إعلان
إعلان

قراءة في موت صغير ل حسين علوان.. بقلم : بسمة مرواني

#سفيربرس _ - تونس -

إعلان

ابن عربي ايقاع المتصوفين أكبر من أن يحصر في سطور.
كتب محمد حسن علوان ( الروائي السعودي ) روايته موت صغير – في 590 صفحة وهي صادرة عن دار الساقي – بنفس جديد ، وهي الحائزة على جائزة “البوكر” لأفضل رواية عربية عن العام 2017. يمكن اعتبارها تجربة روائية كتبت بتحد كبير لتستحق التوقف عندها، وتناولها من منظور نقدي..
ولج كاتبها سيرة أحد أكبر أقطاب الصوفية وشيخهم الأكبر ( محيي الدين بن عربي ) ، متنقلاً بين مراحل حياته المختلفة ، من الطفولة وصولا الى الموت .
الرواية سيرة تاريخية مباشرة للشيخ والتقلبات السياسية والايديولوجية التي حاقت في بلاد المسلمين في زمانه ، و السفر متعة فيها حيث كل تجربة في بلدان عربية متعددة جاءت على لسان الراوي العليم و الذي أمسك بزمام السرد منذ مستهل الرواية، لنقف معه مع معه كل سفرة على تجربة من تجاربه اهمها البحث عن أعلام الصّوفية، تعمقه في علمه،الحديث عن تلامذته، وحروبه الشخصية، ورحلاته وأسفاره، والترحال من غرب الأندلس مرورًا بكل من المغرب ومصر والحجاز والشام والعراق وتركيا، بحثًا عن زاد يرتقي به في سلم العلم والسمو العقلي والروحي المعرفي ليصل الى وتد من الاوتاد وهم القلة من ثبتهم الله على الإيمان وبذر في قلوبهم الهداية والصفاء وهذا المعنى ثابت لكل من كان بهذه الصفة من العلماء اصحاب العقول الزكية الذكية، من يؤثرون الأعلى على الأدنى، يؤثرون العلم على الجهل، وطاعة اللّه على مخالفته، لانهم برجاحة عقول بخلاف من لا لب لهم ولا عقول، يتخذون الهتهم هواهم
بدأ في كلَّ فصلٍ بسطرٍ من كلام العارف الأكبر ( نثراً أو شعراً ) وأغلبهُ مستمد من كتابهِ الأهم (المكية ) .. هي ما هندسه في بنيته الفنية المنطوية على أساليب تتعدّد مناخاتها لينهض على عنصر الاغتراف من التراث الصوفي الذي تركه بن عربي ، ليذوّب المستنسخات المستوحاة منه داخل النص ومزجها بمادته وروحه،ليحقق الثراء في خطابه الروائي

لا ننكر ان الرواية تبرز تناسقاً كبيراً في تطورها السياقي ، واسلوبها الأدبي التاريخي ( وكأنك تقرأ في كتابٍ تاريخي عن سيرة ابن عربي ) … يفصلُّ بين فصولِّ السيرة ، فصول ختامية لكلّ سِفر ( وهي 12 سِفراً ) تحت عنوان مخطوط ، له علاقة بتطور علاقة الآخرين زمنياً بكتب ابن عربي …
لكن يشد الانتباه انه ورد في الرواية فصلا كاملا يتحدث فيه عن حب ابن عربي للنظام في مكة ،لكن اجماليا لا يوجد في الرواية الوهج الروحي الذي تزخر به كتابات ابن عربي الصوفية ، فاللغة تاريخية تقريرية أكثر منها رمزية صوفية … ولم تغرق الرواية في أعماق بن عربي بل تشير الى امور خطيرة لا تتماشى وزمننا ولا مع السلوكات الانسانية التى نظر اليه النص القراني او الكتب السماوية التى تعلي من قيمة الانسان وتدافع عن انسنته وتبجيله حيث جعل له مسوغات منبوذة مثلا ، تحت شعار محاربة الكفار، يجوز القبول بببعض الاوبئة الاجتماعية … وعدم الاعتراض على كيفية وصول الحاكم او السلطان إلى السلطة مهما كانت وسائله ،وان نقبل بالمهادنة وانه بفعل قدر حتمي من الله، قضى فيه قضاؤه ولا يجوز مناقشته او الاعتراض عليه .
كما اشار الى فعل اذلال الانسان كفعل بديهي ومحمود فيمكن استبدال الانسان بدابة في الاسواق ، وبموجب أنه “مُريد” الصفةُ التى بها يكون متبّعًا للشيخ الصوفي، ويصبح خادمًا له، مطيعا كما حصل مع مريدي الشيخ ابن عربي في الرواية، وهذا تنظير لقبول العبودية ،تكبيل للحريات و تبخيس لأنسنة الانسان وترسيخ كبير وخطير لما يقع في سوق النخاسة .
وباستثناء تعريفات بسيطة هنا وهناك للصوفيين من خلال ابن عربي على لسان -ابن عربي -( الراوي في العمل ) لا تقربنا الرواية من عوالم الصوفية كما يجب وان حاول علوان ذلك وابن عربي كما اسميه ايقاع المتصوفين اكبر بكثير من ان يكتب في سطور .

# سفيربرس _ بقلم : بسمة مرواني _ تونس

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *