إعلان
إعلان

وتر الكلام ..وحدها لا تكفي..!.بقلم : سعاد زاهر

#سفيربرس

إعلان

«غريبة تماما» ظهيرة نهار دمشقي ربيعي، تمشي بسرعة كأنها هاربة من كل شيء، تنفض عن روحها بقايا غياب لم يطل، ولكنه على مايبدو بدلها كلياً.
لاتزال محملة بأحاسيس كل الأمكنة التي زارتها مؤخراً، حاملة معها ذكريات لاتترك مكاناً إلا وتخوض معه مقارنة لاتجدي.
وهي تنزلق يساراً باتجاه الشارع المفضي إلى مقهى الهافانا، التقطت روائح الطعام السريع، ولم تستغرب التدافع لأخذ أطعمة تطهى على عجل.
حين لمحت أحد الروائيين الذي انتقل من الإعلام إلى الكتابة الروائية باكراً، كان الأوان قد فات لإلقاء التحية عليه.
لم تستفق من شرودها إلى أن أصبحت قرب سينما الكندي، وتذكرت من هنا عبرت كل أسابيع الأيام السينمائية، وتذوقناها بمتعة غريبة.
اليوم لانفتقد فقط تلك الأسابيع، بل نادراً ما ننتبه إلى وجودها، ونحن نمضي على عجل باتجاه أشغالنا..
وسط البلد، في تلك الدائرة التي تتوسط دمشق، قرب المحافظة والبرلمان، منطقة مفتوحة على طرقات متعددة شارع الحمراء والصالحية وقريباً منهما حي الشعلان الدمشقي العريق..
ولكن سابقاً كان يتوج هذه الأمكنة الاستراتيجية،مسرحا القباني والحمراء وبالقرب منهما سينما السفراء، وحين نمضي إلى الأمام قليلاً تتموضع سينما الشام بأبوابها الموصدة وحزنها الغريب..
صحيح أن المسرحين احتضنا مؤخراً احتفاليات يوم المسرح العالمي، ولكن سينما الشام منذ دهر لم نسمع أي صوت سينمائي يصدر منها..
سينما من نوع آخر بات كل من يقطن دمشق يعشها يومياً، ما إن تحتك مع أحدهم، حتى تنتبه إلى أنك لو أتقنت نقل حكايته سوف يشك المشاهد إن كانت واقعاً أو خيالاً؟!
ومابين واقع لم نتوقع أن نعشه يوماً، وأمنيات عقيمة تحلم بانتهاء أزماتنا التي تنغص جميع لحظاتنا..
تمضي دمشق وقتها معنا، تهدهد علينا مع أنها في نهار ربيعي إلا أنها ترتدي وشاحاً رمادياً، ما أن تحاول نزعه حتى تكتشف أن دموعها تحاصرها، وأوجاعها أنهكتها..
دمشق لاتشبه اي مدينة عرفتها، أو ستعرفها يوماً، هي فيها مزيج من كل شيء، معاصر وتاريخي وطبيعة جمالها لا يفتر..تشبه حبك القابع فيك منذ الأزل، لاشيء قادراً على زحزحته.
كل المدن تغار من دمشق، وهاهي اليوم حائرة من صلابتها الناعمة..
مر عليها وقت الرماد انتشر في كل شوارعها، وهاهي اليوم تحاول نثره، محتفظة بصوت الربح عله يقيها هبوب العواصف المقبلة، مدركة في أعماقها أنه وحده لا يكفي!!

#سفيربرس _ بقلم  : سعاد زاهر 

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *