إعلان
إعلان

الخبيرة في لغة الإشارة “فرح التل” لسفير برس: لا توجد معاهد لمجتمع الصم الكفيفين في سورية

#سفيربرس _ حوار : هبة عبد القادر الكل

إعلان

فرح التل” لسفير برس: لدينا 7 خبراء بلغة الإشارة … وهنالك كلمات باللغة العربية ليس لها بديل بلغة الإشارة السورية

عن خبرة عمرها 13 عاما، حركة بحركة، إشارة بإشارة، وإيماءة بإيماءة… علموها أن لغة الجسد، حركات الشفاه وإيماءات اليدين هم وسيلة التواصل لكل شخص خانه عصبه السمعي… هكذا قدّمت نفسها..
أول مترجمة للغة الإشارة في جامعة دمشق، ومترجمة لمنصات عربية في الإمارات العربية المتحدة بلسان الصم .. تكافح وتناضل من أجل حياة فضلى لمجتمع الصم..
ورحلة من العطاء والتفاني… مع الخبيرة في لغة الإشارة “فرح التل”، كان لنا معها هذا الحوار:

س- هل أنت من النوادر المتخصصين بلغة الإشارة في سورية؟
يوجد لدينا خبراء ترجمة لغة إشارة ولكن قلة قليلة تعمل بها، وخصوصا في حال كان الخبراء أسوياء وأهلهم صُم، إلا أنه لا يوجد لدينا مسمى وظيفي تحت اسم “مترجم لغة إشارة ” بل هو مجرد اسم يدرج تحت جدول الخبراء، ويبلغ عدد الخبراء الذين يمارسون هذه الترجمة في سورية (7). واسمي موجود في جدول الخبراء عند وزارة العدل.

س- تأثرت بالأستاذ “هيثم دادو” الخبير السوري بلغة الإشارة، هل كان الدافع الوحيد لاحترافك هذه اللغة؟
للإعلام دور كبير في نشر التوعية وأهمية هذه اللغة، وفعلا كنتُ أتابع منذ طفولتي الأستاذ هيثم دادو كثيرا من خلال تقديمه لنشرات الأخبار، وأحفظ مواعيد نشراته، ثم بدأت بتعلم لغة الإشارة والانخراط في مجتمع الصم.
هناك فتاة صغيرة بعمر العشر سنوات تتابعني وتتعلم لغة الإشارة، وفي العام الماضي انتسبتْ إلى أحد النوادي الصيفية، علما أن عائلتها أسوياء لا يوجد بينهم أصم، وبدأتْ بالاحتكاك مع الأطفال الصم، فأي شخص يقترب من هذه اللغة ينجذب إليها.

س- كم من الوقت استغرقت لإتقان لغة الإشارة؟
في الحقيقة أخذت مني وقتا بحدود السنة والنصف، وكانت في البدايات ثقيلة عليّ، كوني لست من ممارسي هذه المهنة وتعلّمتُها على كبر، فلا يوجد أصم في عائلتي، وإلى اللحظة أتعلم أشياء جديدة بخصوصها فهي بحر واسع.

س- تاريخ بسيط عن لغة الإشارة وأنواعها؟
ابتدأت لغة الإشارة في إسبانيا في القرن السادس عشر من خلال راهب إسباني الذي بدأ بتعليم الأطفال الصم عن طريق الصور المرسومة، ومن بعد ذلك انتقلت إلى عدة دول. يوجد أكثر من 300 لغة إشارة حول العالم ﻟ 72 مليون أصم عالميا حسب الإحصائيات الأخيرة من أربع سنوات، وحتما العدد الحقيقي أكبر، وهناك إشارات دولية متعارفة للتواصل بين أصماء العالم، فالإشارات الدولية توحد الإشارات مع بعضها البعض.
نستخدم في لغة الإشارة إيماءات الوجه، حركات الشفاه، لغة الجسد، وحركات الأيدي لتحقيق أعلى قدر ممكن من التواصل مع الصم.

س- إذا: تعدد اللغات الإشارية يقاس بتعدد اللهجات أو اللغات المنطوقة؟
أكيد، لأن لغة الإشارة تختلف من مكان لآخر، حسب ثقافة المجتمع المتواجد بداخله الأصم.

س- ما نوع اللغة المستخدمة في سورية؟
نستخدم في سورية لغة الإشارة العربية مع منحى تطوري للسوريين، ولاحظت أن هناك اختلاف في لغة الإشارة بين المحافظات السورية، كالكلام المنطوق تماما، وكاختلاف اللهجات بين المحافظات، حتى أحيانا تختلف من عائلة لأخرى، وتختلف حسب حالة الأصم أيضا إن كان متعلما أو متواصلا مع الصم خارج سورية، الذي تكون لغته الإشارية متطورة ويصبح لديه كلمات جديدة بالمقارنة مع الأصم المنعزل الذي تكون إشاراته قليلة.

س- ما تقييمك الشخصي للغة الإشارة السورية، من سلبيات وإيجابيات؟
رغم الاختلافات في لغة الإشارة بين العوائل، إلا أن الصم الكبار في السن يحافظون على لغة الإشارة السورية العربية خوفا من الاندثار، وطبعا هناك نواقص بين القاموس العربي والقاموس الإشاري، اختلاف كبير بعدد الكلمات، فهنالك كلمات باللغة العربية ليس لها بديل بلغة الإشارة، مما يضطرنا إلى تكثيف الشرح والتفسير للمعنى، هذه الصعوبات التي يمكن أن نواجهها.

س- كيف تتعاملون كخبراء بلغة الإشارة مع من فقد سمعه على كبر، وهل يختلف عن الأصم خلقة؟
أكيد الموضوع مختلف، فالأصم بعد الولادة مخزونه وكلماته كلها بلغة الإشارة، أما من فقد سمعه نتيجة إصابة أو أي شيء آخر فهناك صعوبة حول تقبله للغة الإشارة، ولكن عندما يتعلمون لغة الإشارة يستفيدون لأن لديهم مخزون لغوي فيسهل تواصلهم مع المجتمع، ولا يوجد عدد معروف للصم في سورية.

س- هل الصم في سورية يتعلمون بشكل يوازي الأسوياء؟
هناك معاهد في المحافظات السورية تقوم بتدريسهم من الصف الأول الابتدائي إلى الثالث الثانوي بلغة الإشارة، ولكن بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية يجدون صعوبة في عدم وجود مترجمي للغة الإشارة في الجامعات. ومن ناحية أخرى يعانون في المدارس المهنية الثانوية كالصناعية من عدم وجود مترجمين للغة الإشارة، فهو الوحيد الأصم بين مجتمع من السامعين.

س- من الناحية المهنية والاجتماعية هل هناك دمج اجتماعي لفئة الصم، أم أنهم مهمّشون؟
يحاول الشباب الصم أن يندمجوا بالمجتمع، وهناك الكثير من المبادرات ولكنها بدائية وبسيطة. المجتمع بدأ بالتعرف على لغة الإشارة والانفتاح على مجتمع الصم بشكل متساوي، فالمبادرات من قبل مجتمعي الصم والسامعين ومن فئة الشباب حصرا كونهم الأكثر وعيا بأهمية الدمج فكلا الطرفين يقدم مساعدة للآخر.

س- أمثلة عن تلك المبادرات الشبابية؟
نشر لغة الإشارة بين أصدقائهم السامعين، المشاركة بمشاريع شبابية لإيصال التوعية بشكل كامل.

س- ما تقييمك لصحة الصم النفسية؟
الدور الأكبر في ذلك يقع على عاتق الأهل، فهناك من الأهالي السامعين الذين لديهم أصم لا يتواصلون معه، وخصوصا إن كان الأصم أنثى، كثيرا ما يضيقون عليها، يمنعوها من متابعة تعليمها، وعلى أقل الأمور لا يترجمون لها الأخبار المنزلية الموجودة في المنزل، فتذهب تلك الفتاة لتكوّن مجتمعها الخاص التي قد تتعرض فيه لمشاكل أو ابتزاز. موضوع الفضفضة أيضا قليل بين الصماء وأهلها، فالأهل نوعا ما يرفضون لغة الإشارة، ويعتقدون في تعليمهم للبنت الصماء صنعة معينة كالخياطة مثلا أنهم اكتفوا ويهملون حالتها النفسية الأمر الذي يولد مشاكل نفسية كثيرة.
حاولنا أن نفتتح عيادة نفسية للصم بالتعاون مع الفريق الطبي السوري كي يكون هناك مرشد نفسي للصم بشكل دائم.

س- إلى أي درجة مهمة ضرورة توعية الأهل بتعلم لغة الإشارة للتواصل مع أبنائهم الصم؟
من الضروري جدا أن يتعلم الأهل لغة الإشارة وهذه مسؤولية المجتمع الأهلي والجمعيات والمنظمات والإعلام، ولا بد لهم من أن ينشروا قصص نجاح الصم.

س- بين الجمعيات الحكومية والمبادرات المدنية، ما ملاحظاتك؟
كل الجمعيات والمبادرات هي تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية وتخطيطها، ما يميز جمعيات الصم عن غيرها من الجمعيات في المحافظات السورية أنها مفتوحة على بعضها البعض، والصم في كافة المحافظات على تواصل مع بعضهم البعض، يتبادلون الخبرات والأخبار مع بعضهم عبر فيديوهات أو بث مباشر.

س- من ناحية الاهتمام بالصم، هل يختلف بين محافظة وأخرى؟
أكيد، وهذا حسب مطالبة الصم بوجود جمعية أو أنشطة متنوعة، فيختلف الموضوع، وتوجد جمعية في أحد المحافظات تم إغلاقها.

س- عدد المعاهد في سورية؟
تقريبا يوجد في كل محافظة معهد على عدد المحافظات السورية، وهي تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية.

س- هل تعتبر كافية؟
أحيانا تكون أعداد الصم مناسبة، ولكن تكمن المشكلة في المواصلات فهناك صم يعيشون في الأرياف، ويعانون من صعوبة الوصول إلى المعهد.

س- ما الذي تفتقده جمعيات الصم؟
المشكلة الأساسية هو تأمين المواصلات للصم، بالإضافة إلى أن عدد المترجمين قليل.

س- تسعى فرح لتطوير المنهج التعليمي للصم، من أي ناحية؟
هناك جمعية باسم “إيماء” حاولت أن تكيف المناهج المدرسية الخاصة للصم بشكل مختلف عن مناهج السامعين التي تعتمد على الصوت والشعر، فمثل هذه الأمور ليست بالمهمة بالنسبة للصم، والأهم من ذلك هو تسهيل وصول الصم إلى المدارس المهنية، لأنهم يعتمدون على البصر والأيدي.

س- ما الصعوبات التي تواجهها فرح كخبيرة لغة إشارة وامرأة بآن واحد؟
هنالك الكثير من الصعوبات، وخاصة أنه لا توجد أعداد كافية من خبراء لغة الإشارة، على سبيل مثال: أحيانا أطلب إلى المحكمة وبنفس الوقت أطلب لمخفر شرطة أو فرع أمني كي أترجم لأصم، هذا يُحمّلني مسؤولية كبيرة، فقد يبقى الأصم موقوفا إلى أن يأتي خبير الإشارة ويأخذ إفادته وهذا وقت ضائع.

س- حديثنا عن تجربتك في التقديم التلفزيوني بلغة الإشارة؟
بدأت مع بداية هذا العام على الفضائية التربوية السورية، وهو عمل محبب إليّ، وكنت أحلم منذ صغري أن أكون داخل هذا المربع الصغير على الشاشة.

س- ما مبادراتك الجديدة؟
أنا حاليا موجودة ومجوعة من المترجمين مع الطلاب اللذين أخذوا استثناء في النادي الرياضي لترجمة المحاضرات، ونحاول أن نزيد عدد المترجمين ليصلوا إلى كافة الطلاب الصم ويساعدوهم.

س- من يدعم فرح؟
أكيد مجتمع الصم، هم دائما الداعم والسند الحقيقي، أحيانا أتعب وتواجهني عقبات ولكن أجدهم الداعم عندما أفضفض لهم بلغة الإشارة، وفي الكثير من الأوقات أحتاج وجودهم إلى جانبي.

س- عقبة أساسية في حياة فرح؟
صعوبة تنسيق الوقت بين مجتمع الصم.

س- هل أنت مع فكرة إدارج تعليم لغة الإشارة في المناهج التربوية السورية العامة؟
أكيد، وتوجد خطوة جميلة من قبل وزارة التربية في كتاب الصف الثالث الابتدائي تم إدراج أبجدية الأصابع في مقرر الاجتماعية من أجل أن يتعلم الطلاب أبجدية الأصابع، ونحناج المزيد من قبيل ذلك، وأيضا نحتاج أنشطة تعاونية بين معاهد الصم ومدارس السامعين بشرط أن ينفذ بطريقة صحيحة، بمعنى أن يرى الطفل السامع والأصم أن كليهما يتعلم من الآخر ويساعد الآخر، مما يعز عملية الدمج الاجتماعي بشكل أكبر.

س- منذ أيام كتبت منشورا على الفيس بوك تنتقدين فيه أوضاع الصم الكفيفين الذين فقدوا بصرهم أو على طريق فقدانه، وكان نقدا موضوعيا على أنه لا يوجد تقييم واضح نحوهم ولا توجه حقيقي لهم من الناحية الطبية والصحية، ما المطلوب؟
الصم الذين فقدوا أبصارهم التعامل معهم صعب جدا، قد يبقى جالسا في بيته، لا يكمل تعليمه ولا يعمل، والمعاهد المتخصصة لهذه الفئة غير موجودة في سورية، وهي موجودة في لبنان والأردن، بسورية الأمر قائم على خدمة المجتمع ومن حول الأصم الكفيف، أهله أو أصدقاؤه مثلا يساعدونه عبر الإشارات الحسية، وحسب حركة الإشارة الحسية يفهم منها الأصم الكفيف المعلومات. لا بد من الاهتمام أكثر بهم.
ولا مرة تسائل أحدهم كم عددهم! ولاحظت أن عددهم في طرطوس واللاذقية أكبر، ولا أعرف السبب، حتى إنني حاولت أن أبحث عن مشاريع تخرج تتناول هذه الحالة ولم أجد.

س- بين مجتمع الصم ومجتمع السامعين، أي منهم التعامل معه أسهل؟
أكيد مجتمع الصم، كوني اعتدت عليهم، فهو من باب العادة، وأصدقائي الصم أكثر من أصدقائي السامعين.

س- في الختام: ما طموح فرح؟
أطمح أن تكون سورية المكان الأفضل للصم، وما أشاهده أنّ الصم أصحاب الكفاءات لا فرص لهم واضحة في سورية، مما يضطرهم إلى السفر، أحلم بفرص ودمج أكبر لهم.
وأخيرا أشكرك على اهتمامك وعلى هذا الحوار الجميل.

#سفيربرس _؛حاورتها وأعدت لها: هبة عبد القادر الكل

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *