إعلان
إعلان

طبيعة ضدّية.. بقلم : لميس علي

#سفيربرس

إعلان

(الوجع سيكوي كل جروحه، ومع الوقت سيشفى ويصبح إنساناً جديداً)..
عبارة ترد على لسان إحدى الشخصيات التي تابعناها في الأعمال الدرامية التي قُدمت مؤخراً..
لعلها لا تشتمل الجديد.. لكنها تُعيد التذكير بغرس جروحنا في تربة أوجاعنا.. أو ربما العكس..
المهم هو الخلاصة المختصرة بإعادة خلقنا.. أو ولادتنا من جديد.
الوجع.. الألم.. والجرح..
مفردات تبدو ضرورية لاختمار تجربة كل منا..
ثم يأتي الفن ويجعلنا ننظر إلى تلك المفردات نظرة تأمل “عن بعد” و”عن قرب” بالآن عينه.. وهي ميزة الفن لأنه الأداة القادرة على إعادة اكتشاف خزائن كل منا وأسراره المخبّأة تحت سابع طبقات كينونته الغرائبية.
عبر الفن/الإبداع تنفلش كوامن كل منّا.. بينه وبين نفسه..
يلوذ إليها من جديد.. وكأنه يعرفها ويتأمّلها للمرة الأولى..
ويبدو هذا سر تعاطفنا مع شخصيات دون غيرها..
هل نتقبّل عمل دون آخر.. أو نحب شخصيةً دون سواها بمقدار نقاط التقاطع بيننا وبينها أو بمقدار نقاط الاختلاف التي تجعلنا ندرك تمايزاتنا وبالتالي تفرّدنا عن طريق الضدّ..
وإن لم يكن في الأمر شيء من ذلك كيف نفسر تعاطفنا مع “مريم” في (النار بالنار) أو “شمس” في (الزند) أو حتى “إخلاص” في (حارة القبة)..
فليس من قبيل الترفيه.. ولا التسلية فقط.. تكون متابعة الدراما..
وحتى إن كانت أبسط الفنون أو أفقرها إبداعاً وصناعةً..
ألا يمكن أن تكون الأقرب والأيسر وصولاً إليها.. وبالتالي الوصول إلى المتلقي (إلينا).. إلى (العميق) منا وفينا..
الفن عدسة مكبّرة.. وهو بذات الوقت سياج عازل..
يكبر وينمّي داخلنا أشياء، وبالمقابل يعزلنا/يحمينا من أشياء أخرى..
هل للفن طبيعة ضدية..؟!
هو عدسة مكبّرة وكاشفة لألغاز وأسرار المرء التي يكتشفها بينه وبين نفسه..
وبينما يعرّفنا على ذواتنا أكثر، يقينا من بشاعات محيطة كثيرة..
يُعيد محاولاته بجعلنا نُبصر ما لم نره من قبل داخلنا، أولاً.. وداخل الآخر، تالياً..
وذلك عن طريق عزلنا لإعادة صهرنا مع الآخر مرّات كثيرات وجديدة.

#سفيربرس _ بقلم  : لميس علي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *