كتب الدكتور : عدي سلطان مصيدة القطيع
#سفيربرس

كالعادة.. أصبحت قضية أستاذ جامعي سوري في إحدى الجامعات قام بتصرف شائن ومسيء لأخلاقيات المهنة والبحث العلمي مادة للتداول عبر “الفيس بوك”.
بالمطلق لا يمكن تبرير هذا السلوك السيئ الذي صدر عن هذا الأستاذ بأي شكل من الأشكال.. ولو أخذنا مثالا على الطبيب المخطئ، فهو يظل طبيبا وأخطاؤه فردية لا تبرر للمرضى إلقاء اللوم على وزارة الصحة.
هذا دأب الناس دوما، يلجؤون إلى التعميم أمام الأخطاء الفردية، والتعميم كما يتفق العقلاء ليس بالفعل العقلاني إنما هو عاطفي خاطئ، وهنا بيت القصيد، إن الإنسان فور تلقيه صدمة من أي نوع ستداهمه لحظات عاطفية يستثمرها غالبا في الانفعال لا في عقد المقارنات بين ما هو خاطئ وصحيح، وهي لحظات عاطفية مؤقتة وستمر بكل آثارها وانفعالاتها، ليعود الإنسان بعدها إلى رشده مدركا أن الخطأ فردي لا يمثل الكل.
وبالعودة إلى قضية الرجل.. أليس من الملاحظ أنها استثمرت لإظهار صورة الجامعات والتعليم العالي في بلدنا بشكل قبيح ومشوه؟
لقد ذكرت في مقال سابق أن هناك من يريد تشويه صورة مؤسساتنا.. ويستهدف النيل من هيبة الدولة ومؤسساتها.. ولعل السذاجة والحماقة تدفع الكثيرين للمشاركة في التشهير بهذا الرجل.. على الرغم من انه خطأ فردي لا يعبر إلا عن حالة خاصة.. وربما استثنائية .
لكن من زاوية أخرى، إن العقل والمنطق يحثان دوماً على البحث عن مسببات الخطأ الفردي داخل المنظومة ككل، وكذلك الحُمق وقلة العقل يحثان على الاكتفاء بعبارة مجرد خطأ فردي كتبرير نهائي وعلى الجميع القبول به!.. فلا بد من البحث عن مسببات الخطأ ومعالجتها بالطرق الوقائية والتشريعات الدقيقة، وفي مثل هذه الحالة يمكن اقتراح بعض الحلول لتلافي مثل هذه الممارسات في قطاع الجامعات للحفاظ على جودة وسمعة التعليم العالي في سورية، ونحن نفتخر بهذا القطاع الرائد ونعتز به:
أولاً : الاتجاه نحو الأتمتة في الامتحانات الجامعية، وهناك البعض ممن يعارضون هذه الفكرة لأسباب “مريبة” وغير مبررة.
ثانياً : تحسين وتطوير معايير انتقاء أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات، وضوابط وأخلاقيات المهنة.
ثالثاً : وضع ضوابط صارمة للوقاية من وباء الشخصنة في المجالس الجامعية، ومحاسبة اي متورط مهما تكن صفته، ونلاحظ هذا الموضوع كثيراً في الدراسات العليا، حيث نجد كثيراً أن الطلاب يقعون ضحية للعجرفة والفساد والشخصنة.
رابعاً: إيجاد آلية لتحويل الطالب الجامعي من متلقن إلى باحث ومشارك في عملية التعلم، وتطوير الأسلوب التقليدي للامتحانات بشكلها الحالي حيث أصبحت عبئاً على البحث العلمي، وحولت الأساتذة من باحثين إلى مراقبين ومصححين.
أخيراً، لنبتعد عن التعميم، فالأخطاء الفردية هي حالات تمثل أصحابها، ولا تعكس صورة مجتمع ودولة، والأحرى هو الابتعاد عن ثقافة القطيع، ولنساهم في إظهار الصورة الناصعة لمؤسساتنا ومجتمعنا، عبر المساهمة في تقديم الحلول لما نواجهه من مشاكل، وتصويب الخطأ بعيداً عن التطبيل.
#سفيربرس _د. عدي سلطان
إعلامي وباحث في الاقتصاد والعلاقات الدولية
18-8-2021