إعلان
إعلان

التاريخ الأميركي يتفوّق على حيل ترامب..  كما جونسون إقالة أم استقالة!. بقلم سماهر الخطيب

#سفيربرس

إعلان

وسط تصاعد دعوات النواب الديمقراطيين في الكونغرس الأميركي لمساءلة الرئيس ترامب وعزله من منصبه، تثور تساؤلات عن كيفية العزل والإجراءات اللازمة له، وأسلاف ترامب الذين تعرّضوا للإجراء نفسه، وهل سيطاله العزل أم سينسحب من تلقاء نفسه، أو أنها غيمة دعائية ضمن حملته الانتخابية!.

أوراق فيلادلفيا

يمكن توضيح سطور في الدستور الأميركي حيث أدرج آباء الدستور في ما سميّ بـ»أوراق فيلادلفيا»، أو «اجتماع فيلادلفيا» الذي عقد عام 1787 في فيلادلفيا، لمناقشة أمور حكم الولايات المتحدة الأميركية وكانت نتيجة الاجتماع هو إنشاء دستور الولايات، وأهم المواضيع الساخنة التي نوقشت في الاجتماع تعلقت بتركيبة مجلس الشيوخ، وتقسيم السلطة التنفيذية أو إبقاؤها في سلطة شخص الرئيس، وكيفية انتخاب الرئيس، وغيرها من المواضيع.. إنما الأهم هو «العزل» الذي وضعه الآباء المؤسسون في الدستور الأميركي ضمن الخيارات المتاحة أمام الكونغرس لإقالة الرؤساء.

واتفق المجتمعون على أنه يمكن عزل الرؤساء إذا أدانهم الكونغرس بـ»الخيانة أو الرشوة أو غيرها من الجرائم والجنح الكبرى».

إجراءات المساءلة والعزل

ومن يملك السلطة الوحيدة بمقتضى الدستور لطرح بنود العزل هو الكونغرس، حيث يمكن أن تبدأ إجراءات المساءلة والعزل في اللجنة القضائية بالمجلس.

وإذا ما وافق مجلس النواب على مواد المساءلة أو «عزل» الرئيس فإنه يخضع للمحاكمة أمام مجلس الشيوخ الأميركي.

ولبدء إجراءات الإقالة يقوم أحد أعضاء مجلس النواب بتقديم مشروع قرار بـ»العزل» أو يمكن لمجلس النواب بأكمله التصويت لبدء التحقيق فيما إذا كانت هناك أسباب للمساءلة بهدف العزل، ومن يقوم بالتحقيق هي لجنة خاصة أو اللجنة القضائية في مجلس النواب.

كما يحق للجنة التصويت على ما إذا كانت ستجري تصويتاً في مجلس النواب بأكمله أم لا. ويجب أن يحصل قرار المساءلة بهدف العزل على أغلبية بسيطة على الأقل في المجلس المكون من 435 عضواً.

وإذا صوت المجلس بالموافقة على مساءلة الرئيس ينتقل الأمر إلى مجلس الشيوخ المؤلف من 100 عضو، ويلزمه الموافقة بأغلبية ثلثي الأصوات لإدانة الرئيس..

ثمّ تُعقد له محاكمة يترأسها كبير القضاة في المحكمة العليا، وفي مثل هذه المحاكمة يقوم أعضاء مجلس النواب بدور الإدعاء، وأعضاء مجلس الشيوخ بدور المحلفين ويرأس جلسات المحاكمة كبير القضاة في المحكمة العليا الأميركية.

مساءلات في التاريخ الأميركي

وإذا ما عدنا إلى التاريخ الأميركي، وتحديداً في العام 1868 جرت مساءلة الرئيس أندرو جونسون في أعقاب الحرب الأهلية الأمريكية ولكن لم يحدث عزل الرئيس إنما استقال من منصبه، حيث كان جونسون هو أول رئيس أميركي يتعرض لهذا الإجراء، بعد أن دخل في صراع مع الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، آنذاك، وبلغ هذا الصراع ذروته بسحب الثقة عنه من قبل مجلس النواب، حيث وافق مجلس النواب على تهم رسمية وجهت للرئيس جونسون تمهيداً لعزله وسحب الثقة عنه..

كذلك في العام 1974 صوتت اللجنة القضائية بمجلس النواب على التوصية ببدء إجراءات المساءلة لعزل الرئيس ريتشارد نيكسون، الذي اتهم بالتخطيط لعرقلة التحقيق في فضيحة ووترغيت، ولكن قبل أن يصوّت مجلس النواب بكامله على عزله تقدم نيكسون باستقالته ليصبح الرئيس الأميركي الوحيد الذي استقال من منصبه.

وفي العام 1998 جرت مساءلة بيل كلينتون لقضايا منها علاقته بالمتدربة في البيت الأبيض مونيكا لوينسكي..

الديمقراطيون في مواجهة الجمهوريون

في حين يسيطر اليوم على الكونغرس الديمقراطيون، حيث يترأس الديمقراطيون مجلس النواب، وجميع اللجان ما يسمح لهم التحكم بجميع مبادرات الجمهوريين بإيقافها أو إلغائها وتعديلها وفق نهجهم. لكون هذه اللجان تتعامل مع معظم المجالات الأساسية للتشريع، بحيث يدخل القانون المقترح مرحلة حرجة بعد إحالته إلى إحدى هذه اللجان الأمر الذي يضع إجراءات ترامب المتهورة على المحك.

كما يمكنهم ليس فقط من إجراء تحقيقات جديدة ضده، بل أكثر من ذلك حتى «جرّه» شخصياً إلى لجان التحقيق، وهذا ما تسعى إليه القيادة الديمقراطية، في قضية المكالمة الهاتفية المسرّبة مع الرئيس الأوكراني، رغم أنها دعت سابقاً إلى اتباع أسلوب «منهجي» في قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية والتورط الترامبي وفق تقرير مولر. إنما ما قالته رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، بالأمس إن «الحقائق هي ما دفعها إلى الانتقال من موقفها المعارض أصلاً لخيار عزل الرئيس إلى قيادة هذه الجهود».. يثبت أن إجراءات ترامب هي من جاوزت صلاحياته الدستورية ودفعت بالديمقراطيين لاتباع أسلوب «المحاسبة».

ومهما اختلف الجمهوريون الأكثر ميلاً نحو «القوة الدبلوماسية» من أولئك الديمقراطيين «البراغماتيين» في سياستهم «دبلوماسية القوة» فإنهما يبقيان ملتقيين في وحدة الحال، والرؤية الواضحة في استراتيجيتهم بتحقيق المصلحة الأميركية لو اختلفت الوسائل والأدوات.

ويضم مجلس النواب 235 نائباً ديمقراطياً و199 نائباً من الحزب الجمهوري وعضواً واحداً مستقلاً. ونتيجة لذلك يمكن للديمقراطيين أن يوجهوا الاتهام للرئيس دون تأييد من الجمهوريين. ولا يشترط أن يبرهن النواب على المخالفات بشكل لا لبس فيه.

لكن العقبة الوحيدة أمام المضي قدماً في عزل الرئيس هي في توزيع المقاعد داخل مجلس الشيوخ، حيث يحتل الجمهوريون 53 مقعداً من مقاعد هو الديمقراطيون 45 مقعداً بالإضافة إلى عضوين مستقلين يصوتان في العادة مع الديمقراطيين.

وتتطلب إدانة الرئيس وعزله موافقة 67 عضواً، ولذا فإن عزل ترامب من منصبه في حالة المساءلة يستلزم موافقة 20 عضواً جمهورياً، بالإضافة إلى جميع الأعضاء الديمقراطيين والعضوين المستقلين.

ومن الممكن أن تصوت الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ على الفور بإسقاط التهم الموجهة لترامب دون النظر في الأدلة.

الاستخبارات الأميركية متورطة

وما يثير الاستعجاب، تغيير الاستخبارات الأميركية، سريّاً المتطلبات المتعلقة بتقديم الشكاوى، وشطبت منه شرطاً أن «تكون المعلومات المتعلقة بالجريمة المرتكبة، مقدمة من قبل شخص له علاقة مباشرة بها». وبهذا التغيير بات بإمكان أي شخص، ولو كان مجهول الهوية، أن يقدم شكوى حول المحادثة الهاتفية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونظيره الأوكراني فلاديمير زيلينسكي.

والملفت للنظر، أن التغييرات المذكورة ظهرت قبل أيام قليلة فقط، من إعلان نص الشكوى.

بايدن يُسقط ترامب

في حين أنّ سلطة ترامب الداخلية باتت على شفير الهاوية خاصة بعد تسريب تلك المكالمة والتي تعتبر في خانة سوء التصرّف في السلطة، وتجاوز الدستور بهدف انتخابي غير نزيه وهو إيجاد ورقة تضعف منافسه «جون بايدن» لما تحمله تلك المكالمة في طياتها من أسباب وجيهة لتكون اتهاماً له ولنزاهته في الحكم وفي الدعاية الانتخابية..

ومع استمرار القيادة الديمقراطية في الحديث عن المساءلة والعزل، ارتفعت نسبة الأميركيين المطالبين بمساءلة ترامب وعزله، بدأت كفة الميزان ترجح مؤخراً لصالح دعاة تنحيته. واعتبرت بيلوسي، أن «تغيراً جذرياً طرأ على الرأي العام إزاء إمكانية عزل الرئيس دونالد ترامب».

فيما هاجم الأخير، خصومه وقال إن «بلادنا معرضة لخطر لم يسبق له مثيل». وطالب النواب، وزير الخارجية مايك بومبيو بـ»تسليم وثائق خاصة بعلاقة واشنطن مع كييف».

وبدأت إجراءات المساءلة، إلا أنّ ترامب المشهور بكثرة أكاذيبه خاطب مؤيديه بالقول: «الديموقراطيون يريدون أخذ أسلحتكم، ويريدون أخذ تغطيتكم الصحية، ويريدون أخذ أصواتكم، ويريدون أخذ حريتكم».

وأضاف: «لن ندع ذلك يحدث أبداً، لأن مصير بلدنا على المحك بشكل لم يسبق له مثيل. الأمر بمنتهى البساطة، هم يحاولون إيقافي لأنني أكافح من أجلكم. ولن أدع ذلك يحدث أبداً»..

وفي تغريدات أخرى، كرر ترامب القول إن التحقيق الهادف إلى عزله هو عبارة عن «حملة مطاردة» سياسية، معتبراً أن «النائب الديمقراطي آدم شيف الذي يترأس لجنة داخل مجلس النواب تحقق في تصرفات الرئيس»، قد شوّه سمعته، قائلاً إن عليه أن «يستقيل من الكونغرس».

ويشتبه الديمقراطيون في الكونغرس بأن «ترامب استغل ملف المساعدات العسكرية الأميركية إلى أوكرانيا كأداة ضغط على زيلينسكي»، لاسيما أن الاتصال جرى في أعقاب قرار البيت الأبيض تجميد قرابة 400 مليون دولار مخصصة لدعم العسكريين الأوكرانيين.

فيما ينفي ترامب ممارسة أي ضغوط على زيلينسكي خلال المكالمة التي جرت بينهما في تموز، في حين كان بايدن يتصدر استطلاعات الرأي حول المتنافسين للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في انتخابات 2020.

وفي المقابل، يقول ترامب إن «جو بايدن، الذي كان نائباً للرئيس في إدارة باراك أوباما، ضغط من أجل إقالة النائب العام الأوكراني فيكتور شوكين في عام 2016 لحماية شركة يعمل بها ابنه هانتر بايدن». لكنه لم يقدم دليلاً على صحة ذلك.

وفي هذه الظروف، عقد ترامب سلسلة لقاءات مع كبار مستشاريه في البيت الأبيض الجمعة الماضي لوضع استراتيجية لاحتواء الأزمة..

مصير الأفول..

ويبقى الصراع عنواناً للحزبين وسط أجواء انتخابية رئاسية تلوح في الأفق، وبدأ معها أفول نجم ترامب بإقالة أو استقالة.. أو لربما انتهى دوره الذي جيء به وهو إنقاذ الاقتصاد الأميركي كونه رجل بارع في عالم الاقتصاد والتجارة، إنما فشله السياسي قد بات واضحاً حيث لم يفصل بين العقارات والدول وبين الأشخاص وكرات الغولف.. فكانت الكلمة الفصل لـ»أعداءه».. ولربما سيكون مصيره كمصير أسلافه جونسون وكلينتون.. فتأمل رعاك الله.

#سفيربرس _ بقلم : سماهر الخطيب _البناء 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *