إعلان
إعلان

حرب الكبار والطفولة.. بقلم :ميّادة سفر

سفير برس

إعلان

تلطخ الحرب كل شيء, فلا تميز بين مدني وعسكري, ولا بين كبير أو صغير, فإذا كانت الحروب قاسية ومؤلمة على الكبار, فكيف هو وقعها على الأطفال؟, وفي كل الحروب التي شنت في العالم, كان الأطفال وقوداً حاضرة لكثير منها, فاستخدموا بأساليب وطرق مختلفة, وزج بهم في أتون نار إن لم تمتهم, فقد أخرجت منهم جيلاً قابلاً لكل أشكال العنف.
في آخر حروب القرن في منطقتنا العربية, لم تدمر الحرب في سوريا والعراق واليمن, الأبنية والبنى التحتية والأماكن الأثرية فحسب, بل أتت على ما هو أهم وأجدر بتسليط الضوء عليه, أتت على أطفال لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
عاش أطفال العراق وسوريا واليمن وفلسطين الحاضرين أبداً, كل ويلات الحرب, ناموا على أصوات المدافع والقذائف وصور الموت اليومية, تناثرت كتبهم المدرسية على أرصفة الموت, عايشوا الجوع والفقر والتشرد والتهجير, وتعرضوا لأقسى أشكال الاضطهاد الجسدي والنفسي والاعتداء الجنسي, فقد مارست التنظيمات الإرهابية كل ما أوتيت من فظائع, بحق أطفال سوريا والعراق, فجند الأطفال وحملوا أسلحة أكبر منهم, وأجبروا على القتل, واستخدمت الفتيات الصغيرات بأبشع صور الاستغلال الجنسي من قبل داعش الارهابي.
أشارت إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن ما يقارب 2,7 مليون طفل, تأثروا بالحرب في العراق في العام 2015, كما أشارت تقارير صادرة عن منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة, إلى أن ما يزيد على ثلاثة ملايين طفل ولدوا في سوريا أثناء الحرب, مع ما يعنيه ذلك, من نشوئهم في ظل الحرب والدمار والقتل اليومي.
وعلى الرغم من إقرار اتفاقية حقوق الطفل في منظمة الأمم المتحدة, والتي تنص في مادتها 38 على تعهد الدول الأطراف بعدم إشراك الأطفال دون الخامسة عشر من العمر, اشتراكا مباشراً
في الحرب, ومنع تجنيدهم في القوات المسلحة, والتعهد باتخاذ كافة التدابير الممكنة لضمان حماية ورعاية الأطفال المتأثرين بالحرب.
بالرغم من ذلك, يبدو من المتعذر عملياً تطبيق هذه الاتفاقية, في ظل عدم توقيع بعض الدول عليها, وتواجد تنظيمات إرهابية لا تندرج في إطار الدول, والتي تجاوزت في أفعالها كل ما هو إنساني وأخلاقي.
في ظل التزايد الكبير في أعداد الأطفال الذين تعرضوا للعنف أثناء الحرب, لابدّ في اتخاذ الإجراءات السريعة لإنقاذ هذا الجيل الذي سيعبر إلى الغد محملاً بجروح وندبات جسدية ونفسية, ولابدّ من العمل على تجنيب الأطفال وتحييدهم عن الصراعات, وهذا لن يتم إلا بنشر ثقافة السلام والمحبة والأهم قبول الآخر.
” بحرب الكبار شو ذنب الطفولة “, عبارة رددتها السيدة فيروز, ذات حرب, فلم يصغ إليها كثيرون, ولم يتحرك أحد لتصان ضحكات الأطفال, التي إن غردت في موحش الرمل أعشبا “بدوي الجبل”.

سفير برس ـ  ميادة سفر ـ الصباح العراقية

إعلان
إعلان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *