إعلان
إعلان

رداء شفاف ..بقلم : سعاد زاهر 

#سفيربرس

إعلان

لم ترَ سوى العسل، وبدا شهياً بلونه الكتاني الغامق، الرجل الجالس إلى جانب الأواني الزجاجية مع أجبانه وألبانه…تفتر عن شفتيه ابتسامة رضا…هكذا اعتقدت…
كانت تنظر إلى الشارع الخفيف الحركة من خلف زجاج المقهى الأنيق بارتياح غريب، ربع متر يفصلها عن الاسمنت الغامق، بضع طاولات أغلبها فارغ، وها هي تمتلك احساساً مختلفاً، كأنها في مكان آخر لم تعد تشعر بكلّ هذا البؤس، انتقلت مباشرة إلى رواية أخرى..
فزعت قليلاً..حين قاطع الشاب اللطيف شرودها، ليقدم لها قهوة (الاسبرسو) تذكرت أنه كان من المفروض ألا تطلب قهوتها قبل حضور الضيف، ستتقن التفاوض معه على عمل قادم، وهي تحتسي القهوة بهدوء، تخبئ قلقها، ستطلب فنجاناً آخر حين يأتي..قالت في سرها.
عادت إلى لعبة الرداء الزجاجي، كأنها اختفت من العالم كله، إلى آخر مختلف عن كلّ هذا البؤس الذي نعيشه، تذكّرت مباشرة حين كانوا أطفالاً ويستخدمون تلك الأغطية الشفافة، ويلعبون لعبة البحارة، مجرد رداء شفاف يختبئون خلفه بإمكانه نقلهم إلى أي واقع يلائم تخيلاتهم…!
نظرت إلى ساعتها ، مضى أكثر من نصف ساعة، على الموعد المحدد، هل تنتظر..؟
حين كانوا يبحرون …وهم خلف الغطاء السحري، كانت العواصف التي يواجهونها، تثير ضحكتهم، إنهم يملكون ترف القرار والعودة إلى الواقع بمجرد نزعه …ليجدوا منطقة الراحة والأمان التي اعتادوها…بانتظارهم..
ولكنّها اليوم وحيدة، وسط اعصار من الخيارات التي تأسرها، مجبرة على التكيف معها رغم قسوتها، يتطلب الأمر إرادة وصبرا بدأا ينفذان منها، وهاهي تحتاج إلى قدرة عالية على التحمل والمرونة…
نظرت من جديد إلى ساعتها، وإلى الفنجان الأبيض الجميل الفارغ منذ أكثر من ساعة، تركت النقود على طاولة المقهى دون أن تضعها في مغلفها الأنيق ..لن يأت…كلام الليل يمحوه النهار..
كانت قد حلمت بتلك النقود التي سوف تستلمها بعد عمل شاق، أين الرداء الشفاف حتى تنزعه لتعتقد أن كل ما تعيشه مجرد حلم…
مشت من دون أدنى إحساس، ووعدت ذاتها في مرات قادمة ألا تثق…ولكنها انتبهت إلى ردة فعلها، إنها تمشي كروبوت فقدت أحاسيسها، ولم يعد يهمها إن امتلكت الرداء الشفاف أو لم تمتلكه…!

#سفيربرس _ بقلم  : سعاد زاهر

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *