إعلان
إعلان

نظرية الخبز المحروق.. بقلم: محمد عفيف القرفان

#سفيربرس _ الكويت

إعلان

من ضمن الاستعداد لرحلة سياحية عائلية خارج مدينة اسطنبول، مررت على أقرب محطة وقود لكي ازود السيارة بالوقود وشراء زيت من أجل “المقوَد” بعد أن أحسست أنه صلب قليلاً ويحتاج الزيت الخاص به؛ ولأنني كنت على عجلة من أمري فقد طلبت من عامل السوبرماركت الملحق بمحطة الوقود “زيت” دون أن أذكر له نوع ذلك الزيت. عندما خرجت إلى السيارة وفتحت غطاء المحرك لأضع الزيت للمقود، تفاجأت بأن الزيت خاص بالمحرك، فقلت في نفسي سأرى ما إذا كان المحرك ينقصه الزيت، فوجدته فعلاً يحتاج الزيت لدرجة أنني أفرغت علبة الزيت كاملة في المحرك. بعد ذلك عدت إلى السوبرماركت واشتريت زيت المقود ووضعته في مكانه المخصص، ثم مضينا في طريقنا. ولكنني تساءلت في نفسي “أنا لم أخطط لوضع زيت المحرك، علماً أن المحرك يحتاج الزيت ولكنني لم أكن أعلم بذلك!”

تذكرت حينها نظرية “الخبز المحروق” التي تقول بأنك إذا قمت بحرق الخبز المحمص في الصباح، فإن الوقت الذي ستقضيه في صنع خبز آخر قد ينقذك من حادث سيارة، أو ربما يجعلك تتأخر عن الاجتماع الصباحي في الشركة، ولكن أثناء دخولك بوابة الشركة تصادف شخصاً مهماً ومميزاً، ولم تكن لتلتقي به لولا أنك قد تأخرت بسبب الخبز المحروق. وتقول النظرية بأن هذا الأمر وجه من وجوه مساندة “الكون” لك، وينسحب ذلك على أحداث يومية كثيرة تمر في حياتنا.

ثم تذكرت قصة الشاب الذي ذهب ليقدم على وظيفة “منظف حمامات” لدى شركة مايكروسوفت، فطلب منه موظف الموارد البشرية أن يملأ استمارة طلب عمل؛ وكان من ضمن البيانات التي عليه أن يملأها أن يكون لديه بريداً الكترونياً، ولأن صديقنا الشاب لم يكن لديه بريداً الكترونياً، فقد خسر حتى محاولة تعبئة طلب التقديم على العمل؛ فالموظف خاطب الشاب باستهجان قائلاً له: “كيف تقدم على وظيفة لدى مايكروسوفت وأنت لا تملك بريداً الكترونياً!؟” ما حصل بعد ذلك، أن الشاب توقف عن التقديم للشركات وبدء يعمل في جمع “الخردة” من القمامة ومن الطرقات ويبيعها، ثم بعد أن حصل على مبلغ بسيط قرر أن يقوم بتجارة الخضروات التي بدأت تنمو وتكبر حتى أصبح صاحب محل كبير للخضروات في المدينة، وعليه أن يقوم بفتح حساب في البنك القريب لتسهيل عمله التجاري، وكان من ضمن البيانات التي عليه أن يقوم بملئها خانة البريد الالكتروني. القصة طريفة -إن صحّت- لأن الشاب قال لموظف البنك بأنه ليس لديه بريداً الكترونياً بالفعل، ولو كان كذلك لكان الآن مجرد “منظف حمامات” لدى شركة مايكروسوفت!

بعيداً عن زيت محرك السيارة والخبز المحروق والشاب المتقدم لوظيفة مايكروسوفت، أرى أن الأمر ببساطة شديدة ضمن ترتيبات الكون التي يدبرها رب الكون من خلال القضاء والقدر، إذ يقول سبحانه وتعالى: “إنا كل شيء خلقناه بقدر” القمر ٤٩. أن للكون خالق يدبر أمره بحسابات دقيقة يعجز العقل البشري أن يدركها، مصداقاً للحديث النبوي الشريف “يا بني إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك”.

الأحداث من حولنا لا تحصل جزافاً ولا صدفة، إنما تحصل بقدر معلوم ولغايات لا يعلمها إلا الله؛ وكل ما علينا فعله أن نجتهد في السعي ونقوم بواجباتنا كما يجب ونترك الترتيبات لتدبير رب هذا الكون، فهو أدرى منّا بما يصلح أو لا يصلح لنا. إنها القوة التي لا تُقهر عندما نسلم بأن الأمر كله بيد الله، وهي الثقة المطلقة بالله في تدبير حيواتنا بدقة متناهية.

اللهم إني أتبرأ من حولي وقوتي،
والتجئ إلى حولك وقوتك.

#سفيربرس _بقلم: محمد عفيف  _ الكويت 

#المدرب_المايسترو
#التسليم #الخبز_المحروق

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *