إعلان
إعلان

اضطراب الانهيدونيا أو انعدام الشغف والمتعة . بقلم : الدكتورة غالية اسعيّد.

#سفيربرس

إعلان

يعزُّ على المرء أن يفقد الشغف، شغفه للأشياء التي كان يدفع من عمره ثمناً لأجلها…..
لذلك قالوا افعل الأشياء بحب أو لا تفعلها، وهنا تكمن أهمية شعور الإنسان بالشغف تجاه الأشياء التي يفعلها مهما كانت صغيرة، الشغف هو المحرك الأساسي لكل شيء، وفقدانه يعني الإصابة بالخمول والكسل، لأن فقدانك للشغف يعني أن تفقد حماسك، وألّا يكون لديك دافعٌ لفعل أي شيء.
فالشغف هو الوقود الذي يُحركنا من الداخل، وهو الذي يدفعنا للتحدي، وكل شيء نمارسه مرهونٌ بمدى شعورنا بالشغف تجاهه، الشغف أهم مما نتصور، هو إحساسك بحُب ما فعله، إحساسك بروعة ما تنجزه وتقدمه، ‘إحساسك بأنك أصبت باختيار هذا العمل، ودعمك المديد للصبر على معوقاته التي ستواجهك لاحقاً، لكن للأسف نشعر أحياناً أننا نفقده، فيصيبنا السكون والخمول في أعماقنا، ونعجز عن فعل أبسط الأشياء.
فنصبح عبارة عن كائنات تتحرك حسب حركة الأرض الطبيعية بعيداً عن كل ما يدعو إلى الحماس والرغبة والحب حتى، فنتحول إلى كائنات مملة، وكئيبة، جامدة، تكاد الحياة تصارع معنا مراحها الأخير بفوزها المحتم علينا.
نحن كائنات عندما نحظى بالشغف قد لا نستطيع النوم لأجل شيء نحبه، وقد لا نشعر بالتعب أبداً في سبيل تحقيقه! لكن شغفنا يتأرجح أحياناً ما بين مدٍ وجزر، وهذا أمر صحي وطبيعي إلى حد ما، لكن من غير الطبيعي أن يختفي لفترة طويلة، خاصة إذا اقترن هذا الفقدان بشعور الإحباط أو الحزن، والشعور بأن القلب الذي كان مثل النار المشتعلة تجاه شيءٍ ما أصبح بارداً لا يُحركه أي حماس، وقد نشعر في هذه اللحظة بأننا محبطون من أنفسنا ونتساءل عن سبب فقدان الشعور بالشغف الذي كان موجوداً في الماضي.
إنه الانهيدونيا أو اضطراب انعدام المتعة وفقدان الشغف.
فما هي الانهيدونيا أو أعراض انعدام التلذذ؟
يعاني بعضنا أو أغلبنا حالياً من حالة مرضية تسمى الانهيدونيا أو انعدام اللذة، حيث لا يجدون متعة أو لذة في كثير من الأمور، التي ربما كانوا يتمتعون بها في السابق.
ويعد الانهيدونيا واحداً من اضطرابات النفسية التي تتعدد الأسباب المؤدية إليه، ويمكن القول إن هذا الاضطراب يتمظهر في العلاقات التي يتمحور حولها الشخص، كعلاقته بنفسه وعلاقته بالآخرين، وكلاهما يجد فيه الشخص نفسه بلا تفاعل أو تجاذب أو رغبة في المواصلة، وقد يكون أكثر خوفاً في هذا الاضطراب أن الوقاية منه غير ممكنة، لشيوع الأسباب وعدم تحديدها.
فما هو مرض الانهيدونيا : هو اضطراب اكتئابي يجعل قدرت المصاب به على الشعور بالمتعة ضئيلة جداً و لم تتوقف على المتعة بشيء محدد ، و لكن بكل شيء مثل مشاهدة فيلم ممتع أو اللعب أو الخروج مع الأصدقاء فهو لا يشعر بالمتعة عند هذه الأشياء بل قد تتسبب له في انزعاج شديد مما يجعله لا يقوم بأي نشاط و يفضل عدم المشاركة ، و ليس هذا فقط إنما أيضاً يؤثر هذا الاضطراب على حياة المريض الشخصية حيث أنه لا يشعر بالتلذذ و المتعة في كافة جوانب حياته العلمية والعملية ، مما يجعله يطفئ النور على ذاته ويجتبها خارجاً عن إطار الحياة .
لأعراض هذا الاضطراب أعراض تتشابه مع أعراض الاكتئاب مثل:
– ضعف الذاكرة و قلة التركيز.
– فقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية و الكسل الشديد .
– العزلة عن المجتمع و عن الأهل و الأصدقاء.
– اضطرابات شديدة في النوم حيث أن يصبح المريض لديه أرق في بعض الأيام و لا يستطيع أن ينام بشكل كافي و أيام أخرى ينام كثيراً .
– التفكير في الانتحار أو إيذاء النفس .
– فقدان الوزن بشكل ملحوظ أو زيادة الوزن .
– التردد الشديد في اتخاذ القرارات .
قد يرادونا سؤال مهم الآن، ألا وهو ماهي أسباب الإصابة باضطراب الانهيدونيا ؟
مما لا شك به بأننا نتأثر بشكل كبير جداً بمحيط ظروفنا الحياتية على كافة الأصعدة، الشيء الذي يعتبر من المحاور والأسباب المهمة في فقدان الشغف وانعدام المتعة في حياتنا، ومع تكرار هذه الإحساسات والمشاعر والتجارب الغير سارة، قد ندخل وللأسف في دوامة اضطراب الانهيدونيا بشكل لا إرادي، وطبعاً تأثرنا بالآخرين ورأيهم عنا وعن مخططات حياتنا أيضاً يعتبر سبباً مهماً جداً لا يستهان به.
لذلك كان مما لابد به من تفقد رصيدنا من الشغف في مضمار هذه الحياة، رغم كل ظروفها الصعبة والمريرة، لأن الإنسان بدون أمله وشغفه في الحياة حكماً سيتحول إلى شيء لا نفع منه ولا غنى به ولا عطاء منه وإليه.
سؤال يرادوك الآن وسأجيب عليه ضمن السطور التالية، كيف لي أن أعيد شغفي وإحساسي بالمتعة والإنجاز في حياتي دون الوصول إلى اضطراب الانهيدونيا؟
أجيبك بالتالي عزيزي القارئ:
جدد شغفك بالخطوات الآتية:
امنح النفس الوقت الكافي للراحة لأجل التعافي وإعادة شحن الطاقة، وقد تكون هذه الخطوة هي كل ما يحتاجه فاقد الشغف كي يستعيد عافيته وحماسه.
خُذ إجازة قصيرة للحصول على الإلهام من جديد.
اقضي مزيداً من الوقت مع نفسك، وزد اهتمامك بذاتك لاستعادة توازنك الداخلي.
حاول التركيز على نقاط القوة لديك من جديد، وحاول اكتشاف مزايا جديدة بنفسك
جرب الابتعاد عن كل الأشخاص السلبيين المحطمين للأحلام، سارقي القوة والأمل وما أكثرهم
أحط نفسك بأشخاص تفرج لنجاحك وتشعل فيك دائماً رغبة العطاء والنجاح والحب.
وتذكر بأنك إذا فقدت شغفك فأنت بذلك تضمن أن يظل أداؤك متواضعاً رمادياً في كل شيء، ستشبه بذلك 80% من الناس العاديين الذين يقضون حياتهم بطريقة نمطية ليس فيها أي شيء مثير للاهتمام.
أما الشغف قد يجعلك من ال 20% الذين يحققون الشهرة والنجاح والتفوق، لذلك عزيزي تخلص من كل شيء يمتص طاقتك ويأخذ منك شغفك، قل لا لمن يحاول وضعك في قالب واحد، ولا ترضى أن تكون شخصاً مهمشاً سواء في العمل أو في البيت، لا ترضى بأقل مما تستحق، وتذكر جيداً أن الشغف شيء نابع من أعماقك، ولن يصحو إلا إذا أيقظته مجدداً، ولن يكون لديك الدافعية لتحقيق أيّ إنجاز طالما لم تسع له.

# سفيربرس _ بقلم: الدكتورة غالية اسعيّد.

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *