إعلان
إعلان

ترانيم عاشقة.أصوات ملونة.وشي الأقلام.في فعالية جديدة لفرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب.

#سفيربرس _ ماجدة البدر

إعلان

تنوع الخطاب الأدبي الموجه للمتلقي والمتابع لما يقام في الساحة الأدبية من أمسيات وفعاليات تتضمن (الشعر والنثر والقصة والقصة القصيرة جداً والرواية والمقالات الصحفية بشكل عام)، والغرض واحد هو الوصول إلى سوية أدبية ومستوى فني راقٍ للأدب بشكل عام. من خلال عرض نصوص متنوعة الأغراض والأساليب والمواضيع والمعاني والغرض منها النهوض بالفكر الفني الراقي وذلك من خلال نصوص تتسم بالترابط ودقة الإحكام، إلى جانب توظيف كم هائل من المفردات والمترادفات والقوافي والجمل التعبيرية والتي الغرض منها إيصال فكرة معينة إلى القارئ بأبسط الطرق أو بأعقد الطرق يعتمد هذا الأمر على المتلقي ومستوى ثقافته ومخزونه اللغوي.
في ظل هذه الأزمات التي يمرُّ فيها بلدنا بشكل عام؛ استطاع رواد الساحة الأدبية كسر هذا الحصار الخانق من خلال ارتياد الساحات الأدبية وعدم الانقطاع عنها والمواظبة على الحضور والمتابعة عدم إغفال أي فعالية أو مناسبة أو نشاط ثقافي أو أدبي ..
أقام فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب في مقره الكائن بدمشق شارع بغداد، يوم الثلاثاء 30/3/2021، فعالية أدبية (قصصية، شعرية)، شارك فيها (القاص: عوض سعود عوض، القاص، أيمن الحسن، القاصة، سوسن عبد الجواد رضوان، القاصة والشاعرة، ميادة سليمان، الشاعرة والقاصة عروبة الباشا). أدار الفعالية الناقد أحمد علي هلال. وذلك بحضور هيئة الفرع، ومجموعة من المهتمين بالشأن الأدبي والثقافي والفكري.
****
لا شيء يعوضني عن حريتي سوى عينيها ونهر الحب والدموع.. والقاص عوض سعود عوض
عوض سعود عوض كاتب وروائي وصحفي فلسطيني. له 15 مؤلفاً تنوعت بين رواية ومجموعات قصصية، تدور معظم قصصه وأفكاره حول قضيته وقضية العرب الأولى وهي قضية فلسطين، وهو يعدُّ من أهم الروائيين العرب الفلسطينيين. بدأ الكتابة في نهاية السبعينات وساهم في إغناء الحركة الثقافية عبر مقالاته وكتاباته. عضو في اتحاد الكتاب العرب وكذلك عضو في اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين من مشاركته نقتبس:
ابتهالات البروق
ما حيلتي مع امرأة ترتدي الغيوم وتبددها، فتختفي شمسها تارة وتظهر تارات، ما حيلتي معها والإرهاب يلفنا، لا شيء يعوضني عن حريتي سوى عينيها ونهر الحب والدموع..
من منا قادرٌ على إعادة إنتاج الحياة؟.. الحبيبة لا غيرها ممثلة بسهام قادرة على تفريخ الأفراح، فرغم الدمار، أصرَّت أن تخبر سامعيها أنَّ لحظة خلاصها قد أزفت، لا معين لها سوى مناداتها على من حولها، وعلى من يسمعها، لكن المؤسف أن لا أحد من جيرانها أو من غير جيرانها، قد حضر لمساعدتها أفاقت حوالي الواحدة ليلاً، على أوجاع لم تعهدها سابقاً، ماذا تفعل والفجر بعيد، وزوجها لن يأتي، تستنجد بالتعاويذ والبسملات، الغوطة محتلة، وزوجها مع زملائه، لا يعرف أنَّ المخاض قد جاءها، تصيح وتستنجد من أوجاع بطنها .. والمغص يقطع أحشاءها.. كثيرون غادروا الغوطة خوفاً من الإرهابيين، قال زوجها رداً على سؤال زوجته سهام: (أنا لن أغادر، سأظل وإذا قررت أن تغادري فجهزي نفسك، المسلحون قد لا يسمحون لك بالمغادرة، ولا الحصول على ما تأكلين)..
– من يسكن الغوطة يا زوجي لا يحتاج إلى أكل من خارجها، أرضها تطعمنا من خيراتها وأعشابها، سأظل إلى جانبك، مايصيبك يصيبني، وماكتب علينا أتقبله بصدر رحب.. ………………لقد مرَّ عامان على زواجهما دون أن تظهر عليها بوادر الحمل، أهله يطالبونه بالحفيد، ويسمعونه مالا يود سماعه، رفض مقترحاتهم، صبُر ولم يقنط، وهاهو صبره يورق وردات وعطراً.. جاءته وهي في عزِّ فرحها، سجلت التاريخ وبدأت تعد الأيام والأسابيع والشهور وكلها فرح، أما زوجها فقد أمن لها ما تطلبه من مأكولات وحلويات رغم ندرتها، يستأنس إلى جانبها في أوقات فراغهما تحاول سهام محاورة زوجها، وسؤاله عن الحب والسعادة، وعن نهاية الدمار، أسئلة إشكالية لم يعطها إجابات مقنعة، .. الشمس تغازل شجيرات لم ترتوِ من أمطار هذا العام.. ارتوت من القذائف والدمار، سقطت بعض القذائف غير بعيدة عن غرفتهما، ومع الانفجارات دوى بكاء وزغاريد.. (3/4/2014)
***
عدت إِلَى بيتي كراعي أحلام
يعزف على ناي مخنوق فِيْ حقل قصب محترق..
* سوسن عبد الجواد رضوان: أديبة وقاصة، مجازة لغة عربية، تقول عن تجربتها: (تزوجت باكراً، وانشغلتُ بتربية أولادي، حتى كبروا وتعلموا، ونالوا الشهادات العالية، وبقي حلمي في الحصول على الشهادة الجامعية يؤرقني، فقمت بدراسة البكالوريا مع ابنتي سارة، واستطعت أن أحصل عليها، وتقدمت لجامعة دمشق، واستطعت أن أدرس وأنال الشهادة الجامعية، من دون أن أغفل أي من مسؤولياتي تجاه أسرتي، وبيتي، أحببت القراءة والمطالعة، وكنتُ أقرأ العديد من القصص والروايات، حتى تكون لدي مخزون لغوي وأفكار عديدة، فبدأت بالكتابة والنشر، من خلال دور النشر الخاصة، فأصدرت مجموعة من المؤلفات منها: ( رواية ليلى، وجاؤوا أباهم عشاءً يبكون.. غضب البنفسج، بالإضافة إلى مجموعة قصصية ، ولي رواية قيد الطبع).
قرأت سوسن قصة بعنوان: (المكب) رسمت بكلماتها لوحة تصويرية لمشاهد التشرد والفقر المدقع الذي آل إليه حال الأطفال الذين فقدوا ذويهم في هذه الحرب الجائرة على بلدهم، فاضطروا للعمل للحصول على قوت يومهم، من خلال جمع القمامة: من مشاركتها نقتبس: (اقتربت الحافلة من الموقف الأخير، دبت الفوضى فِيْ الممر بَيْنَ المقاعد وفتح الباب الخلفي ليندلق الناس ويتدافعون كالهارب من أمر جلل، علقت حقيبتي بَيْنَ الأكتاف، تلمست حقيبتي وجوالي وغطاء رأسي كُلّ شيء على مَا يرام، أصوات الباعة خلف بسطاتهم يزيد المكان شغباً وضوضاءً لكن الكثير يهربون من بيوتهم التي تموّت الدفء بِهَا وحلّ مكانه صقيع غياب الأولاد أو فَقَدْ من سافر منهم، يأتون إِلَى أماكن الاكتظاظ كهذه علهم ينعمون ببعض سلوى ونسيان. كَانَتْ الحديقة القديمة على مرمى نظري والتي لَمْ يخطر فِيْ بالي يوماً أن أمرَّ بِهَا أو حتى أن أجتازها، توقفت عن غير قصد يشدني النظر إِلَى مقاعد ملأى بعجائز غافية داخل أغطية رأسها المبرقعة وآخرون يستندون إِلَى ركب مهترئة من تعب ومرض، أرض الحديقة مغطاة بأعقاب السجائر وأطفال يحاولون جمعها والبعض يقلد الكبار فِيْ مجّها.. أبطأت الخطا وأنا أجتاز الشارع إِلَى الطرف المقابل… صخب الباعة المشاكس يثير الضجر.. رأيته وهو يضربه على رأسه لكماً لَمْ يَكُنْ ضخماً ليوازي قوة قبضته فَهُوَ لَمْ يتجاوز الرابعة عشرة سنة.. كَاْنَ أشعثَ مغبراً يهرش مَا يطال من جسده، بكف ويضرب الطفل الصغير بآخر… وقفت غير مرئية لهما، كَاْنَ طفلاً شارداً بحجم خروف صغير تلملمت مِنْهُ قبضة أخيه وهو يَقُوْلُ لَهُ وَقَدْ اصطكت أسناه:
– هات النقود التي جمعتها… هاتها..
– لَمْ يَسْتَطِعْ الصغير المقاومة كثيراً حتى ناوله حفنة من أوراق نقدية منوعة..
أخذها الكبير بَعْدَمَا لكمه على خده بحقد وهو يتوعده إنَّه سيحاسبه عند المعلمة الكبيرة مساءً..
تكور الصغير وقد وصل إِلَى سمعي أن اسمه ينال، ككومة صبار فِيْ صحراء صيف وهو يلملم أكياسه الممزقة الملونة بكل ألوان القذارة بيد ويضغط على خده المتورم بيده الأخرى (بشع أن يكون للقذارة ألوان وعليه اكتشاف كنهها). لَقَدْ أنساني الموقف ماكنت أعزم القيام بِهِ حَتَّى إِنّي اتخذت لنفسي زاوية أمام إحدى البسطات التي تبيع ملابس مستعملة كي أستطيع الوقوف على تالي الحكاية.. كَاْنَ البرد يشل حركة المارة حتى إِنَّهُ جمد حركة القطط تَحْتَ السيارات الراكنة أمام أرصفة مهملة وَقَدْ فرغت إطاراتها من الهواء وعلاها الغبار والمطر تنتظر من يتصل بأرقام أصحابها التي ثبتت خلف الزجاج لشرائها، فالفقر وغلاء الأسعار قَدْ أهان جبين الرجولة وقطع أوصال الصبر..
بدأ / ينال / يفتح الأكياس بأصابع جمدها الألم فينكشف مَا فِيْهَا فيضع قطع البلاستيك هنا وقطع الحديد التي يعثر عليها، بداخلها بقطعة مغناطيس صغيرة هناك. أَما وإن وجد قطعة ممضوغة أو قطعة علكة سقطت سهواً من يد صاحبها فهذه ستكون حلوى المساء يغلق عليها سحاب سترته بالخفاء وينظر حوله ليكتشف إن كَاْنَ هناك من اكتشف سره. أَمَّا عن ذاك الكبير المتمرد صاحب السنين الأربعة عشرة فَقَدْ اتخذ لنفسه ركناً لَمْ يَكُنْ بعيداً إِذْ لظنه وبدأ يستنشق شيئاً مَا من كيس صغير أخرجه من جيب بنطاله بالخفاء بعدها شرب زجاجة لَمْ تكن كالزجاجات التي يشتريها أولادنا من عند البقال ثم لوى على المقعد نائماً أو ربما فاقداً للوعي..
وَلَمْ يزل ينال يلملم /خسكار/ يومه وهو يبربر بكلام لَمْ أتبينه، ربما كان يغني وربما كَاْنَ يحدث باله.. اشتريت أشياء لاَ حاجة لِيْ بِهَا كي لاَ أثير انتباه أحد… استند الصغير إلى أنبوب صرف صحي على جدار الدكان القريب، وغفى كالمحموم حَتَّى ارتخت مفاصل أصابعه عن أكياسه. بضع دقائق لَمْ يشعر بالمارة حوله، …………لَمْ أبتعد كثيراً حَتَّى حضرت السيارة الكبيرة لتفرغ الحاويات.. تراكض الصغار والذباب يتطاير كالشرر.. صرخت الشمس من عيني الصغيرتين فبح صوتهما المكسور وبربرا بشيء كالغناء أو ربما الصلاة غضضت طرف روحي كي لاَ تشي باختناقي، فكم تمنيت أن أمحو قهراً وأشعل شمعة… عدت إِلَى بيتي كراعي أحلام يعزف على ناي مخنوق فِيْ حقل قصب محترق..
***
للحبِّ كونٌ بعيدٌ سوفَ نقصدُه / وكلُّنا يا ديارَ الحبِّ عُشّاقُ
**عروبة دياب علي باشا من مواليد ريف دمشق /عين الفيجة ١٩٧٨، تحمل إجازة في اللغة العربية من جامعة دمشق، تقول عن نفسها: متزوجة وعندي أربعة أولاد، كتبت (الشعر وقصص الأطفال)، ومن أهم مؤلفاتها: (قصة الحصان الطائر للأطفال، مجموعة قصصية للأطفال باسم نبع الحياة، وقصص أخرى قيد الطبع)، وله ديوانان من الشعر قيد الطباعة ( احتراق شفق ) (حتى الفناء)، ديوان مطبوع : (قلوب في مهب الحب).. بالإضافة إلى مجموعة من الأعمال المشتركة (موسوعة (القصيدة أنثى) مع النخبة الثقافية ـ موسوعة (الشعر النسائي العربي المعاصر) -ديوان (شعراء الحكمة في العصر الحديث) – ديوان (دولة الشعراء) ٢٠١٨ في نخبة قصائد مملكة الشعر -(ديوان العرب) مع الملتقى الثقافي العربي – (الديوان المشترك لأجمل الأشعار في مدح النبي المختار) – نشرت قصائدي في بعض المجلات الورقية والالكترونية .. شاركت في فعاليات أدبية في دمشق.. كتبت قصائد متنوعة اجتماعية ووطنية وقومية وإنسانية . وكتبت عن مشاكل المرأة ومعظم المشكلات الاجتماعية إضافة للغزل والفخر والرثاء والوعظ وغيره.. أتجنب الهجاء وأكرهه، أحب شعر التفعيلة وقد كتبت فيه بعض القصائد، ولا أحب شعر النثر .
من مشاركتها نقتبس: طوفان:
مريضةٌ بكَ جِدًّا؛ أكتوِي جِدّا / عليلةٌ؛ لم أجِد من آهتِي بُدّا
مريضةٌ بكَ جدًّا؛ إنّه قدَري/ أخافُ من نهشِ داءٍ جاوزَ الحَدّا
يَبيتُ في مهجتِي؛ و الدمعُ يخدُمُه/ يفيضُ مِلحًا بجفنٍ راودَ الخَدّا
يعيثُ في خافقِي؛ يَفرِي حُشاشَتَه / و في خلايا ضُلوعي ينتِشي قَدّا
يسرِي برأسِي صُداعًا مثلَ صاعقةٍ/ و في فؤادِي نداءً لم يجِدْ رَدّا
مَكلومةٌ آهتِي؛ ممزوجةٌ بدمٍ / طوفانُها في شغافِي حطَّمَ السّدَّا
يغفو الأسَى ساعةً في الروحِ؛ أحسبُهُ/ ذوَى؛ فإذ بجَوَاهُ عادَ و اشتدَّا
مريضةٌ؛ كلُّ أحلامِي غدتْ طَللًا / زرعتُها أمسِ فُلًّا؛ أنجبَت كدَّا
مريضةٌ بكَ؛ أدرِي؛ ليسَ ينفعُنِي / أنِّي ادَّعيتُ – إذا تدنُو ليَ – الصّدَّا
تحتلُّنِي؛ كيفَ لا ؟ و الكفُّ فارغةٌ / إلا من الذّكرياتِ اثّاقلَتْ ودَّا
كالومضِ جئتَ؛ و برقًا جُزتَ أوردتِي / رغمَ السّدودِ على آفاقيَ امتدَّا
كالرّعدِ يصعَقُ بنيانِي و يصدَعُه / حتى إذا مَلّ ضربًا؛ سامَهُ هَدَّا
تَوحَّدَ الموتُ في الرّوحَينِ مِن ألمٍ / هذي سهامُكَ ؟ أم سهمِي قد ارتدَّا ؟
تَوحَّدَ الموتُ؛ و الداءُ الذي خضَعَتْ / يداهُ – في غفلةٍ من خافقِي – جَدَّا
تواجِهُ الرّوحُ ذكراكَ التي عبَثتْ / بها ، و تُنهِي صراعًا شبَّ و احتدَّا
و ترفَعُ الرايةَ البيضاءَ مُعلنةً : / مريضةٌ بكَ؛ دائِي مُمتعٌ جِدَّا
ومن قصيدة : أشتاقُ: نقتبس:
كم أشتاقُ أشتاقُ والقلب؛ يا شطرَ هذا القلبِ؛ خَفّاقُ
أشتاقُ نظرةَ عينٍ منكَ تُثمِلُني ! في اللحظِ؛ حين انثنَى؛ داءٌ وترياقُ
أشتاقُ همساً يصوغُ الكونَ أحجيةً نجوى يعطِّرُها في الروحِ ميثاقُ
أشتاقُ عطرَك نفّاذاً إلى رئتِي/ يا رُبَّ عطرٍ به للقلبِ إحراقُ
خُذني إلى أفُقٍ يُعيِي العذولَ وكم / أعيَت عذولاً شديدَ الغيظِ آفاقُ
خُذني إلى روضةٍ من زنبقٍ وشذاً / نجنِ الهوَى وبنا تحتارُ أحداقُ
خُذني إلى بحرِ حبٍّ؛ فيكَ يُغرقُني / لن يُفزِعَ العاشقَ المشتاقَ إغراقُ
للحبِّ كونٌ بعيدٌ سوفَ نقصدُه / وكلُّنا يا ديارَ الحبِّ عُشّاقُ
****
الروائي والقاص أيمن الحسن يرسم بالضوء
أيمن الحسن روائي وقاص، قدم إلى ساحة الأدب من أرياف مدينة حلب درس الهندسة المدنية (خريج عام 1989) لكن حبه للأدب كان شغفه الأول له العديد من المؤلفات والقصص ، يعدُّ القضية الفلسطينية قضية إنسانية وقومية ووطنية، إنسانيتها لأنه لا يمكن لإنسان مهما كانت جنسيته أن يتجاهل المآسي والجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق أهلنا في فلسطين. من مشاركته نقتبس:
الرسم بالضوء بإهداء إلى هاني جوهريَّة
ثمَّة خيوط نور ترسلها السماء عبر الفضاء الرحب، فأخذ يتواثب في خطوات متناغمة مثل نحلة رشيقة، وهو يحسُّ أنَّه كلَّما اقترب من أرضه صارت جزءاً منه، يبثُّها مواجعه الدفينة. استذكار / تشرَّد أبوه مع عائلته إلى خيام البؤس، وحياة المذلَّة بانتظار المعونة من وكالة غوث اللاجئين «الأونروا» آخرَ الشهر. يُحكى أنَّه كان حريصاً على بيته هناك في مدينة القدس إذ عدَّه هديَّة من السماء، وظلَّ يردِّد في منفاه:
– لولا ثقله لحملته معي أينما قذفتني الرياح على هذه الأرض.
وعندما سئل عن مفتاح البيت قال للمراسل الأجنبيّ:
– لا حاجة أن يكون في جيبي، لأنَّني زرعته هناك في مدينة القدس إلى أن أعود.
اندهش المراسل، فأكَّد أبو هاني:
– لا بدَّ يوماً أن أعود مهما طال الزمان.
مشهد البدء مخيمات اللجوء/ صباح متأخِّر
تنطلق المقاومة, فيصبح ساكنو تلك الخيام الجمرةَ الَّتي تحرق الأعداء, بعدما جعلوا من الخيوط، الَّتي تشدُّ خيامهم إلى أوتادها، حبالاً يقطعون من خلالها مياه نهر الأردن باتِّجاه الأراضي المحتلَّة مؤكِّدين أنَّ خلاصهم لن يكون إلَّا عن طريق الكفاح المسلَّح، وحرب التحرير الشعبيَّة طويلة الأمد.
أغوار وجبال/ في كلِّ وقت
يحمل شبل بندقيَّة, وآخرُ مدفعاً طولَه, أو قاذف آر بي جي…
لقد تحوَّل اللاجئون المشرَّدون من أصقاع فلسطين إلى شعب امتشق السلاح، وتزنَّر بالرصاص، وصار فيهم رجال نسجوا قصائدهم، وقصصهم، ورواياتهم مسوَّرة بنار الكلام، وآخرون رسموا بالضوء، واللون، واللحن، أحلامهم الملوَّنة, فكانت الكاميرا المقاتلة, والأغنية الملتزمة, واللوحة الثائرة, وقيل: «ليل يستثمر عتمته وصولاً إلى فجر الانتصار المرتقب مع الصباح».
من أرض المعركة
يربض في مكان مناسب للاحتماء من الرصاص الغزير، وهو ملتحم مع معشوقته في وضع عناق حيث يلتصق بجسد الكاميرا، ويداه تزنِّرانها, بينما توغِلُ إحدى عينيه في رؤية متوحِّدة مع عينها الزجاجيَّة، والعين الأخرى في ترقُّب وانتظار.
بدت الوقائع مغرية للشابِّ المندفع عزيمة وبهاء، فلم يأبه للتحذيرات الَّتي أطلقها المقاتلون من حوله أن يكون أكثر حرصاً على حماية نفسه، بل كان همُّه أن يوثِّق الاشتباكات بتفصيلاتها المثيرة، ويسجِّل أروع صفحات الرجولة، ها هو ذا أمام الحائط القبليِّ في بيته حيث توجد الخريطة، الَّتي تشبه الرحمَ، ويمشي بشاهدة يده اليمنى على قرى فلسطين، ومدنها، وسهولها، وجبالها, فكأنَّه يشاهد جنَّة الفردوس بأمِّ عينيه.
مشهد أخير نيسان /ظهيرة حارقة
يذوب مع معشوقته «سلاحِهِ الخاصِّ» مواصلاً توجيه عدسته ليحصل على أوضح صورة، على الرغم من دخان المعارك، وشظايا القنابل الَّتي بدأت تغزو المكان.
يتحصَّن خلف أحد المتاريس, جسمه في وضعية الرميّ، وسلاحه في وضعيَّة الإطلاق لحظةَ تنطلق قذيفة معادية، لم يكن بانتظارها.
وتجثم
على المكان
لحظات من الصمت الموجع بعد الانفجار المدويِّ للمتراس.
يرحل ابن مدينة القدس إلى عنان السماء، بينما لم يزل هاني يحتضن كاميرته، معبأةً بالحوادث الضارية، آخرها مشهد القذيفة الغادرة في طريقها إليه، وهو يتذكَّر والده، يُحفِّظُه عن ظهر قلب هذه المقطوعة المعبِّرة:
هيَ أرضُنا لا تَحلُّ لغيرِنا فإذا مسستم طهرَها انتفضتْ فالأرضُ تنطقُ عندَنا بالعربي، وتقول: – أحرقُ من يدنسني، وكما الجحيمُ أنفخُ ناري في وجهِ المعتدين.
تعليق موجز:
(قذيفة غشوم غادرة، أسقطتِ البطل في بئر النوم،
وهو يحلم بكاميرته العاشقة
تنقذه من الغرق).
يقول العارفون: «إنَّ بواكير شقائق النعمان بدأت تزهر في تلك البقعة الَّتي اختلط ترابها بدم هاني بعد أن رسم بالضوء اللقطة الأخيرة، وهو يترسَّم برتقال يافا في كلِّ صورة يصوِّرها، ويتمنَّى أن يتعمَّد يوماً بمياه بحيرة طبريَّا، كما تعمَّد السيِّد المسيح، ويسبح في بحر حيفا الجميل». فجأة يدخل في لجَّة الغياب ليفترش مساحة الضوء الباهر قابضاً على جذوة الأمل، وقد عشق فلسطين من البحر إلى النهر حتَّى الرمق الأخير مؤكِّداً الحقيقة الناصعة أنَّ تلك الشقائق لا تنبت إلَّا حيث تسيل دماء الشهداء.
وأمام ناظريه تبدو الأيام حبلى بالمفاجآت مفرحةً ومؤلمة 4وثمَّة خطوات أخرى في الضباب لا تظهر خطورتها إلَّا بعد حين.
****
تعالَ إليَّ يا أفرَاحَ مَملَكَتِي فكَمْ يشتاقُ لِلأفراحِ محزونُ!
وميادة سليمان
ميَّادة مهنَّا سليمان كاتبة سورية حاصلة على دبلومِ دراسات عُليا في الأدب العربيّ من جامعة دمشق. تكتبُ معظم الأجناسِ الأدبيَّةِ، نالت شهاداتِ تكريمٍ كثيرةً لفوزها في مسابقاتٍ أدبيَّةٍ متنوّعةٍ. عضوٌ في الاتّحادِ الدّوليِّ للأدباءِ والشُّعراءِ العَربِ ، كتبت دراساتٌ نقديَّةٌ في الومضة، والقصّة القصيرة جدًّا، والخاطرة، والشّعر، والرّواية. ونشرَت لها مجلّاتٌ، وصُحُفٌ عربيَّةٌ عديدةٌ، وبعضُها صادرٌ في دولٍ أجنبيَّةٍ، كمجلّة (كلّ العرب) الصَّادرة في باريس، مجلَّة (النُّجوم) الصَّادرة في أستراليا، جريدة (الحدث الأسبوعيّ) الصَّادرة في لندن، وجريدة (العراقيَّة الأستراليَّة) الصَّادرة في سيدني. – مُحرِّرة في مجلَّة (أقلام عربيَّة اليمنيَّة) ومشرفة عن صفحة(واحة الطّفولة) فيها. مُحرِّرة في صحيفة (برنيق) الليبيّة، ومشرفة على صفحة الأطفال فيها بعنوان (فراشات الحياة). – محرّرة في مجلّة زمرّدة الجزائريّة
ومشرفة على صفحة (براعم زمرّدة) فيها. – محرّرة في مجلّة لسان الضّادّ العراقيّة، نالت لقبَ (نجمة القصّة القصيرة جدًّا) من رابطة أقلام تتحدّى الصّمت الفلسطينيّة.. نالت لقب (ملكة سوق عكاظ) ، من رابطة سوق عكاظ الأدبيّة العراقيّة .من مشاركتها نقتبس: ‏يَا أَفْرَاحَ مَمْلَكَتِيْ! بلَى إنِّي بِفَيضِ الشَّوقِ مَسكونُ بِسِحْرِ اللَحظِ والأهدابِ مَجنونُ وبالصَّوتِ المُذوِّبِ في حلاوتِهِ وبالثَّغرِ ال يُحاكِي الوردَ مفتونُ وبالبسَماتِ إنْ بزَغَتْ تُنوِّرُني كذَا نَيسانُ بالإشراقِ مَقرونُ أنا ثمِلٌ أعتِّقُ خمرَ قُبلَتِهِ وبعضُ السُّكْرِ للمُشتَاقِ أفيونُ لهُ.. في الحُبِّ كِلْماتٌ أوَشوِشُها وهمسُ الرُّوحِ لِلعُشَّاقِ عُربونُ أنا كلِفٌ أُدندِنُ لحنَ ضِحكتِهِ وَسِرُّ هوايَ في الأضلاعِ مدفونُ أيا فِردَوسَ شِعرٍ في مُخيلتي -فذاكِرَتي بِها موزٌ وَليمونُ-: بَكى قَلبي وِصالًا باتَ كالذِّكرى فقُلتُ: الدِّفءُ -مُذْ فارقْتَ- كانونُ يَفيضُ الوَجْدُ دمْعاتٍ يُكفكِفُها فبهجتُهُ بلَثمِ النَّحرِ مَرهونُ تعالَ إليَّ يا أفرَاحَ مَملَكَتِي فكَمْ يشتاقُ لِلأفراحِ محزونُ! ‏
*****
وفي النهاية قدم أ.أحمد علي هلال: مداخلة نقدية تضمنت تقييماً خاصاً لجميع النصوص الملقاة منها نقتبس:
تتراسل التجارب الإبداعية في حقولها الإجناسية المختلفة، سعياً لالتقاط الجوهري، ومحاكاة واعية، تعيد إنتاج اللحظة الإبداعية عبر متخيّل الشعر، ومتخيّل القصة، وعبر الارتقاء باللغة ومستوياتها الدلالية، الحاكمة، والتي تحيلنا إلى استكناه شواغل المبدعين، وما يتلامح في أصواتهم من سعي لإنتاج الخصوصية كعلامة مؤسسة، وبالتالي وقوفاً على طبيعتها النصّة القائمة على التجريب والاكتشاف بوصفها تمتحُ من واقعية بعينها، لتشتق ما يعادلها، وكان ذلك لافتاً في قدمه المبدعون (أ.عوض سعود عوض، أ.أيمن الحسن، أ.سوسن رضوان) على مستوى قصتيهما المحايثتان للواقع، لكنهما المفارقتان له برؤيا تعاضدت لها دينامية سرد رشيق مشبعٌ بأدواته، ومُحفّز لإمكانات تأويل مخصّب لمقولاته ومحكياته وأنساقه الفنية..
وما ذهبت إليه المبدعتان الشاعرتان: (أ.ميادة مهنا سليمان، أ.عروبة الباشا، في تلاوتهما لمختاراتٍ من قصائدهما الأقرب إلى الطبيعة الغنائية على مستوى اللغة، وعلى مستوى شواغل النصوص وأغراضها، ومدى ما يتلامحُ فيها من إرهاصات جمالية، واستثمار لاستراتيجية الكشف، وعلائق النصوص بالمتخيّل، والتوق إلى المغايرة، فالمكوّنات النصيّة تضافرت لدى كلٍ من المبدعتين، من توشيحٍ وتبادل دلالي، وحساسية إيقاعية استثمرت فضاءات القول الشعري، بتورياتٍ دالَّة، وانخطافات حدسية، لغير ثيمة ومنها العشق، وتطييفه ليطاول الإنسان والمكان والذاكرة..
فالقصص والقصائد تعاضدتا في نسيج لغوي / دلالي سعى لانفتاح في بنياتها ومقولاتها وانتماءها لأدب الحياة، عبر معادلة الفن وحساسيته التعبيرية ما منح الأمسية إصغاءً مختلفاً، لتعدد الأصوات، وسعيها لإنتاج خصوصيتها على غير مستوى..
وفي النهاية اختتمت الفعالية بشكر الحضور على مواظبتهم واهتمامهم بما يقام في فرع دمشق من فعاليات وندوات أدبية وفكرية وثقافية.

#سفيربرس _ ماجدة البدر

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *