نص و قراءة …..النص:” عاداتي السيئة ”خليل العجيل .. القراءة: ” رعب التلاشي ” _ بقلم: فتحية دبش
#سفيربرس
النص:” عاداتي السيئة ”خليل العجيل
لم أترك عاداتي
السيئة
بعد ..
لازلت أشرب
السم …
كل صباح ..
وأحرق بالسجائر
ما تبقى من
خريف
عمري …
في هذه الحرب
اللعينة …
والبرد ..
أنا الخاسر ..دائما
أصطدم بالذاكرة ..
أكتشف بأنني
غريب ..
ووحيد…
تبا لهم
لقد قتلوا ذاك
الأنسان الطيب
بداخلي …
منذ أن كتب أسمي
بخطأ مطبعي
في صحيفة يومية ..
منذ ذلك اليوم
وأنا أحاول ..
أن أثبت بأنني
لازلت على
قيد الموت
#القراءة: رعب التلاشي
إن الشعر ليس فقط حالة شعورية و إنما هو حالة لغوية أيضا بحيث تحمل اللغة ما هو أبعد من الكلام.
قد تبدو اللغة حالة مشاعة على خصوصيتها و لكنها حين تكون لغة شعر تظل حالة خاصة فالشعراء لا يكتبون إلا لغتهم…
حين يكتب خليل العجيل يتشكل رعب التلاشي و يرتسم ذلك الأنين وجعا خلفته الحرب و غذاه الفقد و التشرد في الجغرافيا.
ككل الحقبات التاريخية التي مر بها الإنسان و وثقها الأدب، تنتج حقبتنا المرة هذه كتّابا من طراز خليل العجيل، ريتا الحكيم، عماد دكرلي، ناصر ناصر و غيرهم كثيرون يغمسون الحرف في الحزن المعتق و الوطن الخراب و يتسلّون بإغراق القارئ في عوالمهم المتشظّية فلا يملك إلاّ الإذعان و الدخول في أطراف الحكايات الداعرة : حكايات الحرب و تيه الإنسان بين التاريخ و الجغرافيا.
(عاداتي السيئة ) ، قصيدة نثرية لن أتطرق في مراودتها إلى التشكيل و إنما إلى هذه الوجودية التي تنضح منها و هذا الضياع الذي يسم إنسان اليوم و تصوره الذات الشاعرة في لغة بسيطة، عادية، سهلة و كأن الشاعر يورّطنا جميعا قراء و متخصصين بالإنخراط في شرنقة التفاهة الوجودية التي نمارسها بوعي و بدون وعي.
العنوان و هو مفتاح النص يغلق على القارئ أبواب الفرار من وجع اللغة و العادات.
ف العادة و هي الفعل المتكرر قد تصبح سيئة إذا ما صار الإنسان لها عبدا كما يقول بابلو نيورودا.
و لكن الذات الشاعرة تتمرد على عاداتها و تتفوّق عليها بالوعي التام بكونها عادات سيئة.
يفصّل الشّاعر في النّص هذه العادات:
(يشرب السّمّ كلّ صباح،
يحرق السّجائر،
يصطدم بالذّاكرة،
يكتشف أنه غريب،
يحاول أن يبقى على قيد الموت…)
أي فواجع يعانيها الإنسان اليوم، و كأن الحياة أو البقاء حيّا هو من الفعل السيزيفي و هو من الفعل الإنتحاري و هو ممارسة واعية لمراودة الموت بلا هوادة.
فتصبح الحياة في حدّ ذاتها عادة سيئة…
إنه رعب التّلاشي حين تتأرجح الذّات الشّاعرة و من ورائها إنسان اليوم بين موت و موت و بين توق و توق و يصبح الشعر كما كان دائما صرخة احتجاج في وجه الموت أن أشفق بالحياة و في وجه الحياة أن كوني حياة…
خليل العجيل يكتب العزلة، يكتب الفقد، يكتب الموت ليس تسليما و إنما تجسيدا لرعب التّلاشي و الغياب و تعبيرا على إصرار الإنسان اليوم على الحياة بل على إعادة خلق الحياة …
تلك تلك هي عاداته السيئة: أن يظلّ يكتب رغم العقم المحيط، أن يظلّ فاعلا رغم العدم و أن يظلّ حيّا رغم الموت المحدق به.
#سفيربرس _ بقلم: فتحية دبش