة التي تسمح للمتعلمين بالمشاركة في عملية التعليم، ويشير الخبراء إلى أن التكنولوجيا الرقمية بإمكانها أن تساعد في جعل تجارب التعلم لدى الطلبة أكثر جاذبية، كما أنها تساهم بصفة ملحوظة في تقوية التعليم العميق، ولكن مع ذلك فإنهم يقرون بأن دور المعلم يبقى ضرورياً في الوصول إلى هذه النتيجة.

توظيف التكنولوجيا الرقمية في التعليم في وقت الأزمة: فيروس كورونا أنموذجا 

التغيير هو صفة مستمرة في حياتنا، ومحرك يدفعنا نحو الأفضل، وبمقدار ما نستفيد من هذا التغيير سنتقدم نحو الأفضل، ولقد مر على الإنسان العديد من التغيرات التي أثرت في مجريات حياته، بدءاً بالثورة الصناعية، مروراً بالثورة المعلوماتية الرقمية وصولاً لعهد الذكاء الاصطناعي، والمتأمل في مراحل النهضة الثلاث، يستنتج أن القاسم المشترك بينها هو التكنولوجيا، فالتكنولوجيا مصطلح يشير إلى تطبيق العلم وإلى لغة التخطيط والتصميم والإنتاج، وتُعد” التكنولوجيا الرقمية ” إحدى أهم أشكال التطور التقني الحديث، وباباً واسعاً للعديد من التطبيقات المعاصرة، ونتيجة للتقدم الحاصل في التكنولوجيا الرقمية الحديثة، تأثرت بها مناهج التعليم بشكل عام، فالطالب يميل بطبعه نحو الجديد وغير المألوف، فالتقنية تمتاز بكونها جذابه وممتعة ومسلية ومشوقة، وتستجيب لمقتضيات حياتنا وتلبي حاجاتنا المعاصرة.

وقد ظهر اتجاه تحو استخدام التكنولوجيا الرقمية في التعليم من خلال تشكيل بيئة تعليمية متكاملة تجمع كلاَّ من: المعلم والطالب والمنهج، بحيث يمكن من خلالها تقديم الدروس الإلكترونية، وتلقي الأسئلة، والإشراف على الطلبة المشاركين، وتسليم الواجبات وتقديم الامتحانات وغيرها من الأمور من خلال الصفوف الافتراضية.

التعليم وأزمة كورونا

يشير مفهوم الأزمة إلى ظرف غير طبيعي يؤثر على الأفراد، إما على المستوى الشخصي أو العائلي أو المجتمعي أو العالمي، بصورة خطر أو تهديد حقيقي يؤثر على سير الحياة اليومية للإنسان، وبلغة أخرى فالأزمة من وجهة نظر النظام هي مجموعة من المدخلات التي تؤثر سلباً على عمليات التعليم ومخرجاته، حيث بدأت في الصين وأخذ ينتشر في معظم بلدان العالم، فأحدث صدمة عالمية مباشرة أثرت على عملية التعليم بصورة أساسية ولدى معظم البلدان التي ظهر بها، ويكمن سبب تأثير مرض كورونا على عملية التعليم في طريقة انتقاله، والتي تكون في أغلب الحالات عن طريق التواصل المباشر مع المريض أو ملامسة الأسطح الملوثة، مما ألزم صانعي القرار على منع التجمعات واللقاءات والمناسبات الاجتماعية المحصورة في مكان محدد، وتعد المؤسسات التعليمية إحدى أكبر التجمعات في عالمنا المعاصر، مما حدا بالدول إلى اتخاذ قرارات صعبة والمتمثلة بإغلاق المؤسسات التعليمية، مثل: رياض أطفال، والمدارس (العامة والخاصة)، والجامعات والكليات، ومراكز التعليم، ودور الرعاية وغيرها.

وهنا يتبلور سؤال مهم، هو: كيف يمكننا مواصلة رحلة التعليم في وقت أزمة كورونا؟

ومن هنا فرضت الأزمة على صانعي القرار مواصلة رحلة التعليم من خلال التفكير مباشرة نحو التكنولوجيا الرقمية للتغلب على هذه الأزمة؛ لما تتمتع به من ميزات في تطوير العملية التعليمية، من حيث:

  • إمكانية استخدام أدواتها بسهولة وفي مختلف الأماكن: حيث تتميز أدوات التكنولوجيا الرقمية الحديثة بكونها مناسبة من حيث حجمها، ابتداءً بالحاسوب الشخصي والمحمول (اللاب توب)، وصولاً إلى لأجهزة اللوحية (التابلت)، وانتهاءً بالهاتف الذكي، مما أنتج مرونة وسهولة في استخدامها لمختلف الظروف.
  • تنوع التطبيقات التي تقدمها: تتميز التطبيقات التي تعمل بواسطة أجهزة التكنولوجيا الرقمية بالتنوع، فنجد العديد من التطبيقات التي تعالج نفس التخصص والمحتوى العلمي.
  • دعمها لأنواع مختلفة من المحتوى الرقمي: وتتضمن العديد من مكونات الوسائط المتعددة، مثل الصوت والصورة والفيديو والرسوم المتحركة والحركة والنصوص والصوت والألوان، وهذه المكونات تساهم في تحويل المحتوى التعليمي للمواد الدراسية إلى محتوى رقمي متنوع وتفاعلي يخاطب العديد من حواس الإنسان، مما يسهم في جذب انتباههم وتغيير قناعاتهم وميولهم نحو تعلمها.
  • قدرتها العالية على التواصل والاتصال: وتتضمن قدرة الأجهزة الرقمية على التواصل فيما بينها، وذلك عن طريق العديد من الوسائط منها: الشبكات السلكية، وغير السلكية.
  • قدرتها على محاكاة عمل البيئات التعليمية: وتُعد هذه النقطة الأهم في هذا الجانب، حيث استطاعت التكنولوجيا الرقمية بناء بيئات تعليمية افتراضية تشابه إلى درجة كبيرة ما هو موجود داخل الفصول الدراسية الاعتيادية، حيث تجمع تلك البيئات كل من: المعلم والطالب والمنهج، مما يساهم في جعل التواصل بين الأفراد أكثر سهولة.
  • توفيرها لخدمات الحوسبة والتخزين السحابية: يشير مفهوم الحوسبة السحابية إلى التقنية القائمة على نقل ومعالجة وتخزين البيانات والمعلومات والأوامر والإعدادات الخاصة بالمستخدم (المعلم والطالب).
  • تكامل تطبيقاتها وتوافقها: يشير مفهوم التكامل والتوافق إلى إمكانية استخدام التطبيقات الرقمية بغض النظر عن نوع جهاز الحاسوب أو الهاتف الذكي أو الأجهزة اللوحية، بالإضافة إلى إمكانية العمل على مختلف الأجهزة بغض النظر عن مواصفاتها أو أنظمة التشغيل التي تعمل عليها.

وبعد عرض ميزات التكنولوجيا الرقمية، لا بد من الإجابة عن السؤال الأهم، وهو: ما أفضل الإجراءات المستندة على التكنولوجيا الرقمية التي يمكن استخدامها في أزمة كورونا؟

على ضوء أزمة فيروس كورونا، وما نتج عنها من إغلاق للمؤسسات التعليمية، وعلى ضوء ميزات أدوات التكنولوجيا الرقمية وإمكانياتها، يمكن الإجابة من خلال التوصية بمجموعة من الإجراءات الآتية:

  • التركيز على استراتيجيات التعليم القائمة على التكنولوجيا: مثل: التعليم المعكوس، والرحلات المعرفيةعبر شبكة المعلومات الحاسوبية، استراتيجيات المحاكاة والتمرين، استراتيجيات الأنشطة الذاتية الرقمية وغيرها.
  • التركيز على مصادر المعلومات الرقمية: مثل: القنوات التعليمية في اليوتيوب، حيث يستطيع المعلم شرح الدرس وتخزينها وتقديمها بصورة مجانية، ويستطيع الطلبة حضور تلك الدروس في أي وقت ممكن، بالإضافة إلى المواقع التعليمية الإلكترونية المختلفة، مع ضرورة الإشارة إلى التركيز على المحتوى المرئي التفاعلي، وعدم الاقتصار على فيديو تعليمي للمشاهدة فقط.
  • التركيز على بيئات التعلم الافتراضية والمعززة: ويقصد بالتعلم الافتراضي تمثيل البيئات الحقيقية بأخرى افتراضية تكون مشابه لها إلى حد كبير، بحيث يشعر الطالب بوجوده داخل الخبرات التربوية مباشرة، أما مصطلح الواقع المعزّز، فيشير إلى إضافة معلومات رقمية إلى البيئة الحقيقية بهدف دمج النموذجين: الواقعي والرقمي في آن واحد.
  • تفعيل التعليم عبر الفصول الافتراضية: ويشير مفهوم الفصول الافتراضية إلى بيئة تعليمية رقمية (افتراضية) تجمع كلاَّ من: الطالب والمعلم والمنهج، وتكون مشابه للفصول الحقيقية، وتمكن المعلم من التواصل مع الطلبة وطرح الأسئلة وتلقي الإجابات وتقديم التغذية الراجعة، بالإضافة إلى تميزها بتقديم مجموعة متكاملة من أدوات التقويم المختلفة مع قدرة المعلم على تصحيح الامتحانات وتسجيلها وإجراء المعالجات المطلوبة منه.

ويعد التعليم عن بعد، أبرز ما أفرزته جائحة الفيروس التاجي «كوفيد-19»، وكعادتها كانت الإمارات ضمن أوائل الدول التي نجحت في تطبيق «التعليم الافتراضي»، لتحمي من خلاله منابر العلم، من خطورة «كورونا»، وتداعياته، نعم، مليون ومئة ألف طالب، وطالبة، في الإمارات، يتلقون تعليمهم من خلال منصات معرفية ذكية، كما، أن الإمارات كسبت الرهان، في تجربة التعلم عن بعد، الذي حقق مكاسب تربوية، وتعليمية، واجتماعية كبيرة، ، كما أنها استطاعت أن وتسخر التكنولوجيا والموارد التعليمية والأكاديمية، لخدمة الطلبة، بعيداً عن العوائق المكانية والزمانية التي تفرضها المستجدات.

تجربة دولة الإمارات في مواجهة الأزمات والتحديات الراهنة: أزمة كورونا

استعدت دولة الإمارات منذ فترة طويلة لإدارة الأزمات والكوارث بتأسيسها بنية تحتية تكنولوجية رقمية متقدمة تم العمل على ترسيخها والاستثمار فيها منذ سنوات عدة في مختلف القطاعات: الصحية والتعليمية، حيث عملت وزارة التربية والتعليم على وضع خطط منذ وقت مبكر لمواجهة الأزمات والكوارث وأعلنت عن جاهزيتها لتطبيق التعليم عن بعد، من خلال تدريب المعلمين والطلاب على كيفية استخدام منصات التعليم الإلكترونية وأدوات التعلم عن بعد المختلفة للتعليم عن بعد، وعملت الوزارة على تصميم مختلف البرامج التعليمية والدورات التعليمية المختلفة لتتناسب مع مختلف المنصات، من خلال الاعتماد على حزمة من الأدوات التعليمية التي تقوم على اللقاءات (وجها لوجه) مع المحادثات الجماعية عبر الإنترنت (صوت وفيديو) باستخدام    Microsoft Teams، إلى جانب وسائل التعليم الرقمي من مكتبات رقمية ووسائط متعددة وغيرها من أدوات التعليم الإلكتروني.

وقد بدأت وزارة التربية والتعليم مرحلة جديدة من رحلة التعلم المستمرة للطلبة على مستوى الدولة، ترتكز على التقنية والتعلم الذكي، وأساليب متفردة، تتشابه فيها الأدوار والمسؤوليات والمهام، وما يميزها أنها تواكب الحداثة في التعليم، وتسخر التكنولوجيا والموارد التعليمية والأكاديمية والالكترونية لخدمة طلبتنا بعيدا عن أي عوائق مكانية أو زمانية تفرضها المستجدات التي قد تحول دون مواصلة عملية التعلم الاعتيادية ضمن الصفوف المدرسية.

وعملت الوزارة على وضع الأدلة والإرشادات الخاصة بتسخير تقنيات وتكنولوجيا التعليم عن بُعد، موضع التنفيذ، وجرى تدريب المعلمين والطلاب على كيفية استخدامها، إضافة إلى وضع جدول تنظيم أوقات دوام الطلبة والخطط التنفيذية الخاصة بأنشطة الطلاب واختباراتهم.، وتعمل الوزارة باستمرار على تطوير خطط واستراتيجيات تنسجم مع رؤية القيادة الرشيدة، من خلال خلق بيئة تعليمية مستقبلية متميزة ومتعددة قادرة على مواكبة كافة المتغيرات إقليمياً وعالمياً، حيث تركز رؤية الوزارة على أهمية دمج النظم والأساليب والوسائل التعليمية الإلكترونية مع التعليم التقليدي، ويعد أسلوب التعليم عن بعد الحل الأمثل في الأزمات والكوارث الطبيعية، حيث يساهم في تزويد الطلاب بكافة المناهج التعليمية المقررة، في حال اضطرار الطلاب للبقاء في منازلهم، كما يعزز ثقتهم بقدراتهم وتحملهم مسؤولية التعلّم بأنفسهم ويشجعهم على ممارسة التعلّم الذاتي، وتحقيقا لأفضل أداء ومتابعة سير عمليات التعليم عن بعد، جهزت وزارة التربية والتعليم مركزي عمليات متطورين، يتضمنان أنظمة حديثة وشاشات، لمتابعة التعلم من قبل قطاع العمليات المدرسية وذلك لضمان سلاسة التعامل مع موارد تكنولوجيا المعلومات، ولضمان تحقيق تواصل فعال بين الطلبة والمعلمين ولكفاءة العمليات التعليمية دشنت الوزارة مركز علميات في مبنى المدرسة الإماراتية بأبوظبي وآخر في معهد تدريب المعلمين بعجمان يتم من خلالهما متابعة طريقة التعليم باستخدام آليات الاتصال الحديثة من حاسب وشبكاته ووسائطه المتعددة من صوت وصورة، ورسومات، وآليات بحث، و مكتبات إلكترونية و بوابات الإنترنت عن بعد عبر مجتمعات التعلم الافتراضية بما يضمن سلاسة استخدام التقنية بجميع أنواعها في إيصال المعلومة للمتعلم بأقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة.

وتعتبر منظومة التعلم عن بعد، ثمرة ونتاج سنوات من العمل، لتحقيق قفزات نوعية في النظام التعليمي، ترسخت فيها أسس وآليات ومعايير العملية التعليمية، وتوطدت بفضل رؤية تربوية تسعى لأن تكون المدرسة الإماراتية في الطليعة، بما تحويه من بيئات تعلم متنوعة ومميزة وفعالية، وممارسات حديثة تخدم عناصر العملية التعليمية، وتوفر للطلبة البيئة الخصبة لمواصلة التعلم مدى الحياة، وأصبح تطبيق التعلم الذكي، في المدارس ومؤسسات التعليم العالي، مهماً؛ كونه ييسر عملية التعلم أمام الطلبة الذين قد يواجهون صعوبات معينة، فضلا عن كونها صمام أمان لاستمرارية التعليم في حال حدوث أي مستجدات.كما أن فلسفة وزارة التربية والتعليم تستند إلى تحقيق أجندة الدولة المستقبلية ومئويتها 2071، والاستثمار في الممكنات التكنولوجية التي أضحت نهجاً حكوميا ووطنيا لخدمة المجتمع وتحقيق التطور المنشود، وتم توظيف هذه الإمكانيات والموارد في العملية التعليمية لتكون إضافة نوعية تعزز قدرات ومخرجات المدرسة الإماراتية وهذا ما نصبو إليه في ظل تسارع وتيرة التنافسية العالمية التي يشكل التعلم أساسا لها.

ومن أدوات التعلم عن بعد بوابة التعلم الذكي، حيث تعمل على ربط المعلم بالطالب، وولي الأمر والقيادة المدرسية بأحدث وسائل التعلم والتواصل في الصف، والمنزل ومن خلال الحواسيب المحمولة أو الهواتف الجوالة ومتابعة الأداء الدراسي والسلوكي للطلبة، وتعزيز المستوي الأكاديمي للطالب ضمن أجواء دراسية قائمة على التفاعل تغذي بدورها مجموعة أهداف، منها التعرف على المستوى التقني والتكنولوجي للطالب وتطويره.

وحددت وزارة التربية والتعليم أدوار كل من الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور والقيادات المدرسية، ضمن منظومتها للتعلم عن بعد، وذلك عبر بوابة التعلم الذكي الخاصة بها التي طورتها منذ إطلاق منظومة التعليم المطورة، تحت مظلة المدرسة الإماراتية وضمن خططها للاستفادة من التقنيات والتكنولوجيا المتقدمة، خدمة لأغراض التعليم وتوظيفها، كذلك للارتقاء بمعارف ومهارات وقدرات مختلف مكونات العملية التعليمية، كما حددت الوزارة دور المعلم في منظومة التعلم عن بعد في إعداد المحتوى التعليمي الإلكتروني والتجهيز لبثه وتقديمه للطلبة إلكترونيا وصولاً إلى مرحلة اختتام الدرس، والتأكد من وصول مستهدفاته للطلبة وعلى المعلم أن يقوم قبل بدء الدرس بتهيئة الطلبة ذهنيا ونفسيا كما في الحصة العادية.

الخاتمة:

بات التعليم الرقمي جزء لا يتجزأ من النظام التعليمي، كما أنه غير كثيراً من الطريقة التي ننظر فيها إلى التعليم في عالم اليوم؛ اما له من العديد من الفوائد والإيجابيات التي يمكن للدول والمجتمعات و للطلاب الاستفادة منها في المستقبل، ومن هذا المنطلق تسعى الأمم والمجتمعات إلى اعتماد هذا النوع من التعلم لتواكب التطور الحاصل على مستوى حاجات و اهتمامات الأفراد وفق متطلبات جودة الحياة التي يسعون إلى تحقيقها.

وخلص البحث بمجموعة من التوصيات منها:

–  استخدام التعلم الرقمي أو الإلكتروني يعتبر أساساً فعالاً في مواجهة الأزمات والتحديات الراهنة.

– دعوة لإعادة النظر في النظم التعليمية للاستفادة من التكنولوجيا الرقمية في التعليم؛ لنكون أقدر على مواجهة التحديات المختلفة في المستقبل.

 

#سفيربرس ـإعداد :أ. عبدالله بدارنة

ماجستيبر تكنولوجيا التعليم

معلم في وزارة التربية والتعليم الإماراتية

 

الـمراجـع

  • إبراهيم، محمد. (2020). التعليم الافتراضي سيناريوهات تغير وجهة منظومة العلم. صحيفة الخليج، مقال نشر بتاريخ 19/4 /2020 استرجع بتاريخ 12/5/2020 متوفر:

http://www.alkhaleej.ae/supplements/page/6f7e5f5d-4354-484b-a109-2568346f02af

  • أبو سارة، عبدالرحمن محمد.(2020). توظيف التكنولوجيا الرقمية في التعليم في وقت الأزمة: فيروس كورونا أنموذجا. صحيفة البيان، مقال نشر بتاريخ21/3/2020 استرجع بتاريخ 11/5/2020 متوفر:

التكنولوجيا-الرقمية-التعليم-و-كورونا https://www.new-educ.com/

  • الطف، أياد.(2019).أثر التعلم الرقمي باستخدام الأجهزة الذكية على التحصيل العلمي للطلاب في مقرر الوسائل التعليمية واتجاهاتهم نحو استخدام الأجهزة الذكية في التعلم والتعليم. مجلة جامعة القرى للعلوم التربوية والنفسية، مجلد10، عدد (2)، ص.218-312.
  • رفيقة، يخلف.(2019). جودة التعليم الرقمي. مجلة الإناسة وعلوم المجتمع، العدد (5)، ص.166-185.
  • عامر، أحمد.(2017). عناصر التعلم الرقمية، صحيفة البيان. مقال نشر بتاريخ 42/2/2017 استرجع بتاريخ 11/5/2020 متوفر:          عناصر-التعلم-الرقمية https://www.new-educ.com/
  • علي، لونيس؛ اشعلان، ياسمينة.(2011). دور التعليم الرقمي في تحسين الأداء لدى (البيئة المهنية نموذجا). مجلة العوم الإنسانية والاجتماعية، مجلد3، عدد (6)، ص.414-421.

https://dspace.univouargla.dz/jspui/bitstream/123456789/6102/1/SSP0331.pdf

Different Types of Distance Learning”, www.eztalks.com, Retrieved 26-6-2018. Edited.

Michael Simonson Gary A. Berg, “Distance learning”، www.britannica.com, Retrieved 26-6-2018. Edited.

 

 

 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *