إعلان
إعلان

” التاجر والنسّابة ” بقلم : عبدالكريم العفيدلي

#سفيربرس

إعلان

منذ فترة جاء رجل من دولة مجاورة لابن عم لي ، يدعي أنه نسابة ويملك أختام ويعطي صكوك أنساب لمن يريد .
وعلى رغم هيئة الرجل التي توحي بالوقار ، أراد ابن عمي اختباره في هذا الموضوع بعد أن أكرمه كعادته مع أي ضيف ينزل عنده ،فطلب منه أن يعطيه وثيقة تشهد له بأنه شيخ القبيلة وأنه من أسرة قادت هذه القبيلة في مراحل تاريخية ، فتفاجىء بالرجل الذي قبل الموضوع فوراً وطلب منه تعداد مايحفظه من أجداده بعمود النسب وفعلاً دون ذلك وأضاف من عنده أشياء لم ينزل الله بها من سلطان !.
وبعد الإنتهاء منها أخرج أختامه وختمها وقدمها إليه وطلب منه عدم إظهارها حاليا يتركها للأجيال اللاحقة …
عندها ضحك ابن عمي ومزقها وقال له : اتق الله يارجل ، عندما رأيتك توسمت بك خيراً من هيئتك ،ولكن بعد هذا لا يمكنني إلا أن أقول رافقتك السلامة .
وللعلم ابن عمي هذا من تجار الرقة المعدودين، ربما أمل الرجل بالإستفادة منه بهذه الطريقة ولم يدرك أنه وضعه باختبار وقع به من أول لحظة حتى غدا بالنهاية مسخرة !.
والحقيقة أني أوردت هذه القصة كمثال لما يحصل من فوضى حاليا بعلم الأنساب ،وعندما أقول ” علم الأنساب” أي أنه يقوم على منهج علمي يستند للتحقيق والبحث وليس مرويات وخرافات لاتستند إلى أي دليل علمي من مبدأ قال ويقول .
وكل من يتحدثون به ويجرؤن للخوض به إن سألتهم كيف وصلت لهذه النتيجة لاتجد عنده جواب أكثر من سمعت من فلان !.
وليس فيهم واحد قرأ ثلاثة كتب أنساب أو يستطيع التحدث عن محتوى إحداها ، بل إن بعضهم لا يحفظون حتى عناوين الكتب .
ولأن اللعب بالأنساب جريمة كبرى ونهى عنها الدين ،رغم حضه على تعلمه كعلم لوصل الأرحام ،إلا أن بعض الجهلة اللاهثين وراء الشهرة والفائدة وجدوا بهذا الموضوع طريقاً سهلاً فتسابقوا للخوض فيه دون ضوابط وقيود فاختلط الحابل بالنابل وسكت أهل الحل والعقد عن هذه التصرفات فتمادى أولئك أيما تمادي أجج العصبيات والصراعات وأعادوا إحياءها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي هي الأخرى وجدوا بها ضالتهم واستخدموها منبراً لا ضوابط ولاقيود عليه ،فأصبح كل من هب ودب يدخل باسم مستعار يضع منشوراً لتقوم الدنيا ولاتقعد ب” الهياط” والمهاترات التي تعيدنا لتاريخ لا فخر لنا به تفوح منه رائحة الدماء والسلب والنهب وقطع الطرق والغزو …..
وان كان به من مواقف إيجابية لبعض الرجالات استثمروها لإحياء العصبية بشكل مريب ورهيب .
ما اريد أن أقوله أن علم الأنساب لا يضر تركه ولاينفع تعلمه ،والجهل به ليس عيبا فالمقياس العمل ولاتنفع الأنساب إن لم تنتج عنها أعمالاً وأفعالاً تشرف أهلها وأنسابهم ، فلو كان الخير في النسب لما وضع أبو لهب وهو أشرف نسب بالأرض ورفع بلال وهو عبد حبشي اعتلى الكعبة وسمع النبي خشخشة نعليه بالجنة !.
إذا فالمقياس بالعمل والعمل فقط ، كل هذه الخزعبلات والخرافات تسهم في تأخرنا عن اللحاق بالأمم .وان كان ولابد فيجب ترك هذا العلم لأهله وإبعاد المتطفلين عليه من الجهلة وأصحاب الرايات المشبوهة .
ويجب على أهل الحل والعقد من زعماء العشائر والقبائل العربية أن تضع حدا لهذه الفوضى وتوجه أبناءها للعلم والعمل والمساهمة في بناء الأوطان للحاق بركب الأمم المتحضرة .

# سفيربرس  _ بقلم : عبدالكريم العفيدلي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *