إعلان
إعلان

حفل ومحاكمة..في صالون القيامة .. بقلم : نسرين جردي

#سفيربرس

إعلان

كنت أسرح شعري أمام المرآة عندما اقتحمت فراشتان برتقاليتان غرفتي من زجاج النافذة خلسةً..
أمسكتا بذراعي وحاولتا إصعادي على الغيمة البيضاء عنوةً..
إنه يوم محاكمتك في السماء ..ما من وقت
خفت وتلعثمت..إنه وقت نومي
حاولت نزع خلخالي،أو أن أبدل فستان نومي القصير..لكن دون جدوى
الفراشتان كانتا على عجل من أمرهما..
بدأت الغيمة بالتحليق عالياً..
النار بانتظاري لا محال.. فأنا لم أرتاد دور العبادة يوماً
الفراشتان قيدتا ذراعي عندما حاولت أن أضفر شعري..أو أن أهدأ فستاني المتطاير مع الهواء..
لكني أخفقت مرةً أخرى..
لعلني سأحاكم متلبسة..
حطت الغيمة بهدوء،ودخلت للمحاكمة وحدي مقيدة اليدين..
ركعت على الأرض باكيةً خاشعةً للرب..
أيها الرب : لقد حذروني مراراً من الأشياء التي تغضبك ..لكني لم أكترث
أخبروني بأنك ستعلقني من شعري ورموشي..وبأن الأفاعي ستلتهمني من عنقي الذي أضع عليه طيوباً مثيرة يوم الحساب..
حقاً؟!..
أيها الرب :أعترف اليوم أمامك بأني ارتديت في قدمي خلخالاً.. ولونت شعري باللون الذهبي لمرة واحدة ..ثم استبدلته بالأسود
نعم اعترف..
أخبروني بأن تلوين الشعر باللون لأسود غير محبب لدى الله..
أحقاً أيها الرب؟!
أعترف بأني عشقت رجلاً وتراقصت معه في مقهى”روسيني”
وأني في كل يوم :
أدهن جسدي بمساحيق برائحة الفراولة..
وأرش على عنقي عطوراً مثيرة..
رسمت على كامل ظهري فراشات ملونة..
فراشات تخفي طعنات سكاكين الغدر..
لقد كانت تلك السكاكين مؤلمة أيها الرب..
أعترف بأني تناولت وحبيبي “الماريغوانا” لمرة واحدة..
أقسم بأني تناولتها مرة واحدة فقط..
وبعدها قمنا بفرقعة أصابع قدمينا وأيدينا..
ومع كل فرقعة إصبع كنا نضحك طويلاً..
نعم أعترف..
أعترف بأني زورت نتائج امتحاناتي لأحظى بمال أكثر من والدي..
سرقت ألواح الشوكولاته من خزانة أمي..وفي كل مرة كنت أتهم أخي..
وقصصت غطاء سرير أمي الحريري لأصنع منه ثياباً لقطتي الصغيرة..
أيها الرب..لقد سكبت الماء في المربى بعد أن انتهت من صنعه أمي..
ولم أكتفي بذلك ..
بل كنت أدخل “القرباط” إلى بيتنا دون علم أمي..
وأضع ملاقط الغسيل على أنفي و أذني لأخيف جدتي..
أعترف بأني لعبت الغميضة في مقامات القرية..واختبأت في التوابيت!!
لا أحد من حولي..لكني أسمع صوت احتفالات تقترب مني
إنها الفراشتان..تحملان قالباً كبيراً من الحلوى..
وتهمسان بأذني بأنه رعبون حب من السماء عن أعيادي المؤجلة دائماً..
أياد بيضاء تفك القيد من معصمي..وتطبطب برأفة على كتفي وتمسح دموعي..
الفراشتان تشير لي لأراقب الجدار الكبير..
جدار ممتلئ بوجوه الأحباء والأصدقاء بأجساد الأفاعي..
جدار ممتلئ بغدرهم وخذلانهم..
والسماء تقسم لي بالرب أن تمسح من قلبي وظهري طعنات سكاكينهم..
الغيمة البيضاء وصلت معلنةً موعد هبوطي للأرض وحيدة..
شكراً أيها الرب..
انتهت المحاكمة..

#سفيربرس _ بقلم : نسرين جردي

 

سفيربرس ـ نسرين جردي
إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *