إعلان
إعلان

ألة الضمير . بقلم :د أحمد حافظ

من افتتاحية العدد 118 من مجلة فكر

إعلان

“لئن بسطتَ إليَّ يدَكَ لتقتلني ما أنا بباسطٍ يدي إليكَ لأقتلك”    سورة المائدة 28

لا يُشبه موقفُ هابيلَ ثباتَ الصخرة أمام هياجِ الموج، موقِنةً أنها ستنال منه ما يُنبِت ويَصقل، ثم تردّه إلى التيه مِزَقاً خائرة.

ولا صَبْرَ الشجرة على مشيئة الفأس، ململِمةً ودائعَ الفصول لتنشرها، في أمكنة أخرى، دفئاً ونوراً.

ولا هو مجرّد افتتاحٍ للحوار الأبدي بين سُعار الجلاّد وطمأنينةِ الضحيّة.

فالوفيُّ لِما وُهِبَ: يده شعلةُ قلبه، يحرسها بالأنفاس، لتضيءَ ولا تحرق.

والمعتدُّ بما أُوتيَ: يده حربةٌ عمياء، يطلقها خبطاً أينما اشتهى.

آلةُ الضمير، سِجِلُّ الروح، شراعُ الجسد.

أُوكِل إليها، منذ أن بزغت وعداً حتى تختلج للوداع، تصريفُ شؤون الحياة:

قبضاً على اليقين، أو بسطاً للهوى.

بذراً للوعد، أو حصداً للأماني.

نثراً للجنى، أو نهباً للتراث.

اغتسالاً بالصافي، أو خوضاً في الملوَّث.

التماساً للنور، أو ترنّحاً في العتمة.

ريّاً للجذور، أو جَزّاً للأغصان.

كتابةً للغد، أو محواً للحاضر.

إرساءً للأسس، أو نقضاً للأركان.

ولئن بدت أكثرَ أعضاء الجسد حريةً، وأوسعَها حيلةً، وأبعدَها مرمى، فإنها من ذروة الكتف( حيث منابع القدرة: هطولٌ من الفكر، دفقٌ من القلب) إلى سفح الكفّ( حيث مصبّات الرغبة: متعرّجة، متقاطعة، متوازية) شلاّلٌ ينحت به الباطنُ، موجةً موجةً، مصيرَ الظاهر .

ما أحجمتْ يدٌ عن القطف، إلا أذكاها حنينٌ للأبقى: يعانق البعيدَ، يطوّع العَصِيَّ، ويستكشف الدفين.

وما أعدمتْ يدٌ كائناً، إلا سرى نبضُها سمّاً في البدن: صحو بين دوامات الحمّى، ونوم تحت مطارق الكوابيس،  لتصيرَ الحياةُ لهاثاً والموتُ سراباً.

أرأيتَ، إذن، من أيّةِ هاويةٍ حاولَ هابيلُ إنقاذَ أخيه؟

ولماذا آثَرَ، وميزانُ القوى متكافئٌ بين الخصمين، براءةَ المهزوم على جناية المنتصر؟

ولو أُسدِلَ الستارُ هنا، لكنّا، جميعاً، نسلَ قابيل… فسبحان الذي بعث الغراب!

                                     بقلم : د- أحمد حافظ –

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *