إعلان
إعلان

كتبت سماهر الخطيب: “السلام الدؤوب” سينهي القرن الأميركي!

#سفيربرس

إعلان

القائمة

الموسيقار السوداني عبد الكريم الكابلي يرحل في الغربة..

الرئيسية/كتّاب بلدنا

دوليعربيكتّاب بلدنا

أخر الأخبار

“السلام الدؤوب” سينهي القرن الأميركي! بقلم سماهر الخطيب

5 ديسمبر، 2021

4 دقائق

منذ أعلنت الولايات المتحدة الأميركية عن انسحابها الغير متسق من أفغانستان وما خلفه ذاك الإنسحاب من تشعبات في قرائته لدى المحليين والخبراء الاستراتيجيين وتجلت تلك التشعبات في من اعتبره هزيمة أميركية كالتي حدثت في الفيتنام وآخرون اعتبروه قرار أميركي لإعادة تموضع قواتها وإعادة حياكة وضبط استراتيجيتها ومنهم من اعتبره قرار أميركي لإعادة ضبط الداخل وخاصة بعد الفوضى التي خلفها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وذهب بعضهم للقول بأن الولايات المتحدة اليوم تعيد إنتاج مبدأ مونرو وسياسة العزلة الذي قال فيه الرئيس الأميركي جيمس مونرو والذي تزامن مع بداية الحرب العالمية الأولى معتمدين بذلك على اتفاقية الغواصات النووية التي وقعتها الولايات المتحدة مع استراليا وبريطانيا وكأنها تقول “أريد حماية حدودي في المحيطين الهندي والهادئ والإنكفاء على نفسي أمام الصراعات الدائرة” والتي أنهكت السياسات الأميركية والاقتصاد الأميركي في حين بات التهديد الأكبر هو الصين التي باتت تشكل قوة اقتصادية لا يستهان بها.
أمام هذه التحليلات وغيرها ومنذ الانسحاب الأميركي “المشبوه” من أفغانستان وحتى اليوم تشهد الساحة الدولية غليان وتشعّب في الأحداث وكأنما بات الفصل الأخير من مسرحية “الإمبراطور” الأميركي قيد الإخراج بعد أن تمت كتابة سيناريو محكم وتمّ توزيع أدوار البطولة والكومبارس على الشخصيات الدولية.
وفي بانوراما الأحداث الدولية الأخيرة فإننا سنبدأ من الاتفاقية النووية الثلاثية التي وقعت عقب الانسحاب الأميركي من أفغانستان “أوكوس” والتي أحدثت مشكلة ما بين أستراليا وفرنسا التي اعتبرت الإتفاقية تأتي في بند “الخيانة” الأسترالية لشريكها الأوروبي بعد إلغاء عقد الشراء الذي كان من المفروض أن تقوم بموجبه أستراليا بشراء الغواصات من فرنسا إلا أن الولايات المتحدة كانت السباقة إليه وكانت الخسارة الفرنسية (50 مليار دولار). وفي الصين التي شهدت تصعيداً في لهجتها ضدّ كل من يحاول المس بأمنها وسيادتها حاشدة كل قواها السياسية والدبلوماسية والعسكرية لإعادة تايوان إلى حضنها الأم مؤكدة على عزمها استعادة سيادتها على تايوان رافضة كل أساليب السياسة الأميركية هناك. وفي روسيا التي أشعل الناتو حدودها لإشغالها هناك سواء في أوكرانيا أو أرمينيا أو بيلاروسيا وبولندا وكل دولة من هذه الدول كان السيناريو المحاك فيها تبعاً لخصوصيتها ونقاط ضعفها.
وفي تركيا التي شهدت مؤخراً أزمة معيشية وانخفاض هائل في سعر الليرة التركية وما رافق تلك الانهيارات من تصعيد في اللهجة الأميركية ضدّها مقابل مراوحة التركي المعتادة ما بين مصلحته مع روسيا ومصلحته مع الدول الغربية “الناتوية”.
وفي إثيوبيا تصعيد عسكري داخلي في إقليم تيغراي وتصعيد سياسي واقتصادي في ما يخص “سد النهضة”. وفي القارة الأفريقية تنافس غربي – أميركي وسباق فرنسي للسطوة على القارة السمراء وحضور صيني راسخ هناك واهتمام روسي للنهوض من سيطرة الغرب. وفي ليبيا انتخابات “ملغومة” وفي العراق تخلط الأوراق وفي مصر نهضة خجولة وفي اليمن هزيمة سعودية مدوية وفي لبنان أزمة اقتصادية ودبلوماسية ومأزق سياسي وانهيار نقدي وفي الأردن هدوء حذر وفي فلسطين المحتلة أحيت من جديد مقاومة داخل الأراضي المحتلة وسط تضعدع في سلطات كيان الاحتلال وفي إيران تأكيد على السيادة ورفع للعصا في وجه الولايات المتحدة تجلت في اعتراض زوارق تابعة للحرس الثوري الإيراني لسفينة تابعة للبحرية الأميركية ومطاردتها بعد أن قامت بمحاولة قرصنة لناقلة نفط إيرانية في مياه بحر عمان وعودة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني بعد أن رفعت إيران من نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60% في حين كانت 20%. وفي سورية عودة عربية وتحضيرات عسكرية في أدلب وسياسية دبلوماسية في شرق الفرات وتلاشي لقانون قيصر.
وبعد هذا العرض البانورامي يبدو أن الاصطفافات الدولية قد شارفت على نهايتها وأنّ مقايضات استراتيجية بدأت تلوح معالمها وما بين الشرق الأوسط والشرق الأقصى تتوزع من جديد الأدوار ليبدو أن السياسة الأميركية باتت اليوم سياسة متغيرة ومتقلبة بعد أن كانت سياسة ثابتة خارجياً في سبيل خدمة سياستها الداخلية..
إنما وعقب ما عانته الولايات المتحدة في الداخل من توترات صحية وعرقية وحزبية فإن كل ذلك أدى لضبابية في سياستها الخارجية وانعكاس لما عهدته تلك السياسة فباتت اليوم سياستها الداخلية في سبيل خدمة سياستها الخارجية بحيث توصف الاستراتيجية الأميركية تجاه بالثابتة والمتغيرة وفقاً لما تقتضيه المصلحة الوطنية الأميركية، كما إنها تتأثر بمؤسسات صنع واتخاذ القرار السياسي.
تبعاً لذلك مثلت استراتيجية جو بايدن تغييراً عن استراتيجية سلفه دونالد ترامب، التي عنونت بالانسحاب من معظم الاتفاقات والمعاهدات الدولية تحت شعار “أميركا أولاً” وما مثلته تلك الاستراتيجية من انعكاسات سلبية على الداخل الأميركي ظهرت بالشغب الذي تزامن مع أداء القسم لجو بايدن وغيرها من الثورات المناهضة للعنصرية والمهاجرين والتي أدت إلى زعزعة الداخل، كما واستندت تلك الإستراتيجية على عقيدة رجل الصفقات الذي اتبع آليات العرض والطلب في التعامل مع الدول بما يعزز مكانة واشنطن دون دفع أي مقابل لحماية شركائها بل هم من يدفعون مقابل الحماية، ما جعل مهمة جو بايدن صعبة في إعادة إحياء الدور الأميركي في العالم من جهة ومحاولة إعادة هيكلة تلك الإستراتيجية من جهة أخرى.
وهو ما يفسر دعوة الرئيس بايدن في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى بدء حقبة جديدة مفعمة بالوحدة العالمية في مواجهة الأزمات المتفاقمة لجائحة كورونا وتغير المناخ وانعدام الأمن. وتأكيده على أن الولايات المتحدة تتجه نحو “حقبة جديدة من الدبلوماسية الدؤوبة”. وبدون انتقاد لسلفه، شدد الرئيس بايدن على أن إدارته قد تحولت من أسلوب دبلوماسية “أميركا أولاً” إلى أسلوب التعددية. وقال: “لقد عدنا إلى طاولة المفاوضات في المنتديات الدولية، وخاصة الأمم المتحدة، بهدف تركيز الاهتمام وتحفيز العمل العالمي بشأن التحديات المشتركة”.
وقد شهدنا إعادة انخراط الولايات المتحدة مع منظمة الصحة العالمية؛ إعادة الانضمام إلى اتفاق باريس للمناخ؛ والاستعداد للترشح لمقعد في مجلس حقوق الإنسان العام المقبل. ما يعني عدم الاستمرار في “حرب باردة جديدة، أو عالم منقسم إلى كتل جامدة”، بل اعتراف أميركي بفشل الاستراتيجية السابقة وإعادة تموضع جديد قائم على تحالفات جديدة تحمل في طياتها اعتراف أميركي بقوة الصين وروسيا في الساحة الدولية وخاصة فيما يخص الدبلوماسية الدؤوبة التي تعهد بايدن بالسعي إليها في محاولة للجم تلك الدول التي تفوقت على القوة الصلبة الأميركية بالقوة الناعمة الصينية والروسية.
في حين يبدو أنّ “السلام الدؤوب” الذي أعلنه بايدن سيكون كـ”الطبل الفارغ” ولن ينهي الحرب بل سينهي القرن الأميركي وسينقلب السحر على الساحر.. وبالتالي سيكون العام المقبل عاماً حافلاً بالمتغيرات الدولية الإقليمية والعالمية وستتغير بؤر الصراع من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى تبعاً لتغيير الاستراتيجية الأميركية وما يقابلها من استراتيجيات دولية مناهضة لها.. إنما ما يهمنا في منطقتنا أنها ستكون المتلقي الإيجابي لتلك المتغيرات بعد أن عانت لعشرين عاماً ونيف من انعكاسات سلبية نالت من مفاصل الحياة كافة وسيكون إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني وفق الشروط الإيرانية وانسحاب القوات الأميركية من العراق والأراضي السورية المحتلة بداية لتلك الانعكاسات الإيجابية.
# سفيربرس _ سماهر الخطيب – بلدنا _ كاتبة صحافية وباحثة في العلاقات الدولية والدبلوماسية

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *