إعلان
إعلان

بارانويا… بقلم : د.فتون عبد الله الصعيدي

#سفيربرس

إعلان

مرض نفسي تعود جذوره إلى الطفولة من مسبباته التربية والوراثة
تعالوا لنتعرف أكثر على البارانويا أو “جنون الإرتياب”

منذ أن ارتبطت تراودها شكوكٌ حول علاقات جنسية يقوم بها زوجها، وكانت دائمة التأكيد بأنه يخونها أمّا تحليلاتُها فكانت مركّبة بشكل يُقنع الجميع بحقيقة الأمور.
واليوم تراودها مخاوف وشكوك بأن من حولها ينوون أذيّتها، تارة جاراتها يتآمرن عليها، وتارة صديقاتها يقومون بعمل السحر لها.
وتشعر دائما بأنها محسودة لشدة جمالها وذكائها وتبدو عليها حالة من القلق الشديد والخوف من الخروج من المنزل كي تحمي نفسَها من الأذية المحتّمة والموت.
هي متأكدة بأن حماتها تؤلب زوجها عليها وتطلب من الفتاة الدلوعة التي تقطن بجوارهم أن تزورها أثناء وجوده عندها، وأن أقاربها يراقبونها عن كثب، حتى في مواقع التواصل الاجتماعي لدرجة أنها قامت بقفل ملفها الشخصي على الفيس بوك، وتدّعي أنه في الشركة التي تديرها قد زرع بعض الأعداء الذين كانوا زملاء لها أو مديرها القديم كاميرات وأجهزة تَنصُّت عليها، حيث دخلت خِلسة أثناء وجود الجميع في الخارج تبحث عنها.
إنها مصابة بالبارانويا، ما هو هذا المرض؟ كيف نحدّد الإصابة به؟ ما هي أعراضه ومسبّباته؟ وهل من علاج له؟
البارانويا هو مرض نفسي وعصبي شائع، يُعرف أيضاً بجنون الإرتياب، جنون العظمة، وهذيان الإضطهاد.
من الصعب الكشف عن هذا المرض لأنه لا يترافق مع تخيّلات صوتية أو بصرية.
لا يعرف الفرد بأنه مريض، وتراه يتصرّف بشكل طبيعي، ويتواصل بشكل مميّز، إلّا أنّ ما تلاحظه هو أنه لا يطمئنّ للآخر ويسيء الظن بكل مَن حوله، فهم يريدون أذيّته ويدبّرون له المكائد، وكل إشارة يقومون بها تشعره بأنه مستهدَف، وهو لا ينفكّ يرسم سيناريوهاتٍ تُحاك ضده، عنيد لا يقبل النقاش والإيضاحات والتفسيرات من قبل الغير، وبأنّ ما يظنّه ليس حقيقة، بل يحوّل مَن يحاوره بالموضوع إلى متآمر جديد، ما يزيد الأمرَ تعقيداً.
لا ثقة للمصاب بجنون الإرتياب بالمسجّلات الصوتية، ولا بوسائل التواصل الإجتماعي والهواتف والكاميرات، فهو معرّض للتجسّس والملاحقة.
يبحث عن أدلّة وبراهين تُثبت تهيّئاته ووجهة نظره، وبالتالي قد يؤذي مَن حوله لأنه يدافع عن نفسه ممّن يحاولون الإيقاع به، وذلك عندما يحاولون أن يشرحوا له الحقيقة.
قد يستعين بالكاميرات وأدوات التنصّت عن تعمّد للحصول على أدلّة، وكلما فشل في ذلك تزيد حماسته للمزيد من المتابعة.
إذاً أعراض البارانويا هي الشعور بالإضطهاد، سوء الظن والشك، العدوانية والإنعزال، بالإضافة إلى شعوره بالعظمة والتميّز والتعالي والتفوّق على الآخرين، يعتقد بأنه شخصية مميّزة ونادرة، يجب أن يخضع له الجميع وبأنه ذات نفوذ مطلق. قد يشعر بالذنب وبأنه سببُ المصائب والكوارث الطبيعية إلى درجة الإنتحار كعِقاب. كما أنه يشكّ بإصابته بمرض خطير لا يمكن الشفاءُ منه، على رغم صحة التحاليل الطبّية.
علاقته بالناس تقوم على السيطرة والقوة والقدرة؛ يريد تحقيق انتصارات على أعداء وهميّين.
يشكّ كثيراً بالشريك، يستعمل الآخرين للتجسّس عليه، وقد يصل إلى أعلى المراكز بسبب توقه الكبير للسلطة.
يعاني الجميع من صعوبة التعاطي معه، وهو غير عفوي، يفرض القيود ويسبّب المشكلات أينما حلّ.
الأسباب:
غالباً ما يظهر البارانويا في الأسرة غير المتماسكة، حيث يغيب الحبّ والتعاطف، فالطفل يحتاج إلى الحب كاحتياجه إلى الطعام والشراب وإذا لم يشبع هذا الاحتياج أدى إلى خلل نفسي، كما قد يؤدّي التعرّض للعنف في مرحلة الطفولة أو فقدان الأهل أو الحروب والمآسي، إلى مرض البارانويا.
وقد يؤدّي التعرّض للخيانة والغدر إلى التسبّب بصدمة، بإمكانها أن توصل إلى هذه الحالة، بعد فقدان الثقة بالغير والحذر الشديد منهم.
كما قد يكون نتيجة للوحدة والقلق الشديد والخوف، وقلّة ساعات النوم والراحة، وأيضاً المشاهدة لطرق التحليل السلبي للأحداث، وتوقّع الأذى من الغير، مع عدم إغفال دور المواد الكيماوية من أدوية ومخدرات ودخول.
وللعامل الوراثي دور، إذ يمكن أن يكتسب أفراد العائلة هذا المرض من خلال الوراثة.
الارتباط بشخص مصاب بالبارانويا ليس أمراً سهل، لأنه يحتاج إلى التحلي بالصبر والقوة من الطرف الأخر، خاصة أن البارانويا من الأمراض المزمنة التي يصعب علاجها سريعاً.
ويبقى السؤال الأهم .. هل يشفى مريض البارانويا؟
عملية علاج مريض البارانويا ليست سهلة، لأنها تعتمد على سبب الأعراض وشدتها، وعادة ما يقوم الطبيب النفسي بوصف العقاقير الطبية، والعلاج المعرفي السلوكي لمساعدته في :
تقبل الضعف الذي يعانيه.
زيادة احترامه لذاته.
تنمية ثقته في الآخرين.
التعبير عن مشاعره بإيجابية وكيفية التعامل معها بشكل صحيح.
ويختلف طرق علاج مريض البارانويا المصاب بجنون العظمة، عن الشخص الذي يعاني من الشك والارتياب، خاصة أن الطبيب يقوم بوصف الأدوية المضادة للذهان التي تعمل على تخفيف الأعراض، وعادة ما يتضمن علاج اضطراب الشخصية المصحوب بجنون العظمة العلاج النفسي لمساعدتك على تطوير مهارات التأقلم لتحسين التنشئة الاجتماعية، لذلك يجب أن تعلم أن مريض البارانويا غير واثق من الآخرين، ويرى أفكاره المصابة بجنون العظمة حقيقة وتحدث في الواقع، مما يجعل عملية علاج مريض البارانويا ليست سهلة.
وفي الختام أحبوا أطفالكم وامنحوهم الحنان والمزيد من العاطفة والكثير من الأمان فهي الكفيلة بأن تقيهم من لهيب الأمراض النفسية والعقلية في مستقبلهم.

# سفيربرس _ بقلم:  د.فتون عبد الله الصعيدي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *