إعلان
إعلان

لينا هويان الحسن في ” ألماس ونساء” لازالت تثير الارتباك والبلبلة والحيرة: بقلم كنانة عيسى

#سفير برس

إعلان

لغة (ألماس و نساء) لغة ذكية تنسكب في الأخاديد المرسومة بدقة خلف ملامح  متآلفة، ولا تستطيع إلا  أن تطاردك تلك اللغة الواثقة بأثرها الجارف و تتملكك دهشة من نوع  خاص، فالكاتبة لم تغفل إي تفصيل دقيق يخص النسيج الروائي، إنه الزمكان الغامض، إنه لعبتها التي لا يتقنها سواها…

التفصيل الذي يطال وصفات الطعام، أسماء الأطعمة وأصولها، الأطباق والمشهيات  ودلالاتها التاريخية ثم أشكال الأطباق و أدوات المائدة باختلاف أزمنة بزوغها، و لا ننسى تدرج الموضة النسائية من الرأس للقدم، و مصطلحات الثقافة المعمارية المعجمية الدقيقة الموثقة لفن المعمار الدمشقي المدهش وتأريخ أنماط الأقمشة الدمشقية وسيميائية زجها في السياقات التي تخدم تطور الشخصيات.

ثم موسوعية هوية العمل الأدبي الذي يتنقل بين بلدان عدة فتتلون اللغة باختلاف مناطقية الحبكة الزمنية (فرنسا، البرازيل، لبنان، مصر، الأرجنتين، الهند، دول أفريقيا، كردستان..وسوريا بالطبع. إلخ) ، ويغدو تداول أسماء الصحف  والمجلات بمحتواها و  التدوين التاريخي للسفن التي ستغرق بلا عودة و التي ستبحر في الذاكرة ضمن اتكاء موظف وذكي لإغلاق المحاور المتعالقة الثانوية و رمزية توظيفها في العمل الروائي كسمة خاصة ل(ألماس ونساء). هذا الاتكاء يتضمن المقاهي التي ستزول للأبد والشوارع التي ستتغير ملامحها في الحروب الطاحنة حين  تبدأ بسفك الدماء و اغتصاب هوية المدن، لتنتهي بخلق أيديولوجيا بديلة تطال تعاقب الأجيال بطموحاتهم و أزماتهم و أحلامهم وانتماءاتهم السياسية. إنه توثيق  عنيد يتباهى بنفسه ولا يدرك ذلك، فينزوي القارىء أمام هزال استيعابه، ويجْبرُ على تقصيه بشغف .

ولا سيما حين تتمادى اللغة في تحولها وتغيرها وتبدلها وهي تلاصق الماظ، الشخصية المركزية الحكائية، الهادئة الثائرة في تقلبها ونضجها وتبرعمها  وسقوطها التراجيدي حتى نهاية الجزء الأول تمهيدا للجزء الثاني بأبطاله وبطلاته الجدد، جيل الغربة والشتات والانتماء المزدوج..

ليس من العبث ان تخوننا الذائقة أحيانًا فتصيبنا بالانحياز، فالروايات العظيمة تثير البلبلة والارتباك، تصيبنا بالحيرة، تهدم ثواباتنا فيغدو الحياد كذبة بلا مذاق، تطعننا من الخلف بحقد لذيذ وتغلق  هوامش الأسئلة الكبيرة لتفتح سواها..

إعلان
إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *