كراهيّة الذات .. بقلم : د.غالية اسعيّد
#سفيربرس

شعور يحمل نكهة مريرة، يسفد عليك حلاوة كثير من لحظات قد تكون جيدة تمر في تاريخ أحداث أيامك، هي مجموعة أحاسيس تتماشى متماسكة مع بعضها البعض لتولد لك مشاعر قد لا تعرف أنت نفسك ماهي، غير أنها تعطيك غصة في الروح.
قد تراودك أسئلة كثيرة فتبدأ بها، لماذا أشعر هكذا؟
ما الذي يجري في الداخل؟
ما كل هذه الفوضى والسواد؟
وبين المعرفة واللامعرفة ينطلق صوتك الداخلي ليخبرك بأنها تلك الكراهية قد أعلنت احتلالها لذاتك.
فهل سمعت بمصطلح الكراهية الذاتية.
إنها كراهية شديدة للذات. يغديها الغضب وتدني احترام الذات وتصور مشوه عن الذات بسبب الأفكار المضللة والمعتقدات الخاطئة في معظم الحالات، تكون الكراهية الذاتية ناتجاً عن تنشئة مختلة.
ما الذي يسبب كراهية الذات؟
عندما تشعر بالاشمئزاز، يصبح من الصعب تحديد السبب وكيف وصلت إلى هنا، قد يكون لديك هذا الشعور طوال الوقت الذي يمكنك تذكره، أو قد يكون قد اشتد مع مرور الوقت فيما يلي بعض أسباب كراهية الذات.
النقد الذاتي له سببان:
قد تكره وجهك أو جهلك أو سمات أخرى، أو ربما لأن شخصاً ما أخبرك بشيء سلبي.
تنتج كراهية الذات من أسباب كثيرة تتجمع كلها أو بعضها في الشخص منها الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة. التنشئة العائلية غير السوية وغياب الثقة في النفس الناتج عن خلل في تكوين شخصية الفرد منذ الطفولة والنقد اللاذع الذي يتلقاه باستمرار في عائلته ومحيطه، شيء لا يستهان به أبداً.
لا تنسى التجاوب السلبي مع المواقف السلبية التي يتعرض لها الإنسان أثناء حياته، فالفشل المستمر في العلاقات الاجتماعية، والتركيز المفرط على ردود الفعل اللاذعة اتجاه سلوكيات وأقوال، والشعور الدائم بالوحدة، والخجل والقلق الاجتماعي، كلها أسباب مهمة لكره ذواتنا.
لا تنسى اعتقاد الشخص باستحقاقه الذي لم يتحصل عليه، فكل هذه الأشياء تجعله يعتقد بأن الآخرين يمقتونه وينبذونه ويحمل انطباعاً بكونه أدنى من الآخرين على جميع الأصعدة فينتهي الأمر بإيمان الشخص بأنه عار دائم ويتولد عنده مركب النقص اتجاه نفسه.
فيلجأ الإنسان في النهاية إلى الانعزال التام الاضطراري عن الآخرين، ثم إن الألم المتولد داخله عن ذاته يجعله يؤمن بتأثير الآخر عليه فلا يكره الإنسان ذاته فقط، بل يكره الآخر أيضاً باعتباره سبباً ونتيجة في عقدة كراهية الذات فيهاجم الآخر ليدافع عن نفسه.
والآن السؤال المهم ياترى إن كنت كارهاً لذاتك ولا تتقبلها فكيف سيؤثر هذا على بقية مجريات حياتك؟
يقول جيمس بالدوين:
الكراهية بوسعها تدمير الكثير، حيث أنها لطالما دمرت كل بيئة تكون بها الكراهية جزءً منها، وأبداً لم تفشل الكراهية في تدمير الشخص الذي يكره، إن هذا قانوناً ثابتاً.
فما بالنا إذا كانت هذه المشاعر من الكراهية تتوجه إلى ذواتنا، ونتعامل معها بكل هذه القسوة، ألا يحتاج الموضوع إلى إعادة الصياغة والتفكير به من جديد؟
ألا تحتاج تلك الذات إلى استراحة المقاتل؟ والرفق بها وإسناد الحب والتقدير إليها؟؟؟
دعني أسرد بعض تلك العلامات التي من شأنها تدمير ذاتك.
وانتبه لهذه العلامات فبعضها مفاجئ وأقل شهرة من غيره:
– حديث قاسي للغاية (أنا غبي، أنا خاسر).
– الاكتئاب أو القلق و الشعور بعدم الأمان المزمن حول الآخرين.
– إهمال جسمك وصحتك.
– تدمير الذات وعدم السماح لنفسك بالسعادة و الغضب من كل شيء.
– رفض النصيحة ، أو المساعدة.
– العزلة الذاتية وتسلل الإدمان بجوانب مختلفة.
– الشعور كضحية في كل وقت.
– عقلية الهزيمة (ما هي الفائدة مما افعله)
ل- اليأس و التشتت
بعد كل ما أسلفنا بالذكر والتوضيح، قد تسأل نفسك كيف على التغلب على تلك المشاعر المريرة والعودة من الجديد إلى فكرة الصلح مع الذات وإعلان التقبل والحب.
إليك فيما يلي بعض الطرق للتغلب على الكراهية الذاتية:
1.ابتعد عن وسائل التواصل الاجتماعي.
2. افعل شيئاً لطيفاً لنفسك كل يوم.
3. افرغ مشاعر الكراهية الذاتية في نشاط تحبه.
4. اسال نفسك هل بيئتي تدعمني؟ ، وتخلص من كل شيء وكل شخص يستنزفك (فكر بها كثيراً).
5. استكشف معتقداتك الأساسية وأعد تشكيلها من جديد ، ستحبها.
6. التزم بالحب الذاتي والرعاية الذاتية.
وفي نهاية ما وصلنا إليه حاول أن تمون لنفسك كل شيء، كن دعماً لذاتك، محباً لوجودك، راضياً بمقدرتك ساعياً للأفضل، حاول تقبل ذاتك كما هي وأغدق عليها الحب والامتنان دون البزخ والمبالغة، كن عوناً لها ولاتكن عوناً عليها
# سفيربرس _ بقلم : الدكتورة غالية اسعيّد.