إعلان
إعلان

سهرة في الغرفة ٢٠٠ للقاصة طيف أحمد يوسف تخوض في أغوار النفس الانسانية المعذبة

#سفيربرس _ بقلم : ألوان عبد الهادي

إعلان

تأسرك في سهرتها وتغرق في خيالها مستبطنا مايكون في هذه السهرة من امتاع لعاشقين ولكن تدهشك فيما يجول ويدور من حوار تستبعده بين مريض وممرضة كلفت لمراقبته في الغرفة ٢٠٠ حملت الكاتبة الحوار جوانب عديدة في الحياة من خلال رجل أعمال ومايريده من فتاة تعمل لتمريضه في المشفى الذي أسعف إليه لقربه من مكان الحادث هذا الرجل الذي همه في الحياة معامله وشركاته فقد خبر تعقيدات الحياة
والممرضة البسيطة التي لم تعتركها مثله عاشقة تكسب قرشها بالحلال وتبني بيتها المستقبلي مع خطيبها بمظلة الحب التي تنهار بسقوط حبيبها عن السقالة وهو يعمل بالصيف ليؤمن عيشا كريما. بدت حنكة الكاتبة في المحادثة التي دارت بينهما في السهرة التي استغرقت الليل بطوله حتى انتهى دوامها. الممرضة التي حزبها الحزن من أهوال المصائب التي لحقت بها وبخطيبها الذي أخلى سبيلها حبا لها ولكن هي لم تستطع ان تتخلى عن حبه ولو لحظة. لرجل الأعمال نظرته التي تختلف جذريا عن نظرتها للأمور فقد طرح نظرته للأنثى وماذا تعنيه له؟. وحلمه بالجواري وما يحقق له من متعة فالأنثى هي للمتعة بعيدا عن هموم الممرضة التي طفح الحزن من عينيها تتلقف هذا الارباك محاولة الهروب ولكنه يوقفها بكلامه إنه مريض وسيغادر لتكمل الحوار وترد عليه برؤيتها. تكاشفا هي أوقفت قلبه عند الفتاة التي أحبها واعترف لها بقراءة رسائلها مرات عدة بعد زواجه من امراة فرضها عليه العمل ووالده وهي حبيبها وظروفه الصعبة والبحث عن عمل حوار شيق تموج فيه قيمة أخلاقية متفاوتة بين كليهما وماتريده الكاتبة أن الوفاء والاخلاق هما الأبقى عندما خرج الرجل الذي نسي عنوان الممرضة التي وعدها بانقاذ حبيبها واعادة الامل بالعمل عنده في أحد شركاته وبعد أن عادت في الصباح كانت سيارته قد التف حولها المهتمين الكثر به وحين التفتت للسرير لترتيبه وجدت الورقة التي كتبت له العنوان في اللحظة التي انطلقت فيها سيارته وبدأت بالاختفاء حتى تلاشت. ليس من هم سوى المادة والقلب في مقلب آخر هناك اسقاطات كثيرة تريد أن توصلها الكاتبة للقارئ في هذا الحوار الشيق ففي الصفحة ٢٧يقول المريض:” المرأة لايناسبها إلا أن تكون جارية … متابعا أم تظنين أن امرأة عاملة تنتظر النقل العام نصف النهار لتصل إلى منزلها مبللة بالعرق هي امرأة ؟. ماذا بقي فيها من جمال أو من أنوثة؟. “. هؤلاء الذين يجعلون من المرأة سلعة للمتعة لرغائبهم والذين شوهوا معنى الانوثة وسخروها كما يريدون.. المرأة عند صاحب المال متعة والانوثة هي زينة وعطور ولباس للاغراء تريد ان توضح أن الانوثة على خلاف ذلك تماما الانثى وهي أصل الحياة والانسان وجذره ومنبته فكيف يمكن لهذا او ذاك الغاء هذا الجذر والاصل والانثى هي التي تبني وتؤسس وتعمل . قصة مثيرة وموقظة لقضايا كثيرة وحاملة لهموم ومشاكل وأحداث لظواهر يومية. فقد انكسر قلب الممرضة العاشقة وأصبح في صراع مع الحبيب الى أن يتعافى ويفتح له المستقبل أبوابه بعدما ورقة صغيرة أيقظت في قلبها بذور الأمل وعطور زهوره لحين تركت للنسيان. حيث روستها بمقولتها:” أهدي أحبتي الزهور لأني أحبها وحده حصل على بنفسجتي لأني أحبها أكثر”.
مجموعة قصصية عميقة تتنقل بين أغوار النفس في قصصها الثمانية القصيرة والمؤثرة من خلال طروحات لمسائل انسانية جادة وهامة تعتمر أعماقنا هذه القصص التي تشعر بها وكأنها تجري معك تسير مع عواطفها الجياشة وماتتركه من مواعظ وندم أحيانا. في قصة خيوط المطاط تروسها بعبارتها:” طلبت نسمة حب يارب فلما كل هذا الإعصار”. تريد أن تلخص ماحصل
لخيوط المطاط على لسان ابطالها المهندس والمهندسة الحبيبان اللذان تلاقيا بعد فراق طويل تغيرت حياة كل منهما في عالم آخر دون أن يصرحا لبعضهما ما أصابهما من فشل زوجي كل في خياره الخاطئ لتنهي القصة في طلب نقل لكل منهما من الدائرة التي التقيا فيها.
أما القصة الثالثة وهي بعنوان ” مابين الزهرة والصخرة” تروسها
بقولها:” اسألوني ما اسمه حبيبي” على عكس أغنية فيروز المعروفة لاتسألوني ما اسمه حبيبي تصر الكاتبة أن يعلم الكل باسم هذا الحبيب الذي لاتريد اخفاءه عن احد ولا تخشى عليه من تكدس الليلك على الدروب فهو عندها الليلك ومايضوع إنه الزهرة وحديثها للصخرة وهذا العشق الممتغلغل والصامد على مدى الدهور تريد أن يعلن للجميع. إنه اسلوبها الناعم والرقيق في وصف. الخطوات الاولى لمدينة أثرية في قلب الصحراء بحديث هامس وشفيف بين قطعة الأثر وزهرة الصبار بالقرب منها تفوح بعطرها لها وتبوح بماينتابها من ألم وأسرار . أيضا هذا الإسقاط الرائع و
الحميم لما يعتلج النفس الإنسانية ولما تريد أن تحظى به من اهتمام سواء لما يعتريها ومايحيط بها من عمران للحضارة والانسان وما تقترف يده من أخطاء في حق هذا الوجود الحضاري الممتد في عمق التاريخ ومن تقصير في جميع ميادين الحياة لتصل في هذا الحديث إلى اعجاب هذه الصخرة المنقوشة الخالدة بعمر هذه الزهرة القصير ومنها الى عبرة مهما طال العمر فليس سوى اجترار لما يحدث له من ألم وموت وحتى حب وفوح عبير .
أما’ عند المغيب” تحكي قصة ليلى العاشقة التي تودع حبيبها وتخيب أحلامها برسالة صادقة يخبرها أن تتخلى عن حبه الذي لم يخلص له بعد زواجه من أجنبية فتترك بأسلوبها هذا الأثر الشجي عند القارئ بدخولها إلى عالم الرجل الذي لخصته بقولها:” سيخيب أمل الرجل حين يعلم أنه ليس محور العالم”. إنه التشويق لنخوض في غمار القصة في حين تظهر الرجل خائنا في ” أسوار حصينة ” القصة الخامسة ذليلا التي تروسها بمقولتها:” لو لم تكن ذليلا ما استطاع أحد اذلالك”. قصة رجل يخون زوجته مع خادمتها المخلصة التي شددت الزوجة بالطلب منها الحرص في مراقبتها وهو في عمله في علاقات كثيرة لم تستطع رغم ذلك أن تمنعه من خيانتها نهاية مفاجئة رغم تعدد خياناته حتى على الخادمة التي حملت منه ختمت القصة بحوار بين الخادمة والزوج تقول:” – هدى دعيني – هدى من هدى انا سلمى ؟ الضربة أثرت على رأسك – سلمى طبعا وأجمل سلمى لكن دعيني أتحسس بطنك الطري ،أريد أن أطمئن على ولدي لكن لا أسمع شيئا، هل يكون ابني بليدا ؟.

– لاشك أنك تمزح ألا تعرف أن الجنين لايتحرك في الشهر الثالث !!؟؟.” بالوقوف عند” موعد من الماضي” يستثيرك هذا العقاب فهي درس للذات الخاطئة التي لا يمكن لها الفرار من العقاب مهما طال الزمن قصة أب يقتل وبجمع ثروة وفي أثناء فرحه بعرس ابنه الذي ينتظره بفارغ الصبر يأتي السارق ويطلب من ابنه ذهب العروس الذي بين يديه لكنه رفض فيقتله بالرصاص ويهرب. تنتهي القصة بصورته منذ ستين عاما وهو يقتل العجوز من الشباك العالي في منزله ويكدس ثروته التي خسر فيها ابنه وفرحه به عقاب القدر لامفر منه وهو موعد من الماضي يأتي في أحلك وأجمل الحالات التي تنتزع الانسان منها الى حلقة عقابه روستها بعبارة” أحبك ولأنك لست لي لن أمد يدي”. الاب السارق والقاتل قُتِلَ أعز من لديه ابنه يوم فرحه.
أما قصة” إلى من يحبني” حاكتها الكاتبة بطريقة ملفتة قصة كاتب يسرد روايته لامراة موظفة تكتب مايمليه على الآلة الكاتبة وهي قصة حب جارف عاد إليهما بعد سنين من الفراق متجاوزا كل الحاضر الزوجة والاولاد لديهما قائلا لها إنها رواية خالدة في الحب يوخزه ردها أنها عادية ويغمسه في حوار معها ويستوقفه كلامها ويعاود الحديث مجددا مستفزا لها الى أن تفاجأت باهدائه الرواية بعد ان تنزل في المكتبات إلى الذين أحبوني ولم يرف القلب هكذا تختم الكاتبة يوسف القصة إلى التي تعرف نفسها ولا أعرف أين هي هذه روايتي وهي أجمل زهوري أنثرها على المحبين الطيبين وأقدمها وإن كانت قليلة جدا إلى من يحبني”. حوار مدهش وموجع بين العاملة والروائي الكبير لخصتها بمقولتها:” شد الرحال الى الأمام فالوراء ذنب لايغتفر”.
وأخيرا قصة” نهاية النفق” وهي قصة حولتها القاصة طيف يوسف الى مسلسل تلفزيوني من ثلاثين حلقة أطلقت العنان فيها لقلمها في خط الأحداث لشخصيات قصتها تبحر في عوالمها الموجعة والشرسة المتشابكة الاحداث بقصصها الاجتماعية الهادفة والملتزمة في خط سردي رسمته ريشتها بلونها المميز والتي تدور أحداثها في الامارات والكويت والاردن. فضاء واسع ومتعدد بطلة القصة نوف خريجة كلية الحقوق بطموحها المغامر وخليل وابو خلدون وشخصيات اخر كثيرة قصة تفتح نوافذها لزوايا قانونية واقتصادية وعائلية وعاطفية التي يدخل فيها الانتقام والحسد متداخلة مع بعضها البعض لتعلن عن هدف منشود تبغي الوصول إليه بقضاياها الإنسانية الآسرة. تروسها بمقولتها:” لا تعبث بكنوز قلبي فتصبح خارجه”.
ونلاحظ في قصصها الثمانية تميزها بمشهدية حوارية بين أبطالها فاقت النظر وبذكاء ودهاء حملته الشخصية بمهامها التي رسمتها لها وعمل معلن القيام به وللقاصة مجموعة اولى و بعنوان ” دقائق قبل الإعدام “. وهذه الثانية عنوان المجموعة ” سهرة في الغرفة ٢٠٠” رسم لوحة الغلاف الفنان طلال يوسف تحكي ختام السهرة في المشفى وهي اصدار دار ارواد طرطوس.

#سفيربرس _ بقلم  : ألوان عبد الهادي 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *