إعلان
إعلان

الفنان العالمي سبهان آدم: براءتي لا تتحمّل إجرام هذا العالم..

#سفيربرس _ حوار _ لميس علي

إعلان

منذ أشهر، تابعت المحتوى الذي يقدّمه على مواقع التواصل..
ثمة شيءٌ مختلف.. وربما تصل درجة الاختلاف لديه إلى مرحلة الاستفزاز لكنه الاستفزاز الذي يجذبك ويطرح بوابة واسعة وكبيرة من تساؤلات لا تهدأ..
فكان اللقاء والحصول على (دردشة) لافتة.. متميزة.. فيها الجريء والمختلف.. والأهم البراءة بعمقها الإنساني والإبداعي، التي ليس من السهل أن تُبصرها عبر منتجه، لكن عبر حضوره وحديثه..
سبهان آدم.. (رائد معاصر ورمز نخبوي طليعي لمرحلة استشرس فيها أهل الغفلة).. اسم له خصوصيته المتفرّدة في عالم الفن التشكيلي ليس على الساحة المحلية فحسب، بل والعالمية أيضاً.. خصوصية مكّنته من اكتساب “نبرة ثقة”.. ليست سوى صيغة جمالية تُضاف إلى عوالم الإبداع التي تُمهر بريشته/لوحته وحدها.
عبر كلماته، كانت محاولة فك ألغاز ما يقدّم، فجاءت إثارة الأفكار التالية:
-أول ما لفتني باسم “سبهان آدم” كيفية تقديم نفسك على فيسبوك، وثمة طريقة مختلفة على يوتيوب.. تطرح أشياء لا أعلم إن كنت تبتغي استفزاز المتلقي عبرها.. ونعلم أن الفن يطرح علامات استفهام، وأنت تكثّف هذه العلامات بطريقة الاستفزاز التي تقدّم ضمنها منتجك، فكيف تتمنى أن يصل إلى المتلقي.. ولماذا هذا الكم من الاستفزاز..؟
=بالأساس، كان المشروع بصرياً.. هي لوحة واللوحة عمل صامت. طوال( 2٠) عاماً هو عمل لا يوجد ضمنه أي كلام.. وأنا لا أظهر للجمهور.. لا أظهر بمعارضي.. ولا أحبّ أن أكون ضمن جماعة أو حتى أي قطيع.. أحبّ أن أكون لوحدي، منعزلاً، أو متفرداً. لوحتي بحدّ ذاتها إشكالية ومستفِزة.. وهي ضد.. وهي لا.. هي ضد أن تكون مع جماعة أو شريكاً مع أحد. تأخذ جزءاً من حياتي وأسلوبي. وأعتبر نفسي صاحب مزاج ومطلوب بعملي أن يكون الإنسان متمرداً كبيراً وأن يكون مستفِزاً أو إشكالياً حتى يبني حالة جديدة.. وهذا أمر متطلب. ولا أنظر لعملي على أنه موجهٌ لمنطقة جغرافية محدّدة. أتوجّه للإنسان.. للتاريخ الإنساني.. من الصعب أن يتم حصري بمنطقة صغيرة كممارسة ثقافية أو كوعي.
-عندما أنظر للوحتك أتذكر أزهار الشر لبودلير، وأتذكر شيئاً من جماليات القبح.. هذه الثنائيات (جميل وبشع)، (أنسي وجني)، (شيطاني وآدمي)، كيف تصنع انسجاماً بين هذه المتناقضات..؟
=أعتبر مصطلح جماليات القبح تعبيراً مصغّراً وغير دقيق بالتعبير عن تجربتي. وإذا كان الأمر كذلك فكل شيء في تاريخ الفن الحديث يخضع لجماليات القبح، وهي تسميات أولاً يمكن أن تخضع لمنطق المافيا، بمعنى لبعض النقاد والصّالات الذين يحاولون تحجيم تجربتي.. يصوّرونها قاسية أو عنيفة أو مشوّهة.. وأنا ضد هذه التسميات.
-لا أتحدث عن تسميات إنما عمّا أشعر به عندما أنظر للوحتك، ماذا يتبادر لذهني..؟
=أعلم.
الجميع تحدّث عن جماليات القبح منذ عشر سنوات أو أكثر. أنا ضد هذه التسمية، وحتى لو خضع عملي لهذا الاعتبار فهو إشكالي. وكلٌ يرى كما يرى.. لكن أنا لا أرى ذات الشيء.
-تمّ توصيفك بأنك فنان مثيرٌ للجدل، وأنا هنا أقتبس من إحدى المقالات (عدم اكتراثك بأن تنشئ نصاً فنياً يلاقي استحسان أحدٍ آخر غيرك)..؟
=طبيعي هذا الكلام.
-وتقول أيضاً (كائناتي لا تُرى من حيث أنا، بل من حيث الآخر. فالكائنات التي أرسمها ربما تسبّب للآخر المتعة أما أنا فأتألم كلّما شاهدتها)..؟
=أتألّم بمعنى أني حتى أنجز اللوحة بعد مرور عشرين أو خمس وعشرين سنة، تكون مرّت بمراحل قاسية جداً فيها من الكسر والإحباط وعدم الجدوى وعدم الأمل.. فيها مراحل متعددة.. الآخر يراها كلحظة أما أنا فأراها ممتدة عبر 25 سنة من الآلام المبرحة.. آلام اللاشيء حتى وُجدت.. آلام الصعود.. كل هذه الأشياء مرّت بقسوة.. شيء لا يصدّقه عقل ولاأزال حتى اللحظة أعاني من هذه القسوة والألم.
بالنسبة للجانب المادي والشهرة يختلف الأمر، أما بالنسبة لإنجاز اللوحة فتاريخها مريضٌ ومستمر مرضه حتى اللحظة.. أنا أكفر بهذا العالم السافل بكل مترادفاته وبكل وجوده، ولدي حالة شكّ تجاه هذا العالم.
-بالنسبة للفيديوهات على يوتيوب، يوجد ما يشبه محترف فني يجمع كافة الفنون، هل هو مشروع..؟
=أحبّ هذه الأجواء وأشجع عليها بما فيها من غناء ورقص تعبيري.
بكل ما أقوم به أحاول أن أظهر خمسة بالمئة من داخلي.. حتى إن كان لدى أحدهم أفكار مشوّشة تجاه سبهان آدم فممكن أن تصبح عنده نظرة أو فكرة أني شخص لديه براءة، طفولة.. يوجد لديه نوع من الخيال.. التصوف.. متعدد الأقطاب.. فلغتي ليست للعوام أو السائبة.. لغتي ذاتية وخاصة جداً تتوجّه لنخبة النخبة.
-كل ما تنتجه لا يُعبّر سوى عن (5) بالمئة من سبهان آدم..؟
=طبعاً فقط (٥) بالمئة.
لا شكّ أن ثمة نوعاً من المانع الاجتماعي أو السياسي أو أي (تابو)، فنحن ضمن مجتمع.. لكن بنفس الوقت لو أردت أن أقول شيئاً فأريد أن أشتم.. لن أتوقف عن شتيمة هذا العالم لمدة مليار عام ولن أكتفي.
-ممكن أن تكون اللوحة شتيمة في وجه هذا العالم..؟
=هي شتيمة أو هي كشف للظلم في هذه الحياة أو هذا العفن أو هذا التسوس الذي لا علاج له في هذا العالم كله.. أنا أرسم للخواء.. أرسم لبشر ليسوا من سكان هذا الكوكب.. العالم مجرم وبراءتي لا تتحمّل إجرام هذا العالم.
-في حسابك على يوتيوب ثمة فيديو بعنوان (جغرافيا البطر)، والسؤال: كل فنان أصاب الشهرة والنجاح هل يجعله ذلك “بطران” وكم هذا الشيء يصيب الحقيقة لديك..؟
=الحديث ضمن الفيديو كان ارتجالياً وعفوياً وللحقيقة لا يُعرف ما سأقول.
حين يوجد بطر يُلغى الشغف.. أقصد المحرّض، الحاجة المولّدة للشغف. حالياً أي شيء أرسمه يُباع وهذا يولّد بطراً.. أما شاب آخر يجتهد في عمليه يبذل جهوداً في تفاصيل هائلة لديه حالة إثبات وجود.. أما بالنسبة لي فإثبات الوجود محقق سابقاً.. تجاوزت الاعتراف واللااعتراف النقد واللانقد. لست عضواً في النقابة ولا أحد له فضل عليّ.. أحمل شهادة الإعدادية وجئت من بيئة خاصة جداً وما أنا عليه بجهدي وعملي.
-ما العلامة الفارقة بمسيرتك الفنية..؟
=عملت بجهود هائلة وفردية.. يوجد أشخاص مهمّون ظهروا بالمسيرة الشخصية، مثل أدونيس فثمة كتاب مشترك معه.. وأنطون مقدسي له فضلٌ بالبداية.. هؤلاء مشجعون وكائنات نورانية تظهر بمسيرة مظلمة يدفعونك للأمام والدفع من الممكن أن يتمّ عن طريق مقال أو كتابة رؤية.. بالإضافة لأشخاص آخرين طبعاً، إن كانوا أصحاب مجموعات فنية او أصحاب “جاليري” يقومون بدفع الشخص للأمام.
-تقول: (الحكمة تتطلب الاستفزاز والمشاكسة الأبدية)، إذاً أنت مشاكسٌ عبر فنك لكن لأي درجة.. ألا يوجد حدود..؟
=ثمة أعمالٌ من الصعب إنجازها والقيام بها.. من الممكن أن يكون المجتمع لا يسمح.. وإن نفّذتها يكون ذلك سرّاً بشكل ذاتي، مثلاً أنجز أعمالاً تمتلئ بالشتائم لكن لا أعرضها علانيةً.. فقط يوجد رغبة لتنفيذها.
من يحب أعمالي يُفترض أن يشبهني.. بمعنى أن يكون متمرداً لديه إشكالية مع المجتمع.. لديه أمراضه.
-إذاً كم تمثّل اللوحة علاجاً.. وكم تعدّل مزاجك..؟
=تعالجني أولاً. بعيداً عن موضوع النجاح والشهرة وبيع اللوحات فأنا أعالج نفسي.
الرسم بدأ هروباً من المجتمع، من الغوغاء، ومن القطيع.. فرض حالة انعزالية خاصة كي أرسم أحلامي.. فيما بعد صارت مهنة.. شاهدوا أعمالي وأحبوها فدفعوا لقاءها نقوداً وهكذا بدأت القصة ما أدّى لوجود معارض وبيع. الشهرة لم تتركني بعزلتي.
-هي ضريبة الشهرة..
=لم يكن الهدف الشهرة.. إنما الحفاظ على “الرتم الانعزالي”.. فأي عمل إبداعي هو تفريغٌ لطاقة الإنسان بالدرجة الأولى.. لرؤيته تجاه العالم سواء كانت إيجابية أم سلبية شيطانية أو العكس.. لا أرسم كي يقول الغوغاء (جميلاً أم غير جميل).. البعض يعتقد أني أقيم معارضي لأجلهم.. هم بالأصل خارج المعادلة. وبالأساس أنا رابح لهذه المعادلة بغض النظر عنهم.. أكسبها لأجلي.. فأنا أرسم لذاتي.. لأجل نفسي.
-هل سيكون جوابك هو ذاته لو لم لديك هذا التاريخ من النجاح والشهرة..؟
=صعب جداً أن أقول ذات الكلام.. لكن الآن أصبح لدي ركيزة.. بمعنى أحكي دون اهتمام برأي الغير.
بالنتيجة وظيفتي في هذه الحياة هي الرسم.. ليس لدي مهنة أخرى.. مجرد رسام. لا أشعل فتناً.. ولست ابن سلالة ملكية وليس لدي أسلحة أو نفط حتى أغير شيئاً.. أنا مجرد رسام.
-هل من كلمة أخيرة ترغب بقولها..؟
=أحبّ الناس المتمرّدين.. مثل جان جينيه، محمد شكري.. أي أحد يقول لا في وجه هذا العالم حتى لو كان لاعب كرة قدم.. أو أي إنسان بسيط يعبّر عن رأيه بأريحية، أرفع له القبعة.

#سفيربرس _ حوار _ لميس علي

إعلان
إعلان

رئيس التحرير

محمود أحمد الجدوع: رئيس تحرير صحيفة سفير برس. صحيفة سورية إلكترونية، يديرها ويحررها فريق متطوع يضم نخبة من المثقفين العاملين في مجال الإعلام على مختلف أطيافه, وعلى امتداد مساحة الوطن العربي والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *