إعلان
إعلان

إرثُنا – بقلم : رنا العسلي

سفيربرس

إعلان

لطالما شدتني كلمة إرث , حتى أنني كثيراً ماكنت أربطها بالحالة العائلية  الاجتماعية التي تخص كل عائلة في مجتمعنا على حدا , لكن حين تعمقتُ قليلاً في مفاهيمنا المغلوطة الكثيرة التي نعاني منها , وخصوصاً في الآونة الأخيرة , أجد أني أرجح كلمة إرث لثقافة مجتمعنا كله , للوطن , للتاريخ , للعائلات , للقلب , للمستقبل

وهنا أضع كلمة المستقبل بين قوسين وتحتها عدة أسطر

ماسبب النكسات في حياتنا ؟.

ماسبب الاختلاف ؟.

ماسبب التكرار في مكان والتنويع في مكان آخر ؟.

هنا نضع القلم قليلاً من يدنا ونفكر معاً !.

أغمضوا أعينكم قليلاً ولنذهب معاً إلى تصرفاتنا الأولى , التنبيه الأول , الصراخ اللا معقول لأجل تصحيح تصرف ما أو المحبة الفائضة لأجل تقويم أي تصرف

افتحوا أعينكم ببطء , هل وجدتم الجواب ؟.

الإرث هو الحالة التي نحن عليها الآن , هو طباعنا والأنا المتجذرة فينا والتي نخبىء بها عيوبنا وسلبياتنا وهي سبب ردات فعلنا في كل نواحي ومواقف حياتنا , ومن هذه النقطة علينا أن نبدأ مع أطفالنا , نحن جيل ربما أنبته الحروب بما فيه الكفاية وأوسعته ضرباً الظروف حتى انهار فوق مبادئه وسلبياته , لكن مازال أمامنا شمعة تحاول أن تثور في المكان وتملأ بنورها إيماننا العميق .

فلنحاول أن نصنع إرث يحمي مستقبلنا , والأطفال هم المستقبل القادم الذي نهبه ماخسرناه .

كنتُ أتأمل مجموعة من الأطفال في حارتي الضيقة وأتأمل لعبهم , قذرين للغاية وألفاظهم تلوك أطعمتهم القذرة , وتنثر أبشع الحروف من أعمار صغيرة لم تعرف بعد حتى معنى الحرف الذي تنطقه , أتأملهم وأقول لنفسي ياحسرة , هل هذا هو مستقبلنا ؟.. هل هذا هو القادم ؟.. لماذا ؟..

نحن الذين قاومنا لسنين وسنين كي لانضيع في متاهات اللامبالاة والخوف , كيف نرضى ؟..

ذاك الطفل بوابتنا كي نعمر , كي نسطع من جديد , فلماذا نهمل تكونيه وهو ورقة بيضاء نستطيع أن نخط عليها مبادئ جيل قادم نتمنى منه الكثير ويقع على عاتقه الكثير .

انتظروا هنا قليلاً , فليقف الزمن لحظة , ولنصنع الحلول الممكنة

نحن دعاة سلام , ونحن وجوه حب.

فلمّ ؟.. لمّ هذا الاستهتار ؟.

أمسكتُ حينها طفلي وضممته إلى قلبي وأخبرته أنه يوماً ما سيكون رمزاً لشيء يحمله فعليه أن يكون جديراً به

الإرث أخلاقنا ,و ربما العلم ينورنا والشهادات والعمل تقوينا لكن الأخلاق ترفعنا ولننجح علينا أن نبدأ من أنفسنا , أن نتصرف أمامهم كما نحب أن يتصرفوا في المستقبل , أن نكسبهم العادات الجيدة من حسن مانقوم به

الطفل يقتدي بأبويه أول الأمر ثم بمدرسيه ثم بأصدقائه , وكم من طفل قلد أحد الوالدين لمحبته به أو أطاع معلم لأنهم أحبوا أسلوبهم بالتدريس , فنحن صانعوا ذلك الإرث الذي سنعطيه للوطن فلمّ لانحاول ؟..

لاتخبروني ماقاله لي العديد من الأشخاص خلال استبيان قمت به ..

  • احداهم قالت أنها عصبية
  • الأخرى قالت أنها قليلة صبر
  • وتلك قالت أنها لاتعرف كيف

حسناً اذاً :

حين نفكر قليلاً في حالات التواصل الاجتماعي التي أصبحت متاحة بشكل كبير , وكيف أن كل الوجوه فيه بريئة والكل هادئ ومحبوب , الكل مظلوم والكل مثالي إلى أبعد حد , أقول حينها : اذاً نستطيع .

نستطيع أن نصبر على أطفالنا ونعطيهم تلك القيم فهم الأجدر بنا ومادمنا نستطيع أن نصنع لوجوهنا مكياجها الجميل أمام الغرباء فالأولى أن نصنع لأطفالنا ملامح جميلة تجعلهم يتأملونها ويقلدونها برضا ونحاكي داخلهم الجميل كي نخرج أجمل مافيهم بصدق

أصنعوا إرثاً يردم أضغاث الحقد والكره واليأس ويحمل وطننا على كفوف القادم الجميل فهو إرث وطن وتاريخ

 

 سفير برس – رنا العسلي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *