الإرادة والخطأ..ـ بقلم : لميس علي
#سفيربرس
في مقدمة كتابه (فلسفة الإرادة، الإنسان الخطّاء) يذكر بول ريكور: “الاعتراف بالخطأ هو في الوقت نفسه اكتشافٌ للحرية)..
قبل الاعتراف، ثمة فعلٌ نقوم به..
فالاعتراف تسبقه القدرة على الفعل، وقبله يوجد حرية الاختيار، ثم هناك الرغبة أو الإرادة.. وليس عن عبث كان عنوان مؤلف “ريكور” جامعاً لكلمتين “الإرادة والخطأ”.
بعضٌ مما ذكره ثبّت قناعتها برؤية بعض الأخطاء.. جميلةً وبراقة..
تلك التي نرتكبها.. حين نظن أنها عين الصواب..
يبدو أن جماليتها تكمن بأن لها قدرةً غريبة أو سحرية تسلّط الضوء عبرها على “شقوق ذواتنا”.. على تلك “العتمة” التي لا نبصرها في حالاتنا العادية والتي تبتعد عند قيامنا بمغامراتٍ نحسب أن خلاصتها مبهجة، لنكتشف أن سكتها أوصلتنا إلى ما لا يرضينا.
هل تنحصر خانة (الأخطاء) بالوصول إلى ما لا يرضينا..؟
المفاجئ.. أنها تشعر بحالة رضا وبشيء من سكينة وسلام، تجاه آخر اختباراتها الحياتية التي انتهتْ كما لم تتوقع.
لبعض الأخطاء قدرة على التلوّن أو التخفّي..
وكلّما عظمتْ استطاعتها في التخفّي، كلّما أغرقتنا أكثر في متاهة السير داخلها.. صيداً لجاذبية لا ندرك مصدرها.
ما الذي يجذبنا في الانقياد وراء أشياء ظهرت سلبيتها أكثر من إيجابيتها منذ البداية..؟
ربما كان (العِناد) في الانجرار وراء مجهولٍ لم يسبق أن اختبرناه أو عايشناه.. أو (العِناد) بدرجة إيماننا بأنفسنا وثقتنا بها أكثر مما يجب، في أشياء ليست الثقة والإيمان بها أو بنا، مقياساً للاستمرار باختبارها، برهاناً على صوابيتها وبالتالي نجاحها.
ما تفعله في بعض تلك الاختبارات الحياتية، أنها تنحاز بالقَدر المطلوب، عن “ذاتها” أو عن “أناها”، ثم تنظر لمجريات الحكاية أو الموقف من زاوية الآخر.
لا مانع من ذلك.. دون أن يصل الحال إلى إغراق كل ذواتنا فيما يشتهي الآخرون طمساً لرغباتنا وخصوصياتنا.
من جهتها آمنت أن لا صواب أو خطأ يحكم أفعالنا. ما يحكمها نهاية هو مدى ما تحقّقه من توافقها معنا من كونها تناسبنا أم لا.. فالتجريب أو التجربة هي الحكم فيما نفعله
معيارها هو مدى قدرتها على تحمّل “محاولاتها”..
تحاول في الأمر.. أو في الشيء.. أو بالشخص نفسه أو معه، عدداً غير قليلٍ من المرّات.. وكأنها كلّما زادت عدد المحاولات تقلّل نسبة وقوع الخطأ أو وصولها الى النتيجة الخطأ..
على طريقتها تطبّق ما قاله آينشتاين: “من لم يرتكب الخطأ هو إنسان لم يحاول أبداً”.
كلّ ما يهمها أن تقلص مساحة “اللاممكن”، وأن تستثمر كل “الممكنات” المتاحة..
وحتى لدى نفاد “المحاولات”، لا ترتدّ عن قناعتها: الأخطاء ضرورية أحياناً، حين تكشف لنا جزءاً من جمال مختفٍ داخلنا.
#سفيربرس ـ بقلم : لميس علي