إعلان
إعلان

لماذا الموسيقّى غذاءً للعقل والروح..؟. غالية اسعــــــيد

خاص سفيربرس

إعلان

غذاء الروح، أيقونة السلام، عرّابة النفس، جدليّة الصوت مع الصمت، تراقص الأضداد التي تصنع لهذا الكون ربما طعماً ….

تعددت الكلمات وتراكضت الألفاظ وعلت معاني الكلمات لتوضح ما هو سحر وسر ما نسمع ونستشعر وكيف وأين يحدث هذا ؟؟؟ (الموسيقى) .

لماذا تثير الموسيقى انتباهنا ومشاعرنا إلى تلك الدرجة؟؟؟  قد يستجيب لها طفلاً في الشهور الأولى من عمره  كشخص كبير، سوف يتأهب ويتراقص مع بعضها، ثم مع البعض الآخر الحزين منها سيركن إلى كتف أمه ليهدأ قليلاً، ونحن نفعل نفس الشيء، حتى حينما نسمع فصول موسيقى فيفالدي (Vivaldi) الأربعة فنحن نتمكن فقط عبر موسيقاه من معرفة عن أي فصل تتحدث مقطوعته الخاطفة، إذاً ما الذي يحدث هنا؟ ولماذا نبكي حينما نسمع موسيقى تايتانيك مثلا ؟؟ .

الموسيقى ببدائياتها من الدندنات والترانيم منتهية بتطوراتها إلى وقتنا هذا باستخدام الآلات الموسيقية الحديثة أمر متجذر في الكيان النفسي للإنسان منذ الأزل ،إنه  أمر داخلي … روحاني من مكنونات النفس في كل الحضارات والمجتمعات ، فمع ترانيم ودندنات الأم لطفلها كي ينام  والألحان الموسيقية للقراءات والابتهالات  والمناسك الدينية وارتياح الإنسان بسماع الموسيقى الصادرة من الطبيعة ( كخرير المياه ، وحفيف الشجر ، وصوت أمواج البحر ، و أصوات الطيور ….الخ ) ما يؤكد على أن الموسيقى ركن أساسي من الكيان النفسي، وهي ذات تأثير على جميع أعضاء الجسد والجهاز النفسي كما أثبتت الدراسات والأبحاث العلمية المتواترة عبر عدة عقود.

في الحقيقة الموسيقى ليست كاللغة بالمعنى المفهوم أي أنها لا تحمل أي دلالات وعلى الرغم من ذلك فإننا نستجيب لها كأداة تواصل، لكن ليس لأنها صوت فقط، فنحن نسمع أصوات الضرب والاحتكاك طوال اليوم ولايلحقنا ذلك الأثر.

من جهة أخرى فإن تاريخ الفلسفة حافل بتأملات كثيرة حول الموسيقى، بداية من فيثاغورث الذي يُقال إن بداياته مع الرياضيات كانت عبر تأمل الموسيقى وانتظامها، إلى أفلاطون قائلا “الموسيقى هي قانون أخلاقي”، مروراً بكانت الذي اعتبر أن جمال الموسيقى مرتبط بجمال تركيبها نفسه، حتى نصل إلى شوبنهاور الذي اعتقد أن الموسيقى “أكثر اختراقاً لذواتنا من كل الفنون الأخرى، لأن كل تلك الفنون تخاطب الظلال فقط ، بينما تخاطب الموسيقى الجوهر”، ربما هنا يجب أن نوضح أن الموسيقى قد لعبت دورا خاصا في الجسم النفسي للإنسان على مر العصور والأزمان .

يعتقد الباحثون أن الموسيقى تشغل مناطق شبيهه في الدماغ والتي تسبب بدورها إحساسًا بالسعادة، يقدرون بأنها وجدت لتحسين وضعنا الجسدي والنفسي .

إذ قد يتفاعل أشخاص معينون مع الموسيقى الصاخبة كما يتفاعل اخرون عند الاستماع لموسيقى بتهوفن مثلاً….

يخطئ من يظن أن الموسيقى هي وسيلة ترفيهية فقط، بل هل وسيلة علاجية أيضاً، وكان الأقدمون يستعملونها لأغراض شفائية، وإذا عدنا بعجلة التاريخ الى الوراء لوجدنا أمثلة كثيرة ….. ونظراً إلى تأثيرات الموسيقى على النفس والجسد فإن علماء العصر الحديث اكتشفوا أن لها تأثيرات نوعية في جوانب صحية متعلقة بالجهاز العصبي والجهاز القلبي الدوراني، ويقال إن لكل همسة موسيقية تأثيراً في جزء معين من الدماغ، بل في كل عصب، ما يسمح بتخديره ليبعث على الاسترخاء والتغلب على الألم.

وتملك الموسيقى فاعلية كبيرة في تنشيط إفراز مركّبات طبيعية اسمها الأندورفينات التي تشبه في تركيبها عقار المورفين المضاد للألم لكنها بخلاف الأخير ليست لها تأثيرات ثانوية.

وهناك إجماع على فائدة الموسيقى في علاج الكثير من الأمراض النفسية، كالاكتئاب، والقلق، والاضطرابات الشخصية والعاطفية، والتقلبات المزاجية، والمشاكل الاجتماعية. وأفادت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد الأميركية بأن الأشخاص الذين يعانون من النسيان قد تتحسّن ذاكرتهم إذا استمعوا الى الموسيقى.

فقد أثبتت الابحاث الحديثة بان الموسيقى ذات قدرات عالية في تحسين كافة القدرات الذهنية (الانتباه، والتركيز، والذاكرة، والتحليل، والاستنباط) .

ولذلك بدأ استخدامها في الغرب في معالجة المراحل الاولى من الخرف خاصة مرض الزهايمر وذلك بالاستماع للموسيقى لمده طويلة الأمد (عدة ساعات) وبشكل يومي، وبما انها ايضا تحسن من تناسق الحركات العضلية فتستخدم حاليا في المرضى الذين يعانون من مرض  ” باركنسون يان  ” .

لذا لاتحاول عزيزي القارئ أن تحرم نفسك من هذا الإحساس اللذيذ والشغف الرائع في الاسمتاع بجزئيات الموسيقى لأنها فعلاً سفير مريح للانتقال بين أرجاء الكون دون حدود ومعوقات …

صديقة الروح، جليسة القلب، من أمتع ما قد يعبر عن مشاعرنا نفسياً وحسياً وسماعياً وفكرياً ووجدانياً وجسدياً …

سفير برس ـ غالية اسعــــــيد

 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *