إعلان
إعلان

سوتشي مطبخ الدبلوماسيّة الروسيّة تهدئة الأزمات والكلمة الفصل لدمشق.. بقلم : سماهر الخطيب

#سفيربرس

إعلان

باتت سوتشي الروسية محطة سياسية دبلوماسية اقتصادية لا يُستهان بلقاءات القادة تحت سمائها، فبعد كل لقاء ينتظر الخبراء والعلماء السياسيون والعسكريون بفارغ الصبر أنباء منها وعما يدور في أروقتها.. وفي الأيام القليلة الماضية جرى التفاوض في تلك العاصمة الروسية الجنوبية بين بوتين وأردوغان حول قضايا متعلقة بالوضع في سورية.

والمعروف بأن الأزمة السورية قد أثارت قلقاً عالمياً بالرغم من كونها قد أثيرت باجتماع العالم أجمع على أرضها لتصبح حرباً عالمية ثالثة وتصفية حسابات وفتح أبواب مصلحية.. حتى باتت الآن مثيرة لقادة العالم عقب تسع سنوات استنزفت الشعب والقادة بين الحق والمغتصب للحق تحت بند «الإرهاب ومكافحته».. ومن المبكر جداً القول بأنَّه يمكن لسورية وحلفائها الانشغال بشيء ما غير الحرب التي أشعلها الطغاة على أرضها..

وإذا ما أردنا العودة إلى سبب القمة الروسية التركية في التاسع من الشهر الحالي، فسنعود إلى العملية العسكرية التي شنتها القوات التركية في شمال شرق سورية، تحت مزاعم إنشاء «مناطق آمنة» في سورية، وتدمير ما سمّته بـ «الممر الإرهابي» الذي أنشأه الأكراد الذين تعتبرهم أنقرة «إرهابيين» وبأنهم «الشر» الرئيسي في سورية. في الوقت نفسه، يزعم أردوغان أنَّه «سيحافظ على وحدة أراضي سورية وسيحرَّر الشعب السوري في المنطقة من قبضة الإرهاب»، بحسب قوله.

وتركيا التي أخذت الضوء الأخضر من الولايات المتحدة لتلك العملية كانت قد توصَّلت في 17 تشرين الأول، إلى اتفاق مع أميركا لتعليق أعمالها العدائية لمدة 120 ساعة. مقابل وعود أميركية بضمان انسحاب القوات الكردية على بعد 30 كم من الحدود التركية.

فيما كان تعليق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على احتمالات حل الأزمة العسكرية والسياسية الحالية بأنَّ «الوضع في المنطقة حاد للغاية». وقبل هذا التصريح بفترة قصيرة، أوضح «ديمتري بيسكوف» السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، بأنَّ «العملية العسكرية التركية يمكن أن تضر بالتسوية السياسية في سورية».. ولهذا السبب بدأت روسيا بـ»المفاوضات» بما أنها الضامن في التسوية السياسية.

وبالطبع، وقف إطلاق النار في سورية، هو من أولويات روسيا التي وجدت نفسها كعامل متوازن في حل قضايا المنطقة، وبعد محادثات استمرت أكثر من ست ساعات مع نظيره التركي، قال الرئيس الروسي إنَّ «موسكو وأنقرة قد توصلتا إلى عدد من الاتفاقيات حول الوضع في شمال سورية»، واصفاً هذه الاتفاقات بأنها «مهمة للغاية، إن لم تكن مصيرية».

وقال بوتين «ستسمح القرارات بحل مشاكل مصيرية إلى حد ما، كانت قد تطورت على الحدود السورية التركية».

ومع ذلك، فإنه من السابق لأوانه تقديم تقديرات ووضع توقعات، في وقت لا تزال فيه المفاوضات جارية على قدم وساق، إنما سنتوقع سلسلة من المفاوضات الأخرى بين قادة روسيا وتركيا كالتي جرت بالفعل في سوتشي وربما ستكلل باتفاق يعود لتفعيل مفاعيل معاهدة أضنة عام 1998..

حيث إنّ الاتفاق الذي أبرمه رئيسا روسيا وتركيا، لا يحل جميع المشاكل الناجمة عن التدخل التركي في الشمال السوري، إذ «تجاهلت» المذكرة الوضع في إدلب. وليس صدفة أن الرئيس بشار الأسد زار، يوم المحادثات، فجأة، قطاعاً من جبهة إدلب، في زيارة حملت الكثير من الرسائل والإشارات بأن الكلمة الأخيرة للقيادة السورية والجيش السوري والميدان السوري..

وبالرغم من أنّ جميع نقاط صفقة سوتشي، تبدو كـ»خطة أنيقة» إلا أنّ تنفيذها سيكون صعباً، فكما العادة وطوال تسع سنوات هناك الكثير من اللاعبين على الأرض، وبالتالي فإن هذا الاتفاق الذي يسمح للأتراك بتوسيع وجودهم العسكري، لا يرضي الرئيس الأسد، لأنه يمنح أردوغان الكثير مما أراد كـ»المنطقة العازلة بعمق 30 كيلومتراً داخل سورية»، لكنه في الوقت نفسه يعزز إنجازات الحليف الروسي، ويوسع المنطقة التي تحرسها القوات الروسية، كذلك يعزز دور روسيا في محاولات حل النزاع.

وبالرغم من أن هذه المحاولات لا تزال تواجه عدداً من العقبات، بما في ذلك عدم إحراز تقدم في تنفيذ «الاتفاقية الروسية التركية» المبرمة سابقاً والتي تهدف إلى منع الهجوم على إدلب مثلاً، إلا أن الأهداف الروسية تبدو ظاهرة في تهميش أميركا دبلوماسياً في سورية، وعملياً، حلّت القوات الروسية محل الأميركيين الذين سحبهم ترامب من سورية. عندما قال ترامب إن «تركيا وروسيا وأوروبا يجب أن تأخذ على عاتقها حل المشكلة السورية»، فقد أعطاها الضوء الأخضر لاتخاذ إجراءات في شمال سورية.

وبالتالي ستقوم روسيا بإقناع تركيا بأنها شريك أكثر موثوقية من أميركا، وإقناع الأكراد باللجوء إلى الدولة السورية للدفاع عن حقوقهم.. والتوفيق بين الأسد وأردوغان والوصول إلى تفاهم للحل في مسألة إدلب..

وعلى الرغم من أهمية القرارات التي تمّ التوصل إليها في الاجتماع بين أردوغان وبوتين، فإن النزاع في شمال سورية لن يُحلّ. وسيظل وجود الجيش التركي في شمال سورية، في هذا الوضع، عامل إزعاج بالنسبة لدمشق. لذلك، يمكن القول إن المشكلة لم تُحلّ، إنما يجري تجميدها، لتصبح أقل خطورة، بحل روسي يقوم على دبلوماسية الخطوات التدريجية.. ويقلّل من خطر نشوب معارك واسعة النطاق.

وبطبيعة الحال، من المرجّح أن يكون هناك بعض التجاوزات من جانب الأكراد. إنما وبشكل عام، ليس لديهم مكان يذهبون إليه. وفي هذه الحالة، دمشق في وضع الفائز إن على صعيد الأكراد أو على صعيد الأتراك فكلاهما سيعي في المحصلة أن السيادة السورية قائمة على جميع الأراضي السورية بجميع مكونات المجتمع السوري وزيارة الأسد لريف أدلب كانت تحوي وترسل تلك الرسالة السيادية..

#سفيربرس _ بقلم : سماهر الخطيب _البناء 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *