إعلان
إعلان

كتبت سعاد زاهر: لص محتمل…!

# سفير برس

إعلان

حتى إنها تركت هاتفها…

لا شيء سوى بوط أبيض رياضي، وسترة خفيفة، مجرد إحساس غامض وخزها، ربما تعيش مناورة مع تلك الأمكنة التي لطالما سكنت إليها، وتآلفت معها، لا تدري لماذا عاندت إحساسها وحملت حقيبة خفيفة ومضت صوب منزل في لحظة تؤمن أنه مسكون بكلّ أشباح الكون…رغم أنه فارغ تماماً إلا من بضعة أشياء مهملة.

عمر بأكمله أمضته بعيداً عنه، في منزل بديل، انهمرت الصور أمام عينيها كشريط سينمائي يفتقر للدقة، كحدٍ فاصلٍ بين الوهم والخيال كوجعٍٍٍ يلتهم ما تبقى منها …

لو أنها لم تعش هذه القصة ورواها أحدهم لما صدقتها…

الجو الربيعي.. لم يمنع هواجسها، ولم تتمكن خطواتها السريعة من إبعاد ضجيج أفكارها، اعتقدت أن الذهاب إلى مكان غادرته يوماً محملة برعب أسود أمر هين…ولكن…!

اختارت طريقاً لم تطأه قدماها، لم تضطر لدخوله رغم مرورها من قربه مئات المرات، كانت تمشي على الشارع الإسفلتي العريض المزين بشجيرات السرو الصغيرة والأنوار الكاشفة تنيره طيلة الليل..

في الدرب الضيق، حين التفتت خلفها، لم تر سوى ظلها، تابعت سيرها على مهل، كمن يتوقع خطر ما، ممسكة بحقيبتها الصغيرة نادمة أنها لم تحضر هاتفها، حين لمحت إحدى جاراتها، سقطت من ذهنها كلّ الكلمات كأنها ولدت صماء، تابعت فم جارتها وهو يغلق ويفتح على أحداث جرت قبل أعوام، حين كانت أول المغادرين.

لم تعِ إن كانت ودعت تلك الجارة، كلّ الذي انتبهت إليه.. إنه قبل المنزل بقليل تسمرت قدميها، تمردتا عليها، ولم تتمكن من زحزحتهما إلا عندما هربت مجدداً، ربما إلى الأبد.

هاربة لا تصدق كلّ تلك الأحجار المختبئة، ولا الأقفال التي تفتح بسهولة، ولا تفهم سر الكاميرات التي نظرت إليها كلص محتمل، حتى الأوراق الرسمية التي تعبت دهراً وهي توثق ملكيتها لاتهم…

كلّها أفعال ناقصة لن تكتمل إلا بإضاءة الدائرة كاملة، حينها لا يهم أي درب نسلك كلّها تنزلق بسهولة نحو الأمكنة التي نود العودة إليها مجدداً.

# سفير برس – سعاد زاهر – الثورة

إعلان
إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *