إعلان
إعلان

جمالها والبوتوكس: كتبت دلال ابراهيم

# سفير برس

إعلان

 

” لست فائقة الجمال ” قالها وعيناه تنطق بالإعجاب بها .. وهي البسيطة حد التعقيد, المحبطة في مسعاها المحموم للهروب من رهان العقل  ومن ضجيج الهواجس, تقنع نفسها وتقول:” وما الضير في ذلك .. يكفي أنني أغسل وجهي صباحاً وعندما أنظر إلى مرآتي أتعرف على نفسي وأتحسس مواضع جمالي ” ..لا !! ليس صحيحاً أن امرأة تصحو يوماً لتقول لمرآتها بعد أن لمست جسدها أنني جميلة واكتفت …كلمات من فم رجل تحبه تصنع أرجوحة نجوم ومرايا صيفية خالية من ضباب الغبش في الروح الخريفية..

ولكن.. كيف له أن يلحظ وجودها وجمالها في حضرة إناث البوتوكس .. هي ذات الذهن المتقد التحليلي .. والنظرة الشمولية .. المنتمية إلى جيل كان التباهي فيه بعدد الكتب التي أنهيتها هذا الشهر .. نعم تستطيع الجزم أنهن من عالمين متناقضين .. حالة النديّة الأنثوية ما بينهن تحث عقلها على فرز المقارنات تلقائياً .. تجلس في الركن المظلم .. مع كأس عصير وصحن جزر.. تراقبهن من بعيد..

نساء مهتمات بأدق تفاصيل شكلهن .. وهي بالكاد تجيد رسم حواجبها .. وتعتبره انجاز ضخم لها في حال أفلحت في رسم خط الآيلاينر حول عينيها من أول محاولة .. متنقلات بين صالون تجميل, وغرفة عمليات.. وهي تراوح بين مشكلة وأخرى ..

ينتعلن الكعب العالي من لحظة استيقاظهن حتى ساعة نومهن .. وهي لا يحرجها أن تخلع حذائها الرياضي في عرض الطريق , وتمشي حافية طالما ذلك ينقذ قدميها من الألم..

شعرهن مسرح بعناية .. وهي تعقص شعرها وترفعه بما متاح لها .. حتى لو كان قلم رصاص لا يهم ..

أسلوبهن في الحركة ..

أصواتهن في الكلام ..

زمة شفاهن وإغماءة عيونهن ورفة جفونهن ..

أظافرهن المطلية …

رموشهن المستعارة ..

كل ذلك .. يجعل منهن نسخاً لفريق موحد.. وهي بخصويتها أنثى واحدة

بطريقة ما, وجدت نفسها في موضع الاختلاف واللاانتماء للمكان تراقبه من بعيد .. يثير استغرابها افتتانه بنساء البوتوكس..

وتلعن الثقافة والفكر والعلم والشعر والأدب والكتب ..و..الحرب .. وكل ما رجح في الانسان على حساب الأنثى

تلعن كل ما حرضها في بحثها الدائم عن عمق الأشياء, وارتداد معانيها..

تملأ رأسها المزدحم بالفلسفة والتاريخ والسياسة والأدب وتفكر ..

ممكن استيعاب فكرة أن بعض النساء لا يجدن لأنفسهن أي قيمة خارج حدود شكلهن وأجسادهن .. ضمن مجتمع عمل على مر قرون على تفريغ الأنثى من قيمتها البشرية ولا زال موغلاً في ذلك .. قلنا أن هذا أمر مفروغ منه ..

لكن ما كان خارج قدراتي الاستيعابية هو كيف يمكن لرجل مثله أن يفتتن بنسوة كتلك ..

يفرغ كأسها من العصير, وتنتبه للموسيقا من جديد .. تهمس لنفسها قائلة..

كاذبة أنا, هي الغيرة فقط ما ينهش قلبي..

كم أكره الرجال حين يستطيعون إشعال غيرتي فأعود إلى فطرتي البدائية..

أنثى .. فقط أنثى..

# سفير برس : دلال ابراهيم 

إعلان
إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *