إعلان
إعلان

نكتة.. بقلم : مرغريت جمل

#سفيربرس

إعلان

تناول معطفه وهم بالخروج من المقهى وقبل أن يصل إلى الباب تسمر في مكانه وأخذ نفسا عميقا وراح يحدق بدهشة في امرأة جميلة كانت تضحك ضحكة أنثوية رنانة …
تحرك باتجاهها بخطوات متلهفة تتسابق و أنفاسه المتسارعة
كتمت المرأة ضحكتها لحظة التقت عيناها بعينيه العسليتين …
ناداها بدهشة غامرة: قمر !
راح الدم يتدفق في عروقها كنهر من الحمم ولم تصدق أنها تراه بأم عينيها بعد كل تلك السنوات الطوال.. وردت عليه بعينين يطفو بداخلهما سائل رقراق : ورد ! حمدا لله على السلامة ..
وبالكاد استطاعت أن تقف على قدميها كي تسلم عليه ثم دعته للجلوس معها …
قال وهو ينقل بصره بينها وبين صديقتها: لا أريد أن أتطفل عليكما كما أنني …
قاطعته صديقتها : على الرحب والسعة ..تفضل أرجوك…
جلس بجوار قمر وقال لها: أنت كما عهدتك..شابة فاتنة …تضج أنوثة ورقة … أتصدقين لولا ضحكتك الرنانة لما عرفت أنك هنا…
احمرت وجنتاها خجلا ثم توجهت بكلامها إلى صديقتها: عليك إذا أن تشكر صديقتي التي ألقت علي نكتة حلوة
التفت إلى الفتاة وقال :حقا ! هل يمكنك أن تعيديها ثانية من أجلي …
وما إن أنهت الفتاة سرد النكتة حتى كاد أن ينفجر من شدة الضحك …أما قمر فاكتفت بابتسامة خجولة ….
ثم راح يحكي لها عن حياته في لندن وعن دراسته وأنه عانى في البداية من الغربة وصعوبة التأقلم في مجتمع غريب عن عاداته وتقاليده وأفكاره..
كانت تبتسم وهي تستمع إلى حكاياته التي يرويها بصوته الرخيم فيما تهز برأسها وكأنها تريد معرفة المزيد حتى تطرق إلى زواجه من فتاة بريطانية كانت تدرس معه في كلية الطب ..
عندها تغيرت قسمات وجهها واقفهرت ملامحها وسألته بصوت مخنوق : هل رزقت بأبناء؟
ورد: وهبني الله الياس و هاني وفتاة أسميتها …
قاطعته ممتعضة بصوت فيه حشرجة وقد بدى عليها الانكسار : أنا لم أتزوج بعد ..
فتوقف عن الكلام وراحت الحروف تغص في حلقه ثم أطرق رأسه مذهولا و ساد صمت ثقيل راح يفترش المكان بغيمة رمادية مبتروة الجانحين …صمت متواصل يزحف ببطئ على مشاعر الخيبات والحسرة لم يقطعه غير رنين جوال صديقتها التي انسحبت لترد على المكالمة وما إن ابتعدت قليلا حتى انفجر بالضحك بشكل هستيري من جديد فسألته وقد نال منها الغيظ :
هل يمكنني أن اعرف ما الذي يضحكك إلى هذه الدرجة..؟
أطرق رأسه لوهله ثم رفعه وحدق في وجهها وابتسم ابتسامة متكسرة و فيما كان يحاول أن يخبرها بما يعتري صدره وصلت إلى جواله رسالة من زوجته التي تستعجله كي يرجع إلى الفندق فسيارة الأجرة التي ستقلهم إلى المطار ستصل بأي لحظة..
نهض من مكانه كالملدوغ وتناول معطفه بسرعة ثم مد يده وصافحها بشدة متمنيا لها السعادة …بدى مترددا وكأنه يريد أن يقول شيء آخر غير الوداع لكنه أشاح بوجهه و غادر مبتعدا بخطوات سريعة …
كانت مصدومة من لقائها به الذي أخذها في رحلة ساحرة إلى فضاء رحب و وداعه المفاجئ لها الذي ألقى بها من فوق الغيمات الشاهقة إلى صحراء اليأس الجرداء وسحق أحلامها تحت عجلة الزمن الذي لا يرحم..
رحل ورد من دون أن يخبرها أنه أسمى ابنته على اسمها (قمر ) …رحل ولم تتح له الفرصة أن يخبرها أن نكتة صديقتها كانت سخيفة وأنه كان يضحك بسخرية على عمره الذي أضاعه بعيدا عنها…رحل وهو يجر وراءه وشاح شعوره الممزق..
عادت صديقتها بعد دقائق ولم تجد ورد في مكانه ..و فوجئت بقمر وقد استحالت امرأة هرمة ..شاحبة…بشعر أشيب…وفي عينبها سائل لزج بالكاد يتحرك….

# سفيربرس _ بقلم : مرغريت جمل

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *