إعلان
إعلان

الجديد لا يُقهر ـ عين على الاختراعات ـ بقلم : علي عمران

#سفيربرس

إعلان

منحتنا الاختراعات قدرة التأقلم مع متغيرات البيئة واستطعنا من خلالها أن نحيا حياة أفضل من ذي قبل فلو لم نتمكن من الاختراع لبقينا رهن الظروف المناخيّة والتقلبات الجويّة على المسطح اليابس بلا حول ولا قوة .
اتحاد المعرفة بالمهارة :
أحيانا ً يؤدي خلط المفاهيم إلى الوقوع في أخطاء عفوية كأن نعامل مفهومي الاكتشاف والاختراع بذات السويّة لكن الحقيقة تقول أن الاكتشاف يختلف عن الاختراع رغم ارتباطهما إلى حد بعيد فالاكتشاف شيء موجود في الطبيعة يحصل حينما تتم مشاهدته أو حين يتم التعرف عليه لأول مرة، أما الاختراع هو ابتكار شيء جديد لم يكن موجود من قبل فنقول مثلا ً (اكتشف الإنسان البدائي النار بالمصادفة عن طريق قدح الصوان بخام المعدن لكنه اخترع عود الثقاب كوسيلة أخرى لإشعالها) وبالتالي فإن الاختراع هو اتحاد المعرفة بالمهارة لإنتاج صنيع جديد يحقق مزيدا ً من التقدم على المسطح اليابس.
بين الأمس واليوم :
كانت معظم الاختراعات قبل بداية القرن الماضي نتاج مبادرات فرديّة من قـِـــبـَــل مخترعين يعمل كلُّ منهم على حده، تفاوتت قدراتهم بين يـدٍ حرفيّة أو ميكانيكية وبحوزتهم قدر ضئيل من المفاهيم النظريّة ،أما اليوم فإن معظم الاختراعات غدت نتاج عمل مشترك جمع العلماء والمهندسين تحت سقف المختبرات ليشكلوا فريق عمل ٍ تـُوجَّه جهوده وطاقاته نحو الابتكار والاختراع.
المرحلة الجديدة – عصر التصنيع :
بعد أن تمكن بنو البشر من تأدية مختلف الأنشطة الزراعيّة بمثل هذه الحرفيّة، أقبلت الثورة الصناعيّة في القرن الثامن عشر الميلادي وفي جعبتها العديد من الاختراعات كآلات الغزل والنسيج، المحرك البخاري وما شابه لتُحدث تغييرا ً نوعيّاً في مختلف مناحِ ِالحياة، حيث اندفع الناس أفواجا ً إلى المدن ليعملوا في المعامل والمصانع، فشهدت الحركة تلك ولادة جديدة للحياة العصريّة التي امتدت حتى يومنا هذا.
مسيرة طويلة تستحق القراءة :
عصور دخلت دائرة الضوء عساها تكون العين التي نرى بها مسيرة الاختراع عبر صفحات الماضي بدءا ًمن ( عصور ما قبل التاريخ، الحضارات الأولى في الشرق، بلاد اليونان القديمة، العرب والمسلمون، العصور الوسطى الأوروبية، عصر النهضة الأوروبية، عصر العقل، الثورة الصناعيّة، القرن التاسع عشر، القرن العشرين ).
الخطوة الأولى عصور ما قبل التاريخ :
لقد ظهرت أوائل الاختراعات خلال العصر الحجري القديم الذي امتد (حتى حوالي عام 8000 ق.م ) فاكتشف الناس أنه بوسعهم صناعة فؤوس وأزاميل من خلال تشظية عظام وقرون الحيوانات، بالإضافة إلى الصوان والعاج والحجارة وتحويل تلك المواد إلى رقائق حسب الحاجة، كما اخترعوا الرماح والقوس والسهم لتساعدهم هذه الوسائل مجتمعة في نشاطاتهم اليوميّة لاسيما صيد الحيوانات البرية على اعتبارها عنصرا ً أساسيّا ً للقمة العيش إلى جانب تحويل جلودها لألبسة تقي من يرتديها قساوة الظروف المناخيّة، لكن المزارعين البدائيين مع مرور الزمن أصبحوا بحاجة إلى مصدر آخر للألبسة نظراً لأن صيد الحيوانات تضاءل بعد الاعتماد بشكل شبه كلي على إنتاج النشاط الزراعي ونتيجة ذلك تم اختراع المنسوجات التي أدت لاحقا ً إلى إيجاد أدوات الغزل والنسيج لإنتاج خيوط من ألياف الحيوان والنبات كما اخـُـترع النول لنسج الخيوط قماشا ً أما فيما يتعلق بالاختراعات الأخرى في تلك الحقبة يستحضرنا إيجاز الحديث عن المواد الفلزيّة والعجلات، فبالنسبة للمواد الفلزيّة يعتقد العلماء أن بعضا ً من ذوي المهن في العصر النيوليتي (العصر الحجري الحديث) كانوا يطرقون الخامات المعدنيّة لفلزات الذهب والفضة والنحاس ليصنعون منها حليّا ً، كما تم التوصل إلى معلومات مفادها أنه من الممكن صهر فلزي القصدير والنحاس ثم مزجهما معا ً لإنتاج البرونز على اعتباره مادة فلزية أقوى من كلا العنصرين في حالتهما المنفصلة، أما العجلات فقد كانت من أكثر الاختراعات أهميّة نظرا ً لأن الناس كانوا ينقلون أحمالهم على ظهورهم أو يجرونها على مزالج ثقيلة تتطلب جهداً كبيراً تضاءل منسوبه بعد أن دخلت العجلة حيز الوجود ليتمكن الإنسان عبر أميال الزمان من تحريك البضائع بكميات وأحمال أكبر وأكثر من ذي قبل.
الحضارات الأولى في الشرق :
لقد تطورت الحضارات الأولى في الشرق ” بين عامي ( 3500و3100ق.م ) في أودية الأنهار لا سيما بين نهري دجلة والفرات، بالإضافة إلى وادي النيل في مصر وقد تأسست هذه الحضارات في انطلاقتها الأولى على الزراعة نظرا ً لخصوبة الأرض الناتجة عن فيضان الأنهار المتكرر مما أدى لتشكل رواسب تراكميّة زادت من خصوبة التربة ،أما بالنسبة لسكان هذه الأودية فقد قاموا باختراع أنظمة القنوات والخنادق والحـُـفر للتحكم في اتجاه جريان الماء أثناء الفيضانات، كما أنهم تحكموا من خلال هذه الأنظمة في عمليات تصريف مياه الفيضان وإعادتها إلى مجاري الأنهار ولعل الاختراع الأكثر أهميّة لتلك الحضارات المُمعنة في القدم هو الكتابة ,فقد طور السومريون الذين عاشوا في الجزء الجنوبي من بلاد ما بين النهرين أول نظام للكتابة ” عام 3500 ق.م ” حسب اعتقاد المؤرخين ,والجدير بالذكر أن اختراع الكتابة مكّن الناس من تدوين المعارف والمفاهيم والمعلومات كي يستعملوها في وقت لاحق مما ساعدهم ولأول مرة على الاتصال مع المجتمعات الأخرى عبر نقل النصوص المكتوبة من مكان إلى آخر، فالكتابة آنذاك أدت رسالتها في الحفاظ على مختلف المعارف والمفاهيم للأجيال المقبلة.
بلاد اليونان القديمة :
لقد قامت حضارة مزدهرة في بلاد اليونان بحلول القرن السادس قبل الميلاد وأفضل ما عُرف عن الإغريق مآثرهم في الفنون والفلسفة والعلوم، غير أنهم أنتجوا العديد من الاختراعات على يد مخترعين كثر أبرزهم :
• ستيسيبيوس : اخترع أول مضخة كانت تتكون من اسطوانة بداخلها كبّاس كلما جرى تحريكه إلى الأعلى أو الأسفل أحدث ذلك ضغطا ً يمكن استعماله في ضخ المياه.
• أرخميدس : اكتشافاته الرياضية لا حدود لها، فضلاً عن إنتاجه للعديد من الاختراعات أبرزها تصميم محترف مهمته رفع الماء من مستوى منخفض إلى مستوى آخر أعلى منه وغالبا ً ما كان يُستفاد منه في ري الأراضي الزراعيّة.
• هيرو : اخترع المكبس اللولبي وهو عبارة عن أداة لاستخراج العصارة من العنب لصنع العصائر واستخراج الزيت من الزيتون.
العرب والمسلمين:
كان مسلمو الأندلس أول من صنع المدافع التي نـــُـــقلت إلى أوروبا عبر الجنود المحاربين في صفوف الجيش الاسباني آنذاك، كما قام الكيميائيون العرب باختراع أول ميزان حساس في التجارب المخبرية ،بالإضافة إلى اختراع الكثير من آلات الرصد الفلكي.
العصور الوسطى والأوربية :
شهدت تلك العصور تغييرات هائلة في النمط الاجتماعي لدى القارة العجوز وقد نشأ العديد من هذه المتغيرات عن طريق الاختراعات في مجالات متنوعة كالزراعة والنقل والصناعات الحربيّة فعلى سبيل المثال نرى أن البوصلة المغناطيسيّة وصلت إلى أوروبا من الصين عن طريق العرب والتي بدورها جعلت الملاحة البحريّة المضبوطة أمرا ً ممكنا ً عندما تكون السفينة بمنأى عن رؤية اليابسة أو عندما تمنع العوامل الجوية الملّاح من الاستدلال بالنجوم أو بحركة الشمس لتحديد اتجاهاته.
عصر النهضة الأوربية :
أفرز هذا العصر العديد من المخترعين النوعيين الذين نستلهم منهم المخترع الألماني جوهان جوتنبرغ الذي اخترع الطباعة كما نعرفها هذه الأيام على اعتبارها مثالاً يوضح كيفيّة إيجاد اختراع واحد من عدة اختراعات قائمة، حيث أن كلّاً من الحبر والحروف المتحركة والورق والمكبس موجودة منذ زمن بعيد لكن جوتنبرغ جمع هذه العناصر المادية بطريقة إبداعيّة كي ينتج الطباعة التي سرعان ما أصبحت وسيلة اتصالات تلبي حاجة الناس بطريقة أسرع وبتكلفة اقل إلى حد ما.
عصر العقل – نواة أفكار لاختراعات جديدة :
خلال عقود هذا العصر ظهرت انجازات جديدة في حقل الاختراع نتيجة لمساهمة العلوم والعلماء بدرجة ملموسة في ابتكار العديد من الاختراعات، فعلى سبيل المثال ابتكر الفيزيائي الايطالي جاليليو القطاع المحسن وهو أداة لرسم وقياس الزوايا، أما على الضفة المقابلة فإن الانكليزي إسحاق نيوتن قدم العديد من المعارف العلميّة كقوانين الحركة التي أدت دوراً مهماً في اختراع المحركات النفاثة ومحركات الدفع الصاروخي مع قدوم القرن العشرين ،ناهيك عن دخول مقياس الضغط الجوي ( البارومتر ) حيز مستخدميه على يد الإيطالي ايفانجليستا توريشلي، فتلك الاختراعات وغيرها بمثابة العين التي نبصر من خلالها إنجازات الإنسان خلال القرن السابع عشر شاهد العيان الأصدق على عصر العقل ونهضة معاصريه الفريدة.
الثورة الزراعيّة بدءاً من عصر العقل وحتى الثورة الصناعيّة :
مرحلة الثورة الزراعيّة شهدت اختراع العديد من الآلات والوسائل الزراعيّة الجديدة التي ساعدت على زراعة المحاصيل وحصادها، كاختراع آلة زرع البذور مثلاً على يد المزارع الانكليزي جترو تل حيث كان المزارعون قبل اختراعها ينثرون البذور بطريقة أشبه بالعشوائيّة مما يؤدي إلى فقدان جزء كبير منها، أما بعد اختراع آلة زرع البذور باتت المشكلة محلولة ،إذ كان تصميمها قائم على إحداث حفرٍ وفق صفوف مستقيمة ضمن التربة ليقوم المزارعون بإلقاء البذور داخل تلك الحفر بطريقة أكثر سلاسة.

بالعودة إلى حقبة أقدم من تلك المرحلة فإننا نلاحظ أن المزارعون حرصوا على ترك ثلث حقولهم بوراً من غير زراعة مما يترك مجالاً للتربة كي تسترد المواد المعدنيّة التي تمتصها منها المزروعات ،والجدير بذكر ما قيل عن القدماء ( مع تنوع التجارب تتطور الطرائق ) وخير طريقة جديدة نبتة البرسيم التي اكتشف المزارعون أهميتها فيما بعد، حيث يمكنها أن تعيد للتربة المواد المعدنيّة بفعل تركيبتها الكيميائية ،إضافة إلى إمكانيّة استعمالها علفاً للماشية بعد مرحلة الحصاد ،وهكذا أدرك الناس حينئذ ضرورة زراعة المحاصيل المنتجة للعلف عقب زراعة محاصيل الحبوب الاعتياديّة من أجل الحفاظ على إنتاج الأرض الزراعيّة في كل عام وبالمقابل المحافظة على محتوى التربة من الأملاح المعدنيّة، كما ساعدت زراعة محاصيل الأعلاف على إمداد الثروة الرعوية آنذاك بكميات أكبر من العلف، مما ساعد على توفير لحوم البقر والضأن بشكل يسير ونوعيّة أجود ناهيك عن توفر الألبان والصوف بكثرة، ومع هذا كله فقد أعطت المواشي التي أصبحت في وضع صحي مستقر سماداً أفضل وأعلى جودة فارتفعت نسبة خصوبة التربة في الأراضي الزراعيّة.
الثورة الصناعيّة – نقطة تحوّل :
لم يقتصر أثر الثورة الصناعيّة على القطاع الصناعي فحسب بل تعدى إلى تغييرات جذرية في مختلف مناح الحياة بدءاً من خطوة الانطلاق الأولى في بريطانيا خلال القرن الثامن عشر الميلادي وصولاً إلى كل مكان امتدت إليه في أوروبا الغربيّة والولايات المتحدة الأمريكيّة فحسب العلماء والمؤرخين إن العديد من الاختراعات التي ظهرت سابقاً أسهمت في قيام الثورة الصناعيّة كالمحرك البخاري الذي طوره الاسكتلندي جيمس واط على اعتبار أن المحركات المستعملة قبل عصره كانت رديئة الصنع وذات تكلفة تشغيل عالية وعلى إثر ذلك اخترع واط محركاً محسناً في ستينات القرن الثامن عشر ثم أوجد مخترعون آخرون استعمالات جديدة لمحرك واط الذي غدا بسرعة المصدر الرئيسي لأعمال النقل والصناعة.

القرن التاسع عشر – تجارب فريدة في الحقل الصناعي :
على يد المخترع الفرنسي جان جوزيف ايتيان لاتوار ظهر أول محرك احتراق داخلي عملي يولد القدرات من خلال حرق الوقود داخل اسطوانة مغلقة ليحقق بذلك نقلة نوعية فريدة لأنه أبسط عملاً وأصغر حجماً وأكثر كفاءة من المحرك البخاري الذي كان يحرق الوقود خارج الاسطوانة، كما صنع المخترعان الألمانيان كارل بنز وجوتليب ديلمر كل على حده محركات احتراق داخلي تشبه من حيث الأساس محركات البنزين المستعملة في السيارات هذه الأيام، وفي النصف الثاني من القرن ذاته أدى ظهور عدة اختراعات إلى إحداث نقلة نوعيّة في عالم الاتصالات، ففي عام 1867م سجل ثلاثة مخترعين أمريكيين وهم (كريستوفر لاثام شولز، كارلوس غليدين، صمويل سول ) براءة اختراع أول آلة كاتبة عمليّة وبعد عشر سنوات سجل المخترع الأمريكي الكسندر جراهام بيل براءة اختراع جديدة في عالم الاتصالات من خلال الهواتف السلكيّة، أما الفيزيائي الألماني ويلهام رونتجن اكتشف سنة 1895م الأشعة السينيّة فأدى هذا الاكتشاف إلى اختراع جهاز الأشعة السينيّة الذي كان له تأثير كبير في تقنيات الجراحة والصناعة والبحث العلمي وفي وقت سابق سجل أشهر المخترعين في التاريخ توماس أديسون أولى براءات الاختراع لمسجل الصوت إلى جانب العديد من الاختراعات التي شملت المصباح الكهربائي والحاكي (الفونوغراف ) وآلة نسخ الرسائل وآلة التصوير (Camera ) ذات الأفلام لتصل حصيلة انجازاته في نهاية المطاف إلى 1093 براءة اختراع.
مختبرات القرن التاسع عشر – ومضة عن كثب :
اتسمت تلك المرحلة بانتشار مختبرات البحوث العلميّة الصناعيّة، حيث يستحضرنا توماس أديسون الذي أسس أولى مختبرات البحث العلمي في ولاية نيوجيرسي الأمريكيّة ولكن هذا المختبر لم يكن قائماً على أساس فريق بحث علمي كما حدث لاحقاً بل استقدم أديسون العلماء والفنيين لتطبيق أفكاره العبقرية وتحويلها إلى مشاريع عمليّة تزيد من حيوية الوجود.
خلال القرن العشرين :
مع قدوم هذا القرن أصبحت السيارة وسيلة نقل رئيسيّة وذلك لأن الاختراعات الجديدة جعلت آلية عملها أسهل تشغيلاً وأكثر أماناً، ففي عام 1911م ابتكر المخترع الأمريكي تشارلز فرانكليم كترنج بادئ الحركة الذاتي الكهربائي ( المارش ) ليُمكّن هذا الاختراع من تشغيل محرك السيارة بواسطة الضغط على أحد الأزرار بدلاً من الطريقة التقليدية اليدوية، كما قام المخترع الأمريكي مالكهوم لوكهيد عام 1918م باختراع النظام الهيدروليكي للكبح على العجلات الأربع فشكل هذا الاختراع بطاقة ضمان تساعد سائقي السيارات على إيقاف سياراتهم بأمان أكثر مما سبق، بالإضافة إلى انجاز الأخوين اورفيل وويلبر رايت رحلات الطيران الناجحة الأولى عام 1903م حيث كانت طائرتهما تعمل بمحرك احتراق داخلي على اعتبار أن المحركات النفاثة جرى استعمالها أول مرة في الحرب العالمية الثانية ومع حلول ستينيات القرن ذاته أصبح استعمال المحركات النفاثة واسعاً جداً في الطيران التجاري والعسكري على حدٍ سواء .

الطاقة النووية – سلاح ذو حدين :
مع تقادم سنوات القرن المنصرم تمكن العقل من امتلاك الطاقة النووية مصدر الطاقة اللامحدود والتي تم تطويرها في أواسط القرن ذاته حيث استُعملت أول مرة لأغراض عسكريّة في الحرب العالمية الثانية ومنذ تلك الفترة يجد المخترعون والعلماء إمكانية كبيرة في استعمال تلك الطاقة النوعية لأغراض سلميّة ,ففي عام 1956م جرى افتتاح أول محطة كهرباء تعمل بالطاقة النووية في الجزر البريطانية ليغدو هذا الاختراع خطوة الإلهام الأولى لمراكز الدراسات والأبحاث على امتداد الأمم .
الحاسوب الالكتروني – بوابة جديدة :
جمع عدد من المخترعين بين مفاهيم وأدوات عديدة لإنتاج الحاسوب الالكتروني خصوصاً أن الحاسوب أصبح واحداً من أوسع اختراعات القرن تأثيراً بسبب معالجة المعلومات وحل المسائل الرياضية المعقدة بسرعة مذهلة فضلاً عن قيامه بعدد كبير من الوظائف الأخرى في مجالات الصناعة لا سيما ضبط آلية عمل الآلات في نطاق العملية المعروفة ( بالأوتوماتيكية ) ذاتية الدفع ناهيك عن قطاعات التجارة والتعليم ومختلف الأبحاث والدراسات العلميّة منها والفضائيّة، فمن خلاله تمكن رواد الفضاء من التحكم بمركباتهم وإبقائها على المسار المحدد لها خارج الكوكب.
أولى خطوات الاختراع :
الخيال بوابة الإبداع علميّا ً كان أم أدبيّاً، فما من ابتكار أو انجاز علمي إلا وكان خيالاُ من قبل فالكهرباء خير مثال على الخيال العلمي الذي يشكل خطوة الاختراع الأولى ولو بحثنا في صفحات الماضي نجد أن الخيال العلمي للعقل فكر مراراً في إمكانية إحداث عالم مـُـضاء يخفف من حالك الظلام فأضحى بعد عقود هكذا ,أما آخرون فقد تطور بهم الأمر لاحقاً إلى إمكانية وجود قطعة بحجم الكف نتواصل من خلالها مع مجتمعات العالم أجمع لتغدو الهواتف الذكيّة مثالاً حيّا ً على ذلك ,فالمنطق ينقلنا من نقطة إلى أخرى أما الخيال لا حدود له.
التطورات الأخيرة – نقلة نوعيّة:
أنشأت حكومة الولايات المتحدة شبكة المعلومات الدوليّة ( الانترنت ) لخدمة عمليات الجيش الأمريكي في ستينيات القرن الماضي وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991م تحولت الشبكة لخدمة الأغراض المدنيّة مما دفع العديد من الهيئات الرسميّة والجامعات والمؤسسات والشركات الخاصة للمشاركة في إدارتها، تغذيتها وصيانتها فارتبطت مع مرور الوقت ملايين الحواسب حول العالم رغم أن الشبكة الدوليّة اقتصرت بادئ الأمر على نقل المعلومات والبيانات وفق نصوص وأرقام حتى مطلع تسعينيات القرن المنصرم، حيث اخترع خبراء الانترنت برامج حاسوبيّة مكنت مستخدمي الشبكة العنكبوتيّة من التجوال عبرها ومشاهدة محتواها بالفيديو والصوت والصورة .

تحديات المستقبل – سطور لم تُكتب بعد :
تواجه قدرة الإنسان على الابتكار جملة تحديات أبرزها :
• كيفيّة تحسين النمو للبلدان النامية.
• كيفية التعامل مع الآثار السلبية الناجمة عن الاختراعات القائمة.
لا شك أن نمط الحياة في المستقبل يعتمد على المدى الذي سيتمكن فيه بنو البشر من التعامل مع مثل هذه التحديات والسؤال يطرح نفسه حيز التفكير :
هل يُعتبر مستوى المعيشة بمثابة تحدٍّ جديد ؟
حسب البحوث الاستطلاعية فإن عدد قليلاً من الدول حول العالم تمتلك من الصناعات ما يكفي لتحقيق مستوى عالٍ من المعيشة لمواطنيها، بينما تعاني أكثر شعوب العالم من مستوى معيشي غير مستقر يتراوح بين متوسط ومنخفض لذلك فإن رغبة تلك الشعوب في توفير السلع التي وفرتها الاختراعات وعمليات التصنيع ضمن البلدان المتقدمة في تزايد مستمر وانطلاقاً مما سبق فإن هذه الحالة تنبئ باتساع الفجوة في مستويات المعيشة بين البلدان المصنعة والبلدان النامية اقتصاديّاً فهل اختراعات اليوم وما يتبعها في الغد ستكون بطاقة ضمان لتطوير حال الأمم أم مزيداً من التوتر والصراعات المجهولة النهاية؟
براءة اختراع :
بعد عمل دؤوب ترى الاختراعات النور على يد عقول ابتكرتها وأناس شهدوا لحظات ظهورها الأولى فأدركوا أكثر من غيرهم أبعادها ومدى خدمتها للبشريّة وفيما يلي استعراض سريع لبعض الاختراعات مع أسماء مخترعيها :
 آلة القانون ( الفارابي ) .
 الرقاص ( ابن يونس ) .
 البذور الأولى لاختراع عدد من الآلات الفلكيّة ,بالإضافة إلى عمليّة صنع الزجاج من الرمل ( العباس بن فرناس ) .
 جهاز مخروطي يُعتبر أقدم مقياس لتحديد مستوى كثافة المواد ( البيروني ) .
 الكسور العشريّة : غياث الدين الكاشي .
 أول سفينة بخاريّة يمكن تشغيلها عمليّاً ( الأمريكي جون فيتش ) .
 المقراب ( التلسكوب ) : صانع الأدوات البصريّة (الهولندي هانز ليبرشاي) .
 المفاعل النووي ( الإيطالي انريكو فيرمي ) .
 القمر الصناعي : ( السوفييتي بيتر كابيتزا وآخرون ) .
 الصاروخ الفضائي : (السوفيتي سيرغي كورليوف ) .
 الدبابة : (الانكليزي ارنست سونيتون ) .
 مانع الصواعق : ( الأمريكي بنيامين فرانكلين ) .
 طفاية الحريق 🙁 السوفييتي ألكسندر رولان ) .
 علبة الكبريت 🙁 الانكليزي جون ووكر ) .
 ماكينة الخياطة 🙁 الأمريكي إلياس هاو ) .
 الآلة الحاسبة : ( الفرنسي بليز باسكال ) .

مــا تـبـقــى :
خلال العقود الماضية ظهر للمجتمعات نموذج جديد للتطور وهو أنموذج العالم الرقمي الذي تجاوز حدود المكان فحقق المزيد من الانفتاح بين البشر ولأجل ذلك علينا تحقيق التوازن بين القديم والجديد بصون الإرث العميق للبشريّة من جهة وبتقبل نماذج التحضر من جهة أخرى على اعتبار أن ما كل قديم تقليدي وما كل جديد لا ينفع وبهذه الحالة نخطو خطوات آمنة ونحمي تلك التراكم الإنساني مع تقادم العصور فساعة الزمان تدور في جريان مستمر وكل زمنٍ يحمل في طياته أحداثا ً تغير العالم وتترك أثراً واضحا ً في تاريخ البشريّة ولو عدنا إلى السطور التي كــُتبت في الماضي نجد أن الحرب العالميّة والثورة الصناعيّة أحداثا ً غيرت واقع البشريّة لكن لكل منهما نتيجة فالأولى مزيدا ً من الكوارث، أما الأخيرة مستقبلاً أكثر أماناً لدى شعوب القارة الاوربية ناهيك عن أمثلة وتجارب مشابهة لدى الشعوب الأخرى، باختصار إن أهل الاختراع في الماضي أرادوا تغيير العالم بالعلم والعمل فكانوا كذلك ونحن اليوم علينا أن نخطو ذات المسار لتُكتب سطور الغد بمزيدٍ من الإزهار والإثمار لجميع المجتمعات.

ومــضـات :
• عندما تتحد المعرفة بالمهارة ترى الاختراعات النور.
• بالماضي القديم اقتصرت الاختراعات على تجارب ومبادرات فرديّة على يد عقول حرفيّة ،ميكانيكيّة وما شابه .
• اختراعات نوعيّة انتجها العقل البشري الصناعي لتكون بديلاً حقيقيّاً يعتمده البشر إلى جانب الأنشطة الزراعيّة .
• شهدت عوالم الاختراع مزيداً من التحولات على امتداد العصور بدءاً بحضارات الشرق الأولى ،مروراً بموروث الاغريق، العرب والمسلمون، نهضة اوروبا، وصولاً إلى العصر الحديث .
• الطاقة النووية ليست مجرد تجربة انحصرت في هيروشيما وناغازاكي, بل طاقة نوعيّة طالت ميادين العلاج الطبي وتوليد الطاقة.
• الحاسوب الالكتروني نقلة نوعية أدت لظهور الشبكة الاجتماعيّة فاختصرت شاسعات المكان بين البشر.
• تحديات المستقبل تتقلص خطورتها بالموازنة بين القديم والجديد ليكون الغد أكثر أماناً وسلاماً

#سفيربرس  ـ علي محمد عمران

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *