إعلان
إعلان

الطريق المحتوم قصة من اجزاء _ بقلم : نبراس حسين.. حلم الطفولة

#سفيربرس

إعلان

من هنا بدأت الحكاية
في ليلة باردة من ليالي الشتاء القارص ولدت اخر العنقود فتاة رائعة الجمال.. شقراء الشعر بيضاء البشرة كأنها ملاك هبط من السماء.. جاءت بعد عيد الميلاد بثلاثة ايام, ليكون تسلسلها التاسعة بين اخوتها واخواتها الثمانية.. خرجت من المشفى على ذراعي والدها ذلك الموظف البسيط في احدى الدوائر الحكومية, كانت عيناها البنيتان مليئتان بالحيوية والنشاط وهي تتطلع الى الغيوم المثقلة بحمل قطرات المطر الموشكة على الانهمار.. كأنها تأمل شروق الشمس لتبدد ذلك الظلام الحالك الذي يطوقها منذ لحظتها الاولى. كانت تهم بيديها الصغيرتين بغضب وعنفوان نحو ذلك الوشاح الاسود الذي بدى لها في الافق كأنه طريق الحياة.. احيانا ترمينا الاقدار في زمن مؤلم وقاسي ليس علينا التواجد فيه، ربما تمنتْ لو انها لم تولد او ربما رغبت بالعودة الى ملاذها الامن. من على ذراعي والدها الى حجر امها الى احضان اخوتها واخواتها عاشت بينهم وهي الفتاة المدللة لتلك العائلة, مرت الايام وبلغت الطفلة عامها الثاني وكانت شديدة التعلق بوالدها حتى انها لا تمل عناقه والنظر الى عينيه .. عجيب امر تلك الفتاة نظراتها غريبة وهي تطوق ذراعيها حول رقبة الوالد الحنون الباسم دائما .. كانت الارجوحة في الحديقة هي المكان المفضل للهو والمرح وانتظار عودة الوالد من العمل ليحمل لها معه انواع من قطع الحلوى وبعض الالعاب واحيانا فستاناً جديدا الوانه زاهية, ولكن الغريب ان هم تلك الطفلة بالدرجة الاولى عناق الاب قبل ان تلتفت لما يحمله لها من هدايا والعاب .. كان عناقها طويلا حتى تشبع حاجتها للأمان عندما يبدأ بملاطفتها بكلمات رقيقة ويدللها ويضعها على حجره وهو يتناول بعض لقيمات بعد يوم عمل مضني .. الا انها لا تريد الابتعاد عنه ولا تريد الخروج واللعب بدونه, كانت تشعر بالدفء والحنان والاطمئنان .. كذلك تشعر بانها تملك كل شيء وهي جالسة على حجره الذي لم يجزع ابداً من دلالها وتعلقها به وحظيت بإهتمام جميع افراد العائلة .. مرت السنون وكبرت اخر العنقود ودخلت المدرسة .. ولا زال والدها هو صديقها ومرافقها وحاميها الوفي فهو يلازمها في طريق المدرسة ويأخذها عند خروجه من العمل, وقد اظهرت تلك الطفلة تفوقا باهرا في الدراسة حتى اتمت الدراسة الابتدائية كانت المفارقة الاولى في حياتها, فقد تزوجت اختها الكبرى وبعد احتفال كبير وارتفاع اصوات الموسيقى وفرح وزغاريد ورقص تختفي اختها من المنزل متوجهة مع العريس الى بيت اخر .. لم يكن لديها سببا مقنعا لذلك الفعل, فبعد البهجة والسرور التي كانت تعيشه قبل لحظات انطلت على وجهها ملامح الدهشة والذهول والتساؤل والحزن .. ما هذا الطقس الغامض الذي غادرت فيه اختي بيتنا وتركتنا بعد عناق ودموع .. ذعرت الفتاة وراحت تصرخ باسم شقيقتها بعد ان ركبت سيارة مزينة مخصصة للعروسين .. ولكن السائق انطلق بسرعة ومن خلفهم الزغاريد وبعض الرجال يطلقون العيارات النارية في الهواء وهي تواصل الصراخ والركض خلف تلك السيارة حتى سقطت على وجهها واختلطت دموعها بالغبار المتطاير من عجلات السيارات .. رفعها والدها عائدا صوب البيت وهو يترك اختها مع ذلك الريس في سيارة يتجهون بعيدا وهي تصرخ ( اريد اختي .. لقد اخذوها .. لماذا ياخذونها بعيدا.. ابي لماذا) وهو يبتسم بوجهها ويقول لها بابتسامة خفيفة ستعرفين ذلك عندما تكبرين .. بقي هذا التساؤل في ذهنها سنوات طويلة وفي كل مرة يقولون لها ستعرفين عندما تكبرين, شيئا فشيئا تأقلمت مع الوضع الجديد للعائلة وخصوصا بعد زيارة اختها لهم بعد العرس بفترة واكدت لها انها سعيدة ومرتاحة في وضعها الجديد وانها ستعاود زيارتهم من حين لآخر وانهم يستطيعون زيارتها متى يشاؤون, كانت الايام تمضي وقد تكونت لديها صداقات جديدة في المرحلة المتوسطة خصوصا وهي من الطالبات المتميزات وان ادارة المدرسة تهتم بها كثيرا وتكرمها بين الحين والاخر , وفي احد الايام وبعد انتهاء ساعات الدوام في المدرسة خرجت فلم تجد والدها في الانتظار وان احد اخوانها جاء ليصحبها الى البيت ويخبرها ان الوالد مريض ونقل الى المستشفى لتلقي العلاج .. فاشتاطت بالبكاء ورفضت العودة الى البيت بل تذهب مباشرة الى ابيها في المستشفى حاول الاخ معها ولكن دون جدوى فقرر اخذها الى المستشفى لكي يوقف نوبة بكائها الشديد, وفعلا وعند دخولها الى الغرفة المخصصة لوالدهم شاهدت الطبيب وهو يرفع السماعة عن صدر ابيها وغطى وجهه الشاحب بقماش ابيض وهو يقول ((انا لله وانا اليه راجعون)) .. وانطلقت صرخات والدتها واخواتها وجهشت هي بالبكاء دون معرفة ما يحصل .. لم تكن فكرة الموت واضحة في ذهنها ولكنها ذاقت نوعا من انواع الفراق عندما غادرت اختها المنزل .. فهل هذا الفراق كفراق اختي ام انه فراق من نوع اخر لم اذق طعمه بعد ….؟ وتستمر الحكاية
يتبع

#سفيربرس _ بقلم : نبراس حسين

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *